نجا من الحرب فمات في حريق لندن

وصل إلى لندن هاربا من الحرب والدمار في سوريا، وظن أنه أصبح في أمان؛ لكن اللاجئ السوري محمد حاج علي لم يعرف أن الموت يتربص به في الطابق الـ 14 من برج “غرينفيل” السكني، وأنه سيكون أحد ضحايا كارثة الحريق التي التهمت البرج.
مثل كثير من الشباب السوريين، هرب محمد حاج علي (23 عاما) مع شقيقيه عمر وهاشم من جحيم الحرب في بلاده يبحث عن الأمان في مدينة الضباب، لكنه لم يكن يعلم أن الموت يتربص به في الطابق الرابع عشر من برج لندن، الذي كان يظنه آمنا ويستيطع بدء حياة جديدة من هناك.
اللاجئ السوري محمد حاج علي كان من بين ضحايا كارثة حريق برج “غرينفيل” السكني في لندن، والذين وصل عددهم إلى 79 شخصا؛ وتعد أسوأ كارثة حريق تشهدها بريطانيا بعد الحرب العالمية الثانية.

 الحلم بالعودة والمشاركة في إعادة الإعمار

محمد هرب عام 2014 برفقة شقيقه عمر من أتون الحرب وشبح الموت الذي كان يلاحقه دائما في بلده، وانطلق في رحلة لجوء مثل غيره من اللاجئين؛ واجه خلالها العذاب وشبح الموت الذي كان يحوم فوقه والآخرين. بعد رحلة طويلة وشاقة وصل إلى بريطانيا التي منحته حق اللجوء وبدأ محمد يشعر بالأمان والاستقرار، ويستطيع التفكير بهدوء في مستقبله وبدء حياة جديدة في لندن، من دون أن ينسى بلده سوريا وأهله هناك.

منذ بداية وصوله واستقراره في لندن عمل بجد وكان لديه طموح في متابعة تحصيله العلمي ودخول الجامعة، فكان له ذلك حيث بدأ دراسة الهندسة المدنية في جامعة لندن، أملا في أن يعود يوما ما إلى سوريا ويساهم في إعادة البناء.
الحريق الذي شب في برج لندن يوم الأربعاء (14 يونيو/ حزيران) انتشر بسرعة في المبنى والتهم طابقا تلو الآخر، حتى وصلت النيران إلى الطابق الرابع عشر حيث كان محمد ويحاول الاحتماء منها، بعد أن فشل في الهروب عبر سلم الطوارئ مع شقيقه الأكبر عمر فمات مختنقا بالدخان الكثيف؛ وقد حاول رجال الإطفاء الوصول إليه لكنهم لم يستطيعوا تجاوز الطابق الثالث عشر، ربما كان قد نجا لو أمهله الموت بعض الوقت ووصل رجال الإطفاء إليه وأنقذوه.

 التضامن مع عائلة الضحية

وحين اندلع الحريق وحوصر في شقته، حاول الاتصال مع عائلته في سوريا، والتي لم يرها منذ مغادرته البلاد عام 2014، لكنه لم يستطع الاتصال بها؛ فاتصل بشقيقيه وأخبرهما أنه محاصر في الشقة ولا يستطيع الخروج. وكان محمد حاج علي أول ضحايا الحريق الذين تم التعرف علي هويتهم والإعلان عن موتهم في البرج.

أصدقاء محمد وخاصة في منظمة “حملة التضامن مع سوريا” التي كان محمد عضوا فيها، تأثروا كثيرا بوفاته ونعته المنظمة في بيان جاء فيه “خاض محمد رحلة هروب خطيرة من الحرب والموت في سوريا، ليواجهه هنا في منزله في بريطانيا. كان حلمه أن يكون قادرا يوما ما على العودة إلى بلاده وإعادة بناء سوريا”. ولتخفيف مصاب عائلة محمد في سوريا، أطلقت المنظمة حملة على الانترنت، جمعت خلالها أكثر من 80 ألف توقيع، تطالب السلطات البريطانية بمنح العائلة تأشيرة دخول إلى بريطانيا والمشاركة في تشييع جثمانه. وفعلا نجحت الحملة في مسعاها وحصلت العائلة على تأشيرة دخول إلى بريطانيا.

Total
0
Shares
المنشورات ذات الصلة