أسماء بن العربي تكتب : حسابتنا على مواقع التواصل لا تشبهنا

مواقع التواصل لم تعد عالما افتراضيا، بل أصبحت واقعا يفرض نفسه، نمضي فيها أوقاتا طويلة نفتقد من يغيب ونتشارك بعض الأفراح والأحزان. نحمل مشاعر لأشخاص لم نرهم يوما في الواقع ولا نعرفهم إلا من خلال ما ينشرون.
العديد منا ينقل الصداقات من شاشة الحاسوب إلى أرض الواقع، وفي أحيان كثيرة نجد أن تلك الصورة التي رسمناها لذلك الشخص من خلال كتاباته ومواقفه وآرائه تتطابق مع ما يعيشه ويؤمن به، وفي أحيان أخرى نجدها تختلف تماما عن شخصيته الحقيقية وأفكاره وقناعته، وهذا يدفعنا لطرح العديد من التساؤلات، ما الذي يدفع بعض الأشخاص إلى تبني أفكار لا يؤمنون بها ويدافعون عنها؟ هل هو هوس اللايكات والبحث عن الشهرة وخلق “Buzz” الذي يجعلنا ننسلخ عن أفكارنا ؟ كيف يعيش هؤلاء بشخصية على مواقع التواصل وشخصية أخرى في الواقع؟ كيف لشخص لا يستطيع حتى التعايش مع نفسه والتصالح مع ذاته وأفكاره أن يحاول التأثير على الاخرين من خلال مواقع التواصل؟
قد نتقبل الأمر إذا كان الشخص صغيرا في السن ومقيدا بقيود إجتماعية يتحرر منها في العالم الافتراضي فقط، وقد تتغير أفكاره بتغير الأحداث ومرور الوقت ، لكن ما يصعب تقبله هو عندما يتعلق الأمر بشخصية عمومية، تنظر في مواضيع عديدة ولها متابعين، في حين انا كل ماتكتبه وتدعو له لا يمثلها. هل هذا راجع إلى ضعف في الشخصية أو فقط محاولات لركوب موجة والسباحة مع التيار؟ لا يمكن أن تكون شخصا سويا وشعاراتك لا تشبهك، لايمكن أن تدعو للتحرر وأنت لم تستطع أن تتحرر من إحدى شخصياتك وتعيش بشخصية مزدوجة، لا يمكن أن تظهر أنك مثقفا على مواقع التواصل و في الواقع تناقش تفاهات تتنافى مع أبجديات الثقافة.

يجب أن تكون أنت واقعا وافتراضيا، وكان نزار قباني صادقا عندما قال : «لماذا نحن مزدوجون إحساسا وتفكيرا؟/ لماذا نحن أرضيون.. تحتيون../ نخشى الشمس والنورا؟/ لماذا أهل بلدتنا يمزقهم تناقضهم؟/ ففي ساعات يقظتهم، يسبّون الضفائر والتنانيرا/ وحين الليل يطويهم/ يضمّون التصاويرا!».
فلنتصالح مع ذواتنا ونتقبل أفكارنا قبل أن نتصالح مع الاخر ونتعايش معه، فلتكن حساباتنا على مواقع التواصل صورة حقيقية لنا. فنحن في حاجة لأن نكون صادقين مع أنفسنا قبل أن نكون صادقين مع الاخرين.

Total
0
Shares
المنشورات ذات الصلة