علي بابا وعصابة الأوسكار .. أو كيف سرق نبيل عيوش ترشيحه لأشهر جائزة سينمائية في العالم

هي حكاية فهلوة وتحايل، وقائعها تشبه أفلام المافيا والعصابات أو مسلسلات دسائس السياسيين الخسيسة. كما هي حكاية مصغرة تعكس ما يحدث على مستوى أكبر من فساد وعلاقات مشبوهة وشللية. شبكات تنسج خيوط المؤامرات والمصالح المشتركة هدفها فتح الأبواب وتعبيد الطريق والربح الذاتي السريع والفائدة اللحظية، والسطو على كل شيء دون وجه حق.
لنبدأ الحكاية …
مساء يوم الجمعة 15 شتنبر 2017 ، أعلن المركز السينمائي المغربي عن اختيار فيلم “رازيا” لمخرجه نبيل عيوش للتنافس على جوائز الأوسكار لعام 2018، في فئة “أفضل فيلم أجنبي”.
وجاء في البلاغ الذي نشره موقع المركز، أن لجنة الانتقاء برئاسة الفنان والرسام ماحي بينبين اختارت فيلم “رازيا” لتمثيل المغرب في القائمة القصيرة لجوائز الأوسكار في فئة أفضل فيلم أجنبي، دورة 2018، وفقا للمعايير المعمول بها لدى أكاديمية الفنون والعلوم السينمائية.
وجاء هذا القرار، يضيف البلاغ، في أعقاب اجتماع للجنة الانتقاء يومي 14 و15 شتنبر في الرباط.

إلى هنا الأمور طبيعية، لكن ما يسترعي الانتباه هو أن البلاغ أشار إلى جملة مهمة جدا هي أن اختيار الفيلم جاء « وفقا للمعايير المعمول بها لدى أكاديمية الفنون والعلوم السينمائية ». في حين أن الأمر غير ذلك على الإطلاق حيث أنه من الشروط الأساسية بالنسبة لأكاديمية الأوسكار العريقة هو أن الفيلم المرشح يجب أن يكون قد عرض في القاعات السينمائية للبلد، وخرج خروجا تجاريا رسميا في القاعات على الأقل 7 أيام متتابعة.


إننا هنا إذن أمام اختيار انتحاري وخرق سافر للقانون المنظم للمسابقة، حيث أن أكاديمية الأوسكار تقصي بشكل قطعي أي فيلم لا يستوفي الشروط دون أن تمنحه أدنى فرصة. لذلك يحق لنا أن نتساءل : هل كانت لجنة الانتقاء التي يرأسها الفنان والكاتب ماحي بينبين على علم بهذا الشرط وواعية بالأمر؟
الجواب : نعم .. وتعرفه أكبر معرفة والدليل أنها حاكت طريقة لكي تتحايل على المغاربة وعلى أكاديمية الأوسكار.. على حد سواء. كيف ذلك؟
من خلال الادعاء بأن الفيلم تم عرضه بمدينة مراكش لمدة أسبوع واعتبار ذلك خروجا سينمائيا وطنيا، وبالتالي التحايل على القانون من أجل تعبيد الطريق أمام المخرج نبيل عيوش.
والواقع أن الفيلم لم يعرض قط في المدينة الحمراء، ولم يشاهده أي مراكشي ولا يمكن لقاعة سينما « كوليزي » التي قيل إنه عرض فيها منح أي دليل عن ذلك، بل أكثر من هذا فإن صاحبة القاعة المراكشية المذكورة ليست سوى السيدة مونية العيادي عضو لجنة الانتقاء التي يترأسها ماحي بينبين .. صدفة غريبة معناها الحقيقي هو « زيتنا في دقيقنا ». وهنا تبدأ رحلة البحث للتدقيق في بعض أعضاء هذه « اللجنة المشبوهة ».
لنبدأ من الرئيس:
يكفي أن نذكر هنا أن ماحي بينبين ونبيل عيوش تربطهما علاقة وثيقة جدا، إذ يشتركان في المركب الثقافي نجوم سيدي مومن بالدار البيضاء، كما أن فيلم عيوش « يا خيل الله » مقتبس من رواية “نجوم سيدي مومن” للكاتب ماحي بينبين. وابنة رئيس اللجنة ليست سوى دنيا بينبين التي تلعب دور إيناس في فيلم “رازيا” الذي دفع به والدها نحو الأوسكار.
لنمر إلى الأعضاء : سامية أقريو الممثلة والمخرجة قدمت مسلسل سر المرجان من إنتاج شركة عليان لمالكها نبيل عيوش على مدى جزأين في رمضان 2016 ورمضان 2017 . كما أنتج عيوش كبسولة « نجمة وقمر »  لسامية أقريو رفقة عبد الصمد مفتاح الخير وبديعة الصنهاجي سنة 2015 .
أما الممثلة والمخرجة زكية الطاهري فكانت ضمن لجنة الانتقاء التي رشحت سنة 2013 فيلم « يا خيل الله » لنبيل عيوش لخوض مغامرة الأوسكار. و في السنة ذاتها أخرجت سيتكوم « دور بيها يا الشيباني » من انتاج شركة عليان للإنتاج لمالكها نبيل عيوش، وهاهي اليوم تقوم بنفس الدور وتزكي « الخواض » وتبصم عليه بالعشرة.

وحتى من لا تربطهم علاقة مع نبيل عيوش وشركته من أعضاء اللجنة، فإن التواطؤ والصمت على هذه الجريمة والمشاركة فيها أمر مخجل لا يليق بهم، ويكفيني هنا أن أذكر اسم أستاذنا عمر بلخمار، الناقد السينمائي الذي على عاتقه مسؤولية تاريخه الطويل في المجال قبل أي مسؤولية أخلاقية أخرى.
كل هذا يدل على أن هذه اللجنة اختيرت بشكل يضمن مرور المؤامرة بسلاسة حيث أن أغلب أعضائها تربطهم علاقات انسانية .. مالية أو مصالحية مع مهندس المؤامرة والمستفيد الرئيسي منها : نبيل عيوش.

خلاصة الأمر أن العملية كلها تحايل كبير على القانون وعلى المغاربة وعلى أكاديمية الأوسكار … فهلوة الهدف منها تلميع صورة نبيل عيوش الذاتية في الخارج فحسب، لأن الجميع يعلم أن الفيلم المغربي ليست له حظوظ في الأوسكار حيث تلعب لوبيات الشركات الكبرى والموزعين دورا كبيرا .. هذا التلميع لا يحتاجه المخرج المذكور في الداخل لأن لا أحد يجادل في كونه من أهم المخرجين المغاربة لكن هذا لا يعني فرش البساط الأحمر أمام التحايل واستباحة كل شيء في البلد للأقوى والأكثر نفوذا، والمراهنة على جهل الناس وعلى تواطئ المسؤولين وعلى رأسهم رئيس المركز السينمائي المغربي صارم الحق الفاسي الفهري. فإذا كانت مصلحة عيوش واضحة، ماهي ياترى مصلحة قائد هذه “الفذلكة” والمقرر في تشكيل اللجنة الذي يفترض فيه أن يكون يد الدولة في تسيير القطاع والحفاظ على نزاهته خاصة في محفل دولي كبير.
وعلى رأي المثل إذا كان رب البيت بالدف ضارباً .. فشيمة أهل البيت كلهم الرقص.

Total
0
Shares
المنشورات ذات الصلة