الدعوة بالرباط إلى الوقاية من تكريس وسائل الإعلام بشكل غير مقصود لظاهرة العنف ضد المرأة

حذر المتدخلون خلال ورشة عمل، نظمت مؤخرا بالرباط على مدى يومين، من تبعات تكريس وسائل الإعلام لظاهرة العنف ضد المرأة أو الصور النمطية المهينة لها ، والذي يتم غالبا بشكل غير مقصود.

وتوقف المشاركون، خلال اليوم الأول من هذه الورشة التي نظمتها وزارة الأسرة والتضامن والمساواة والتنمية الاجتماعية تحت شعار “المعالجة الإعلامية لظاهرة العنف ضد المرأة”، عند الآليات القانونية الوطنية والدولية الرامية إلى حماية صورة المرأة في الإعلام، والدور الذي تضطلع به الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري ومعايير مجلس أوروبا في تحسين هذه الصورة، في حين خصص اليوم الثاني لترويج بعض وسائل الإعلام لصورة نمطية عن المرأة لاسيما من خلال الإعلانات.

وتميزت هذه الورشة، التي جمعت ثلة من الصحفيين والناشطين، على الخصوص، بتقديم عرضين تفاعليين، قدمت الأول الخبيرة في مجال حقوق المرأة الفرنسية ناتاشا هنري، والتي استعرضت تجربة بلادها لتحسين صورة المرأة في وسائل الإعلام، والثاني قدمته الإيطالية مونيا أزاليني، من مرصد بافيا، والذي تضمن نماذجا عن ربورتاجات وأعمال كاميرا خفية بإيطاليا، فضلا عن ملصقات إعلانية تجسد بالملموس الصور النمطية التي تروجها بعض وسائل الإعلام الإيطالية عن المرأة.

وتعكس معظم هذه الصور تمثلات تقليدية أو ذكورية تختزل دور المرأة داخل المجتمع في الأعمال المنزلية، أو تروج لصورة تعكس تمييزا على اساس الجنس وذلك عن طريق استخدام جسد المرأة كدعامة إعلانية لأغراض تجارية بحتة.

وحظي العرضان بتفاعل كبير من قبل المشاركين الذين لم يتوانوا عن إثراء النقاش بآراء بناءة وأفكار مبتكرة في ما يتعلق بالتحسيس والتوصيات الرامية إلى تحسين صورة المرأة في وسائل الإعلام و العقليات .

وشكل هذا اللقاء أيضا فرصة لعرض أحدث البيانات الصادرة عن المرصد الوطني للعنف ضد النساء وتسليط الضوء على الإجراءات التي اتخذها من أجل حصر جميع حالات العنف اللفظي والجسدي والجنسي والاقتصادي ضد المرأة في مختلف جهات المملكة.

وسلطت ورشة العمل هذه أيضا الضوء على الآليات القانونية الوطنية والدولية ذات الصلة ، انطلاقا من إعلان اسطنبول مرورا بالإطار التشريعي الذي ينص على حقوق المرأة بالمغرب، فضلا عن مختلف النصوص التي تم اعتمادها والتعديلات التي تم إدخالها عليها لسد الثغرات القانونية والتي من شأنها أن تضمن للمرأة وضعا قانونيا يحترم حقوقها المجتمعية ويضمن لها حقوق الإنسان الأساسية، لاسيما في ما يخص الولوج إلى التعليم والشغل، والمشاركة في الشأن العام وفي عملية اتخاذ القرار.

وقد مكن هذا التكوين، الذي عرف حضور ممثلات عن مجلس أوروبا، أيضا من تدارس دور المجلس الأعلى للسمعي البصري بفرنسا، والذي يقوم بمهمة ضمان احترام حقوق المرأة في الاتصال السمعي البصري، من خلال تمثيلية منصفة للنساء والرجال في برامج خدمات الاتصال السمعي البصري ومكافحة الصور النمطية والأحكام المسبقة او الصور المهينة للمرأة، مع إيلاء أهمية خاصة لبرامج الأطفال، الذين أصبحوا يعتبرون كضحايا للعنف الزوجي.

و في سياق تقديم توصيات شدد المشاركون على ضرورة اعتماد سياسات عمومية جادة وحاسمة بهدف تغيير العقليات الذكورية والقضاء على كافة الأفكار المناهضة للنساء والمهينة لهن وذلك من خلال برامج مندمجة في مجال التعليم والمقررات الدراسية، والتي ستمكن من تحسين صورة المرأة داخل المجتمع.

كما دعوا وسائل الإعلام إلى أن تتدارس، بعناية فائقة، البرامج التي تنشر صورة نمطية عن المرأة، كما طالبوا بتنظيم تكوينات للصحفيين بهدف تحسيسهم بأهمية دورهم عندما يتعلق الأمر بترويج غير مقصود لرسائل تكرس التمييز بين الجنسين والعنف ضد المرأة.

كما دعوا الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري إلى القيام بمهمتها للمراقبة على أكمل وجه وعدم التسامح مع انتهاكات أي منبر أو وسيلة إعلامية مكتوبة أو إلكترونية لحقوق المرأة ، أو التسويق المقصود أو غير المقصود لصور مهينة للمرأة.

وذكروا أيضا بأن معظم التكوينات المتعلقة بمقاربة النوع أو العنف ضد المرأة أو المساواة غالبا ما تؤطرها نساء وتكون موجهة لهن أيضا مع مشاركة ضعيفة أو غياب تام للرجال، الشيء الذي يعكس ويعزز أكثر الإيديولوجية الذكورية، مشددين على ضرورة إشراك عدد من الرجال يوازي عدد النساء في هذا النوع من التكوينات، باعتبارهم، بصفة عامة، “الفاعلين” الرئيسيين في حالات العنف.

وعرفت هذه الورشة، التي تم تنظيمها بدعم من مجلس أوروبا، مشاركة العديد من الناشطات المغربيات في مجال المرأة وصحفيين من مختلف المنابر الإعلامية المغربية، ومسؤولين بالقطاعات المعنية، بالإضافة إلى خبراء من فرنسا وإيطاليا والذين ناقشوا العديد من القضايا المتعلقة بالمعالجة الإعلامية للعنف ضد المرأة.

Total
0
Shares
المنشورات ذات الصلة