أبو حفص: الدولة والحركات الإسلامية مسؤولان على نشر الفكر السلفي المتطرف

حمّل محمد عبد الوهاب رفيقي، المعروف بأبو حفص، الدولة ومعها الحركات الإسلامية، مسؤولية نشر الفكر المتطرف والسلفية الجهادية، عبر فتح المجال للمشايخ السلفيين وكتب فكر الوهابية السعودية لغزو المجتمع المغربي، وتدمير جيل كامل اعتنق فكرة الجهاد الإسلامي، حسب ما جاء في صحيفة “آخر ساعة” في عددها الصادر اليوم الاثنين.

وقال أبو حفص، خلال شهادة قدمها في حفل توقيع كتاب “أقنعة التطرف: تجفيف منابع الراديكالية”، الذي أنجزه الصحافيان محمد سموني وهشام حذيفة باللغتين العربية والفرنسية، إن الدولة والحركات الإسلامية بالمغرب التي صعدت اليوم إلى الحكومة، هي من حرضت الشباب المغربي على اعتناق الفكر المتطرف والجهاد الأفغاني من أجل مصلحتها، مدمرة بذلك جيلا بأكمله وأربكت حياته، حيث قال في هذا الصدد “كنت ما أزال طفلا أتلقى الأفكار كما هي وأتأثر بها خاصة أنها كانت حماسية وعاطفية، وشاركت فيها حتى الحركات الإسلامية، لأن الذي كان يشجع على الذهاب إلى أفغانستان، ويقيم المهرجانات الخطابية، هم الحركات الإسلامية، الذين اليوم هم أنفسهم في الحكومة، وهم من شجعوا الشباب للذهاب إلى أفغانستان وحرضوهم على الجهاد”، في إشارة إلى حركة التوحيد والإصلاح.

وأوضح أبو حفص، وهو يسرد تجربته الخاصة، مسؤولية الدولة في انتشار الفكر السلفي المتشدد في أواسط الشباب، بل وتحريضهم لاعتناقه، من خلال استدعائها لأدبيات الفكر الوهابي واستقطاب شيوخه من أجل مصالحها السياسية، المتمثلة في محاربة اليسار، ومحاربة الشيعة بعد ثورة الخميني، ثم محاربة جماعة العدل والإحسان في فترة أخرى، مضيفا “فاستدعت هذا الفكر لمحاربة هاته التيارات، دون أن يهمها أن تحرق جيلا بأكمله، خصوصا أن هذا الفكر الوافد كان أقوى تأثيرا من فكر المدرسة”، مؤكدا أن المدرسة العمومية، لم تكن قادرة على مواجهة الفكر الوهابي، الذي قتل مفهوم الوطنية في جيل بأكمله، لم تستطع مادة التربية الوطنية المدرجة في المقرر التعليمي، حمايته وتجنيبه التشبع بأفكار تلقاها داخل مؤسسات الدولة عن طريق المساجد التابعة لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، حيث كانوا يعتبرون تلك المادة “تربية وثنية، وأن الحدود مصطنعة أقامها المستعمر بموجب اتفاقية سايس بيكو، وبالتالي لا يجب الاعتراف بها، مقابل الاعتراف بمفهوم الأمة الإسلامية والوحدة الإسلامية والدولة الإسلامية، أما الوطنية فماهي إلا بدعة أقامها المستعمر لتفرقة المسلمين”.

وتساءل رفيقي، في معرض شهادته، عن أين هي الدولة والسياسات العمومية، أمام هذا الفكر الذي كان أكثر إغراء من المدرسة العمومية؟، وكيف سمحت لشيوخ اكتشف في ما بعد أنهم كانوا يتقاضون شهريات من الدولة السعودية، مقابل تربية أطفال في الثامنة والعاشرة من العمر به، على السلفية الجهادية والسلفية المتشددة، وإرباك حياتهم وكذا قتل أي انتماء للوطنية فيهم؟ ضاربا المثل بأسرته التي تحولت من أسرة عادية تنتمي للطبقة المتوسطة، يعمل الأب موظفا في وزارة الصحة والأم موظفة في خطوط الطيران المغربي، إلى أسرة تعيش في بيئة سلفية، وطفل متميز في جميع المواد خاصة العلمية منها، يوجّه للدراسات الدينية، وإلى أصغر سلفي جهادي في المغرب مع ظهور ما سمي بـ”الجهاد الأفغاني كواجب وفرض عين”، نظرا لارتباطهم بشيوخ السلفية بعد رحلة حج قام بها الأب، مضيفا “كيف يعقل.. أنا طفل نمشي للسفارة الباكستانية بوحدي ويعطيوني جواز السفر ويطبعو لي التأشيرة، ونشد رحلة فيها 20 ساعة من المغرب الى باكستان ومنها إلى أدغال افغانستان ونشوف السلاح والقصف والكهوف ونرجع عادي ندخل المدرسة العمومية، وكأني كنت في عطلة صيفية”.

من جهة أخرى، أكد أبو حفص، على إيمانه بوجود إسلام مغربي، يتعين التأسيس له، إسلام قال إنه متصالح مع بيئته وخصوصيته ومجتمعه، عكس الإسلام المشرقي، الذي فضل وصفه بـ”الإسلام البدوي أو النجدي نسبة إلى نجد”، هذا الإسلام الذي أحدث صداما داخل المجتمع المغربي خاصة المتدينين فيه، على اعتبار أنه “الإسلام الحقيقي وأن ما عداه من تنزيلات الإسلام على بيئة أخرى كله بدع وضلال، وبالتالي إقامة مجتمع آخر مواز للمجتمع المغربي لا يتلاءم مع البيئة والخصوصية المغربية”.

Total
0
Shares
المنشورات ذات الصلة