ماذا لو تنفسنا الهواء النقي ليوم واحد فقط ؟

ماذا لو استطعنا التجول في هدوء وبحرية، ووضعنا حدا للضوضاء التي تحدثها المحركات والصراخ المستمر للسائقين المتوترين، وتنفسنا الهواء النقي دون استنشاق الغازات التي تنفثها عوادم السيارات، وذلك دون أن نتجشم عناء مغادرة المدينة !

إنها أماني ما فتئت زهرة التي تبلغ من العمر 36 سنة تعبر عنها منذ سنوات، والتي تعاني الأمرين في حياتها اليومية بمدينة الدار البيضاء حيث تعمل لدى شركة خاصة. لم تعد تطلعات هذه الشابة ذات الحس البيئي المفعمة بالحماس إلى جانب العديد من المغاربة، الطامحين إلى تنفس الهواء النقي، أحلاما أو ضربا من ضروب الخيال، بل واقعا يتحقق بفضل “يوم بدون سيارات”. وقد تبلورت هذه المبادرة للمرة الأولى في المغرب يوم 29 ماي 2016 بالعاصمة الاقتصادية للمملكة ومدينة المحمدية، حيث أكدت دراستان منفصلتان تم إنجازهما من طرف قطاع البيئة بتعاون مع وزارة الصحة، تأثير التلوث على صحة الساكنة. وفي حديث لوكالة المغرب العربي للأنباء، تحدثت زهرة التي شاركت في هذه التظاهرة عن هذه التجربة الفريدة، مذكرة بالسعادة التي غمرتها وهي تشاهد مناطق وطرقا تمتد لعدة كيلومترات محظورة على السيارات. وأضافت أن الفضاء تحول في ظرف يوم واحد إلى ما يشبه مدرسة تنظم بها ورشات للتحسيس بمخاطر تلوث الهواء. وتقول هذه الشابة مع نظرة ملؤها الحنين “كانت الشمس لطيفة ومتألقة، الأحياء كانت نظيفة ومزينة (…) الأمر كان أشبه بالعيد، بل كان عيدا حقيقيا”. واقتناعا منها بالأثر الإيجابي لهذا اليوم في مجال التربية والتحسيس، لا تخفي زهرة رغبتها في أن يتم تعميم هذه المبادرة على جميع مدن المملكة. وفي هذا الصدد، قالت رئيسة مصلحة التواصل بكتابة الدولة المكلفة بالتنمية المستدامة السيدة وفاء بوشواطة، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء “هذه السنة، ستحتفل الرباط، مدينة الأنوار بهذا اليوم، يوم الأحد 24 شتنبر الجاري، وذلك بمبادرة من جمعية +شباب القرن ال 21+، بما سيدخل السعادة الغامرة على قلوب سكان العاصمة ذوي الهم الإيكولوجي”. وقال الرئيس المؤسس للجمعية المبادرة لتنظيم هذه التظاهرة السيد عزيز فكاكي، إن هذا اليوم المدعوم من طرف كتابة الدولة المكلفة بالتنمية المستدامة بتعاون مع السلطات المحلية “لا يروم فقط التقليص من تلوث الهواء والضوضاء، ولكن على الخصوص، توعية ساكنة العاصمة حيال ضرورة العيش في المدينة على نحو مغاير”. وأوضح السيد فكاكي في تصريح مشابه، أن الأمر يتعلق باعتماد “أشكال بديلة للحركية وتبني ممارسات تخدم البيئة والعيش المشترك”، من قبيل استعمال وسائل النقل العمومي، وركوب الدراجات الهوائية أو المشي، وذلك من أجل تحسن شامل في جودة الحياة الحضرية. ويرى هذا المناضل الجمعوي، أنه وبما أن الأمر يتعلق بإجراء غايته خدمة التنمية المستدامة، فإن المواطن يظل في قلب هذا الحدث. حيث يعد انخراطه عاملا جوهريا يتيح نجاح التظاهرة، كما أن وجهة نظره تعتبر مؤشرا أساسيا بالنسبة لصانعي القرار بغرض التحسن المستمر، إن بالنسبة للدورات القادمة أو المعيش اليومي للمواطنين. إذا كان تقييد حركة العربات ذات المحرك لا يستغرق مبدأيا، سوى يوما واحدا، مع تأثير ضئيل على البيئة، فإن حمولته التربوية تتجاوز بكثير مدة هذا الحدث الذي ينجح بطريقة أو بأخرى في تعبئة المجتمع المدني والفاعلين في القطاعين الخاص والعمومي. ولا يخفى أن الاحتفال بمثل هذا الحدث يتطلب النهوض بالبنيات التحتية، لاسيما النقل العمومي، حتى تتمكن من الاستجابة لحاجيات الأشخاص في سن متقدمة والأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة.

Total
0
Shares
المنشورات ذات الصلة