صفقة نيمار مجنونة.. لكنها “علامة تجارية” لاستثمار طويل الأمد

نيمار أكثر من لاعب كرة قدم، فهو نجم على انستغرام وفيسبوك و”علامة تجارية”، وفي حسابات رجال الاقتصاد ليست صفقته الأغلى في كرة القدم، فهناك صفقات فاقتها سعراً قبل أكثر من عقد، كانت بتوقيع ريال مدريد.
لم تعد كرة القدم رياضة فقط، خصوصاً بعد فقاعات الأرقام الخيالية وأسعار خدمات اللاعبين التي ظهرت أخيراً، بل باتت سوقاً واقتصاداً قائماً بذاته. سوق تخضع لقواعد العرض والطلب والنوعية والتوزيع وما شابه ذلك من مبادئ، كأي سوق أخرى. وصفقة نيمار التي مازال يتحدث عنها العالم ما هي إلا صفقة في سوق، لكن ما قيمتها الحقيقية؟.

222 مليون يورو هي قيمة الشرط الجزائي لانتقال نيمار من برشلونة إلى باريس سان جيرمان، رقم كان الأكثر انتشاراً على محرك غوغل خلال الأسبوع الماضي، فلم يخلو موقع على الشبكة العنكبوتية من هذا الرقم، وهي أكثر من ضعف قيمة الشرط الجزائي لانتقال باول بوغبا العام الماضي من يوفنتوس تورين الإيطالي إلى مانشستر يونايتد الإنكليزي (105 مليون يورو)، حينها تحدث الجميع عن جنون عالم الكرة، واليوم يدور الحديث عن تجاوز مرحلة الجنون.

اقتصاديون بريطانيون حللوا صفقة نيمار بأبعاد اقتصادية بحتة ووصلوا إلى نتيجة مفادها أن الصفقة لم تكن بهذا الحد من الجنون، كما ظهر للجميع، بل إنها نسبياً ثالث أغلى صفقة، وليست الأغلى إطلاقاً. بيد أن طريقة حساباتهم مختلفة، فهي لا تعتمد على الرقم فقط، بل على عوامل أخرى.

أرباح النادي

حقق باريس سان جيرمان العام الماضي أرباحاً وصلت إلى 578 مليون يورو، وبهذا فإن قيمة نيمار تشكل 38 بالمائة فقط من هذه الأرباح. وفي حسابات نسبية بحتة، فإن صفقتي لويس فيغو وزين الدين زيدان عامي 200 و2001 هما أغلى بكثير. فقد انتقلا النجمان حينها إلى الفريق الملكي مقابل 62 و77 مليون يورو، أي ما يعادل 50 و45 بالمائة من أرباح النادي الملكي حين ذاك.

ورغم ذلك فإن الأندية بقيت مقتصدة في بيع وشراء خدمات اللاعبين. فمنذ صفقة زيدان وفيغو كانت قيمة 19 صفقة انتقال قد تجاوزت 60 مليون يورو، أربع حالات فقط مثلت 25 بالمائة من أرباح الأندية. فانتقال كريستانو رونالدو إلى ريال مدريد عام 2009 كلف النادي الملكي 21 بالمائة من أرباح النادي، غاريث بيل هو الآخر كلف ريال مدريد عام 2013، 18 بالمائة فقط من الأرباح، خاميس رودريغيز في عام 2014، وصلت قيمته إلى حوالي 12 بالمائة من أرباح النادي الملكي.

رياضي وعلامة تجارية

كرة القدم لم تعد أهدافاً فقط، ولا ألقاباً وحسب،  فنيمار يمثل صفقة رابحة للقطريين، رغم عدم فوز سان جيرمان بلقب دوري الأبطال. إذ إنه يمثل علامة تجارية ودعاية مهمة في ظل حسابات التنافس السياسي والإعلامي. تجارياً نيمار يشكل علامة تجارية للفريق الفرنسي ولمالكيه القطريين، حتى رئيس النادي ناصر الخليفي، وبعيداً عن التصريحات الرياضية، قال عن الصفقة “إذا لم ننظر لنيمار كلاعب فقط، وإنما كماركة، فإنه صفقته لم تكن غالية الثمن”، حسبما نقل موقع “فينانز 100” الألماني.

وفي الواقع فإن اللاعب البرازيلي يملك مقومات العلامة التجارية المربحة، فهو حسب مجلة “فوربس” يجلس على قمة هرم لاعبي كرة القدم الأكثر ربحاً خارج ملاعب الكرة. حتى أنه يتفوق على ميسي ورونالدو في هذا المضمار، إذ أنه أكثر اللاعبين قدرة على تسويق البضائع، فعدد متابعيه على انستغرام يصل إلى 80 مليوناً وعلى فيسبوك إلى 60 مليون متابع. وحتى لو كان رونالدو يفوقه عدداً في هذا المجال (122 مليون على انستغرام و120 على فيسبوك) إلا أن نيمار أصغر سناً وفي قمة عطائه الكروي.

جهاز قطر للاستثمار وهو الشركة المالكة لنادي سان جيرمان استثمرت مالياً وإعلامياً ودعائياً في الصفقة. وسوق كرة القدم قد شهد قفزة في كبيرة في الأسعار، والأرباح ترتفع مع ارتفاع نجومية اللاعب. كرة القدم خضعت أخيراً إلى مبادئ التسويق والبيع والشراء للسلع حتى على مواقع التواصل الاجتماعي، ولم تعد رياضة فقط، ويبدو أن لا حدود ظاهرة لهذا السوق، على الأقل في الأمد القريب.

Total
0
Shares
المنشورات ذات الصلة