بنك المغرب يؤكد التأثيرات السلبية للفراغ الحكومي على الاقتصاد

أكد عبد اللطيف الجواهري، والي بنك المغرب، أن التأخر الحاصل في تشكيل الحكومة، يؤثر سلبا على الوضع الاقتصادي للمغرب، مبرزا، في ندوة صحفية عقدها مساء أول أمس الثلاثاء، عقب أول اجتماع فصلي لمجلس بنك المغرب خلال السنة الجارية 2017، أنه من الطبيعي إذا تم تسجيل تأخر في إنجاز المشاريع والصفقات العمومية وفي تنفيذ البرامج الاستثمارية أن يكون لذلك وقع على النمو، وفق ما جاء في صحيفة “آخر ساعة” في عدد الخميس.

من جهة أخرى، رصد الجواهري تنامي بطالة الشباب بوتيرة مقلقة، مؤكدا أن مستويات البطالة لدى الشريحة العمرية المتأرجحة بين 15 و24 سنة، ارتفعت من 39 في المائة سنة 2015، إلى 41 في المائة سنة 2016.

وسجل الجواهري فقدان 37 ألف منصب شغل في السنة الماضية، وانخفاضا ملموسا في معدل النشاط، متوقعا أن يستعيد الأخير عافيته بفضل تحسن الظروف المناخية والطلب الخارجي.

في السياق نفسه، أعلن الجواهري أن بنك المغرب قرر الإبقاء على سعر الفائدة الرئيسي في نسبة 2.25 في المائة، بالنظر إلى توقع التضخم والتطورات الماكرو اقتصادية الأخيرة المتوقعة على المدى المتوسط، معتبرا أن المستوى الحالي لسعر الفائدة ما يزال يوفر ظروفا نقدية مُواتية.

وأشار والي بنك المغرب إلى أن توقعات السنة الجارية تشير إلى ارتفاع إنتاج الحبوب، ليصل إلى 78 مليون قنطار، ونمو القيمة المضافة الفلاحية بنسبة 11.5 في المائة. وتوقع الجواهري أن تصل نسبة النمو خلال السنة الجارية إلى 4.3 في المائة، بفضل الموسم الفلاحي الجيد، والارتفاع المتوقع للناتج الداخلي الإجمالي غير الفلاحي بـ 3.4 في المائة، وأشار إلى أن نسبة النمو لم تتجاوز 1.1 في المائة خلال السنة الماضية 2016، بعدما كانت في حدود 4.5 في المائة سنة 2015.

وسجل البنك المركزي أن التضخم استقر في 1.6 في المائة خلال سنة 2016، انسجاما مع توقعاته، وأن التضخم في شهر يناير الماضي بلغ 2.1 في المائة، مع ارتفاع بالخصوص في أسعار الوقود وزيوت التشحيم بنسبة 19.4 في المائة، وتسارع التضخم الأساسي إلى نسبة 1.2 في المائة. وتوقع البنك أن يبقى التضخم معتدلا على المدى المتوسط، إذ من المرتقب أن يتراجع إلى 1.1 في المائة في سنة 2017، ارتباطا بتبدد تأثير الصدمات على أسعار المنتجات الغذائية المتقلبة الأثمان، قبل أن يرتفع إلى 1.7 في المائة في سنة 2018.

وبخصوص المالية العمومية، رصد بنك المغرب عجزا في الميزانية بلغت نسبته في السنة الماضية 42 مليار درهم، أي ما يعادل 4.2 في المائة من الناتج الداخلي الإجمالي، متجاوزا ما كان مبرمجا في قانون المالية بمقدار 5.5 ملايير درهم، أي 0.7 في المائة من الناتج الداخلي الإجمالي. ويعزى هذا التطور، بحسب المصدر نفسه، إلى تسارع نفقات الاستثمار وتسديد مبالغ مهمة نسبيا، من تسبيقات الضريبة على القيمة المضافة وتحصيل مبالغ أقل مما كان متوقعا من هبات مجلس التعاون الخليجي. ويتوقع بنك المغرب أن يصل نسبة عجز الميزانية إلى 3.7 في المائة خلال السنة الجارية، ويتراجع إلى 3.4 في المائة سنة 2018.

وسجل بنك المغرب تفاقما في العجز التجاري بنسبة 18.2 في المائة في سنة 2016، بسبب ارتفاع مقتنيات سلع التجهيز وتدني مبيعات الفوسفاط. ورجح البنك المركزي أن يتراجع عجز الحساب الجاري إلى 3.3 في المائة من الناتج الداخلي الإجمالي خلال السنة الجارية، وإلى 3.5 في المائة في سنة 2018، مع فرضية بلوغ متوسط سعر النفط 54.6 دولارا للبرميل في 2017، و55.3 دولارا للبرميل في 2018، وتحيل مبلغ 8 ملايير درهم سنويا من هبات شركاء المغرب في مجلس التعاون الخليجي.

ومع افتراض استمرار تدفق الاستثمارات الأجنبية المباشرة، في مستوى شبيه بما تم تسجيله في السنوات الأخيرة، توقع بنك المغرب أن يتواصل ارتفاع الاحتياطات الدولية الصافية، لكن بوتيرة أقل اطرادا من تلك المتوقعة في دجنبر الماضي، إذ ينتظر أن تغطي 6 شهور و17 يوما من الواردات مع نهاية 2017، و6 شهور و20 يوما بنهاية 2018.

في السياق نفسه، نفى والي بنك المغرب أن يكون قرار المغرب، القاضي بتحرير سعر صرف الدرهم، خاضعا لإملاءات صندوق النقد الدولي، مؤكدا أن القرار نابع من قناعة المغرب بجدواه لتفادي الصدمات الخارجية التي تحدث بوتيرة أقوى.

وقال الجواهري إنه “لا يستقيم ولا يعقل أن يلجأ المغرب إلى تحرير سعر صرف الدرهم، تنفيذا لقرار المؤسسات المالية الدولية”، مضيفا أن “من يدعي ذلك ينكر الكفاءات التي يزخر بها المغرب، والتي كان لها الفضل في الدفع نحو تبني القرار وتقدير المخاطر والإيجابيات، في ظل التقلبات غير المسبوقة في السوق الدولية”.

وكشف الجواهري في هذا الصدد أن بنك المغرب كان سباقا إلى اعتماد دراسة في الموضوع منذ 2010، وأنه لم يتخذ القرار في فترة الأزمنة، على غرار العديد من البلدان الأخرى، مثل مصر وتركيا والمكسيك. وأكد أن المغرب رفض تطبيق تحرير سعر الدرهم بداية من السنة الجارية، رغم أن صندوق النقد الدولي يعتبر أن المغرب جاهز لتطبيق القرار “لكننا قررنا التريث إلى غاية أن نتأكد من مدى قابلية هذا النظام للتحقق”، يقول الجواهري، الذي استبعد وجود مخاطر جراء تحرير سعر صرف الدرهم، مُشددا على أن “المغرب اختار تطبيق هذا القرار، في سياق التحولات السياسية والاقتصادية التي يعيشها، والاستقرار السياسي الذي يميزه وانفتاحه على أسواق جديدة بإفريقيا، وتنوع شركائه وخلق قطب مالي بالدارالبيضاء”.

Total
0
Shares
المنشورات ذات الصلة