مهرجان طنجة… 18 سنة من الهواية

بلغ المهرجان الوطني للفيلم بطنجة دورته 18، وما يزال هاويا. 18 سنة لم تكن كافية للانتقال بواحد من أهم الأحداث الثقافية الوطنية إلى مرحلة الاحتراف. بل أكثر من ذلك، تراجع إشعاعه الإعلامي في السنوات الأخيرة، إلى درجة أن سكان طنجة أنفسهم، ليسوا على علم باحتضان مدينتهم لهذا المهرجان السينمائي الذي أصبح يمر مرور الكرام، في وقت كان بمثابة عرس سينمائي كبير “العادي والبادي كا يسيق ليه لخبار”.
المركز السينمائي المغربي، المنظم للمهرجان، يقوم بكل شيء يتعلق به، من التدبير المالي إلى “تانكافت”، مع أن الاستعانة بوكالات متخصصة في التنظيم وفي العلاقات مع الصحافة، لا يمكن أن تكون نوعا من الترف بالنسبة إلى تظاهرة فنية بحجم مهرجان طنجة، بل ضرورة وأولوية.
وفي الوقت الذي كان المهرجان، طيلة فترة تنظيمه، يثير الجدل والنقاش الإعلامي حول نوعية الأفلام المعروضة وجودتها واستحقاقها للعرض، في حضور العديد من المنابر لتغطيته، أصبح التركيز في السنوات الأخيرة على الترويج فقط للحدث من قبل بعض “المحسوبين” عليه، وفق منطق “كولو العام زين”، الذي يحرص عليه جميع المدعوين إلى طنجة من فنانين وصحافيين ومخرجين ونقاد (مع بعض الاستثناءات القليلة طبعا)، والذين يفضل أغلبهم اللقاء في ما بينهم في حانات و”كباريهات” عروس الشمال، بدل تعذيب أنفسهم بمشاهدة أفلام أغلبها لا يرقى لمستوى العرض في مهرجان يحترم نفسه.
يعرض المهرجان هذه السنة 15 فيلما طويلا تم اختيارها من أصل 18 فيلما فقط، وهو رقم إن دل على شيء فعلى تراجع إنتاج الأفلام في السنوات الأخيرة. أما المستوى، فتكاد تجمع مصادر “الصباح” التي تحضر الدورة الحالية، على أنه هزيل جدا، مما يجعل سؤال المعايير المعتمدة في الدعم الذي يقدمه المركز، مشروعا جدا.
تغيب أيضا، خلال هذه الدورة، مثلما غابت في مهرجان مراكش الدولي للفيلم، أفلام سينمائية جديدة حظيت بدعم المركز السينمائي، لمخرجين وازنين في الساحة، ومثيرين للكثير من اللغط والجدل. وهي أفلام علمت “الصباح” أنها جاهزة لكن أصحابها يفضلون عرضها في مهرجانات أخرى، بدل مهرجان وطني “بهدلته” السنوات ورداءة التنظيم. ويتعلق الأمر بفيلم نور الدين لخماري “بورن آوت”، الذي أعلن مخرجه أنه سيخرج إلى القاعات في مارس، والفيلم الجديد لفوزي بنسعيدي الذي كان يطمح مخرجه المشاركة به في مهرجان برلين السينمائي، لكنه لم يكن حاضرا خلال دورته الأخيرة، ثم فيلم نرجس النجار الذي تعتقد مخرجته أن مشاركة الممثلة جولي غايي، “عشيقة” الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند، فيه، كفيلة بمنحه جواز المرور إلى مهرجان كبير مثل كان.
بدل هؤلاء، اختارت لجنة الانتقاء، التي يترأسها المخرج الكبير “سنا”، محمد عبد الرحمان التازي، أفلام مخرجين بعضهم لم يظهر أي تميز ممكن في تجارب سابقة، اللهم بعض الأسماء الواعدة مثل حكيم بلعباس وأحمد المعنوني وهشام العسري ومحمد أشاور.
وفي انتظار إعلان نتائج المهرجان الذي يختتم فعالياته السبت المقبل، لا يمكن إلا قراءة الفاتحة على حدث فني من أهم أدواره الرقي ب”السوليما” المغربية والنقاش المطروح حولها، دورة بعد دورة، لكنه بدل ذلك، يكتفي كل سنة بتنظيم “نفسه”، وكأن الأمر يتعلق بواجب ثقيل يقوم به “والسلام”.
نورا الفواري عن جريدة الصباح

Total
0
Shares
المنشورات ذات الصلة