أكد المشاركون في ندوة نظمتها مؤسسة مهرجان السينما الإفريقية بخريبكة، بشراكة مع المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج، اليوم الثلاثاء بالسجن المحلي بخريبكة، أن ولوج السينما الهادفة إلى السجن يطرح مقاربات متجددة للإدماج الثقافي للمهاجرين.
وأبرز المشاركون في هذه الندوة، التي تناولت موضوع “الإدماج الثقافي وصورة المهاجر الإفريقي في السينما”، وتندرج في إطار مهرجان ثقافي ينظم لفائدة السجناء من أصول إفريقية، في إطار دعم أنسنة السجون المغربية، أن السينما نافذة مفتوحة على العالم تسمح بخلق فضاء للحوار والتواصل والتثاقف.
وفي هذا السياق، قال المندوب العام لإدارة السجون وإعادة الإدماج، محمد صالح التامك، إن هذه التظاهرة قيمة مضافة للبرامج التأهيلية التي تنظمها المندوبية العامة، وانفتاح على مؤسسة ثقافية مشهود لها بالتميز على مستوى توطيد التلاقح الثقافي السينمائي بين المبدعين المغاربة ونظرائهم الأفارقة.
وذكر السيد التامك، في كلمة بالمناسبة، بالجهود الحثيثة للمملكة لإضفاء طابع استراتيجي على علاقتها بدول القارة الإفريقية، يرتكز على التنمية البشرية المستدامة والمشتركة، ويجعل البعد الثقافي عاملا أساسيا بها، بالنظر الى دوره الهام في توطيد العلاقات بين الشعوب الإفريقية وتحقيق ازدهار وتنوع ثقافي تفخر به بلدان القارة. وأبرز أن تنظيم هذا المهرجان لفائدة السجناء الأفارقة ترسيخ للانفتاح والانخراط في الحياة الاجتماعية بالمغرب، إضافة إلى دوره في تسليط الضوء على برنامج تسوية وضعية المهاجرين الأفارقة المقيمين في وضعية غير قانونية بالمملكة، والذي تم إعماله بناء على تعليمات ملكية سامية.
من جهته، أكد منسق مؤسسة محمد السادس لإعادة إدماج السجناء، عز الدين بلماحي أن للأنشطة الثقافية مكانة متميزة في مجال تهييئ النزلاء لمرحلة ما بعد الإفراج، كمكون أساسي لبرنامج إعادة الإدماج السوسيو مهني للنزلاء.
وأشار بلماحي إلى دور الثقافة في إرساء إدماج فعال وسليم، وكذا الآليات والسبل الكفيلة برفع تحديات التعددية الثقافية ورهانات الاندماج، من خلال تنويع البرامج الإصلاحية والتربوية لفائدة نزلاء المؤسسات السجنية وتوسيع دائرة السجناء المستفيدين منها.
أما مدير مؤسسة مهرجان السينما الإفريقية بخريبكة، نور الدين الصايل، فقال إن سجناء خريبكة كسائر ساكنة المدينة لهم الحق في الاستفادة من الأنشطة الثقافية المبرمجة في إطار فعاليات المهرجان.
وأبرز الصايل أن السجناء الأفارقة من جنوب الصحراء، المحرومون من الحرية، يمكنهم اكتساب مهارات جديدة من خلال السينما ، موضحا أن الأفلام التي سيتم عرضها في هذا الإطار تشدد على القيم الإنسانية وأفضل السلوكيات وعلى احترام القانون، كما تمنحهم الأمل في غد أفضل.
بدوره، قال الأمين العام لمجلس الجالية المغربية المقيمة بالخارج، عبد الله بوصوف، إن الهجرة ليست من القضايا سهلة التناول كونها مرتبطة بالإنسان وحمولاته الثقافية والفكرية، “فلا يمكن دائما فهمها والإجابة عن الأسئلة التي تطرحها”.
وأبرز بوصوف أن المغرب ينهج في هذا المجال مقاربة إنسانية مبنية على الحقوق واحترام الكرامة، إضافة إلى التعددية والتنوع والرافد الإفريقي الذي يقره الدستور.
وأشار إلى أن الهجرة الإفريقية مرت بعدة مراحل، حيث بات المغرب الذي شكل في السابق بلدا للعبور، بلدا لاستقرار عشرات الآلاف من الأفارقة جنوب الصحراء، مشددا على ضرورة استشراف آفاق هذه الهجرة ومحاولة استيعابها بمنظورها الجديد.
كما اعتبر أن السينما هي إحدى الركائز الأساسية التي من شأنها تيسير عملية الاندماج، الذي يبقى مسؤولية مشتركة بين الوافد والمحتضن، في إطار قوانين الهجرة وحقوق وواجبات المهاجر.
ويحضر هذا المهرجان، أزيد من 150 سجينا من 26 جنسية إفريقية، أفسحت لهم المندوبية العامة المجال للتواصل والتفاعل مع الثقافة السينمائية الإفريقية، بما يمكن من توثيق ارتباطهم بأصولهم الإفريقية وانفتاحهم في نفس الوقت على الثقافات الأخرى.
وقد برمجت ضمن فقرات هذه التظاهرة محاضرات وأشرطة سينمائية تروم تمكين السجين الإفريقي من ملامسة الإبداع السينمائي وتجلياته الثقافية، واستدماجه للمعرفة والاختلاف البناء على نحو يهذب السلوك والنفس ويحصنهما ضد التطرف والانغلاق والعود.
ويشارك في المسابقة الرسمية للدورة العشرين لمهرجان خريبكة للسينما الإفريقية (من 9 إلى 16 شتنبر)، 14 فيلما تمثل إلى جانب المغرب، كلا من غانا والسنغال وبوركينا فاسو والجزائر وتونس ومصر وجنوب إفريقيا وأوغندا والبنين والطوغو ورواندا والموزمبيق ومالي، تتنافس على مختلف جوائز المهرجان وفي مقدمتها الجائزة الكبرى “عثمان صامبين”.
ولم يفتئ مهرجان السينما الإفريقية بخريبكة يعزز تموقعه كموعد سنوي يتجدد من خلاله الارتباط الذي يجمع السينمائيين المغاربة بنظرائهم الأفارقة، للتواصل وعرض آخر مستجدات الإنتاجات السينمائية بالقارة.
