“ماطا الدولي” الثامن.. مهرجان يثمن الرأسمال اللا مادي لمنطقة “أربعاء عياشة”

تحت شعار “ماطا تراث حضاري، منوال للتنمية الاقتصادية”، وبعد ثلاثة أيام من الفعاليات، اختتمت يومه الأحد (13 ماي 2018) ب”مدشر زنيد” بجماعة أربعاء عياشة التابعة لإقليم العرائش، فعاليات المهرجان الدولي ل”فروسية ماطا” في نسخته الثامنة، والذي نظمته “الجمعية العلمية العروسية للعمل الاجتماعي والثقافي” بتنسيق مع “نقابة الشرفاء العلميين”، وبشراكة مع “المهرجان الدولي للتنوع الثقافي لليونيسكو”.

ويهدف المهرجان الدولي الذي ينظم تحت الرعاية السامية لجلالة الملك محمد السادس، حسب المنظمين، إلى “إحياء الإرث التاريخي والثقافي للمنطقة والتعريف بهويتها الحضارية المتنوعة الضاربة في جذور التاريخ، وإبراز الدور البطولي للفروسية في حماية ثغور الوطن، وكذا التعريف بالمنتوج الفلاحي والصناعة التقليدية لمنطقة (جبالة)، وتدعيم مسار التنمية الثقافية والسياحية بالمنطقة”.

وتميزت فعاليات اليوم الأول من المهرجان (الجمعة 11 ماي)، والتي احتضنها “مدشر زنيد” بأربعاء عياشة، بحضور عامل إقليم العرائش مرفوقا بوفد هام من منتخبين ورؤساء المصالح الخارجية، وتم خلاله استعراض الفرق المشاركة لخيالة “ماطا”، وفرق فلكلورية متنوعة.

وقد استمتع رواد المهرجان بعرض تمثيلي لعملية “ثويزا” بمشاركة فرقة “الحصادة” الشعبية المنحدرة من هذه المنطقة القروية، بالإضافة إلى فرسان من بعض القرى المجاورة، والتي تجسد  التعاون والعمل المشترك بالتناوب يوميا بين الفلاحين.

وعرف اليوم الثاني (السبت 12 ماي) من المهرجان، تنظيم ندوات علمية لامست قضايا ومواضيع ثقافية تعكس أبعاد التنوع الثقافي وغنى الروافد الحضارية التي تزخر بها المملكة المغربية.

وقد توزعت فقرات الثلاثة أيام الاحتفالية من برنامج هذا المهرجان الدولي، بين مدن طنجة والعرائش وشفشاون، وتضمنت محاضرات وسهرات ومعرضا للصور وأنشطة ثقافية للأطفال ومعرضا للمنتوجات الفلاحية والصناعة التقليدية، إضافة إلى إقصائيات لعبة فروسية “ماطا”.

وفي هذا الصدد، قال نبيل بركة مدير المهرجان إن “هواة الفروسية وعشاق الطبيعة والتراث التقليدي للمنطقة كانوا على موعد للاستمتاع بالعروض الثقافية والرياضية المبرمجة، والتي تروم بالأساس، التعريف بالتراث الثقافي المتجذر في القدم والذي تجسده فروسية (عروس ماطا)”.

وأضاف بركة في حديث صحفي أن المهرجان هو محاولة “لإحياء الموروث الحضاري المغربي الأصيل والحفاظ عليه وصيانته بما يمثله من قيم وطنية ومن تضامن اجتماعي، والمساهمة في الدينامية السياحية والثقافية والاجتماعية ودعم التنمية البشرية”.

وأشار المتحدث نفسه إلى أن “الدورات السابقة استقطبت الأنظار من جل أقطاب العالم بمشاركة نوعية خاصة من الفرسان وإتقانهم الكبير لهذه اللعبة الشعبية، التي تستقطب اهتمام المغاربة كما الأجانب”.

وقال مدير المهرجان إن دورة هذه السنة “كانت في المستوى المطلوب ببرنامج احتفالي متميز وبحضور وازن لشخصيات عالمية تنتمي لعالم الفن والمال والأعمال والسياسة”، مشيرا إلى أن الرهان هذه السنة “كان جلب أكبر عدد من الجمهور للتعرف عن قرب على التقاليد العريقة للمنطقة والاطلاع على مكونات التراث المحلي، الذي يحمل أبعادا ثقافية وفنية وروحية”.

أما عن حكاية “ماطا”، فهي منافسة يزاولها فرسان “جبالة”، وتعد – كما يعرفها ويزاولها فرسان “جبالة”- منافسة شرفية يتم خلالها التنافس على دمية “ماطا”، وإعادتها لقريتها، وتبقى الخطة المحكمة والخداع والقوة والثبات خصائص مهمة لتحقيق الفوز في هذه المنافسة.

وتحرص قبائل “بني عروس” على هذا التقليد، كما تحرص على تطبيق قواعد هذه اللعبة بدقة عالية، فبعد غربلة حقول القمح بقرية “زنيد” أولا، وبحقول أخرى بعد ذلك، تقول وثيقة تعريفية، ترافق الفتيات والنساء هذه العملية بالزغاريد والأناشيد على صوت “الغيطة” والطبول التي تعرف بها المنطقة، وهن نفس النسوة اللاتي يصنعن من القصب والثوب، الدمية التي سيتنافس عليها الفرسان الشجعان لمنطقة “جبالة”، باعتبارها منطقة معروفة بثقافة تربية الأحصنة وتدريبها.

ويرتدي الفرسان، الذين يشاركون في لعبة “ماطا”، جلاليب وعمامات تقليدية. ووفقا للتقاليد، فإن الفائز في هذه اللعبة إذا أبان عن مهارته وشجاعته، يأخذ الدمية ويذهب بها بعيدا، ويكافأ على فوزه ب”تزويجه بالفتاة الأكثر جمالا في القبيلة”.

ويسعى المهرجان من خلال هذه اللعبة، إلى التعريف بالتراث الثقافي الأصيل، والذي تجسده فروسية “عروس ماطا”، كتظاهرة تنفرد بها قبيلة “بني عروس” على الصعيد الوطني.

كما يسعى المهرجان حسب الجهة المنظمة، “إلى إحياء الموروث الحضاري المغربي الأصيل والحفاظ عليه وصيانته ليمتد إشعاعه من المحلي والجهوي إلى الوطني والدولي كرأسمال لامادي، وما يمثله من قيم وطنية ومن تضامن إجتماعي، وكذا للمساهمة في الدينامية السياحية والثقافية والاجتماعية ودعم التنمية البشرية”.

وبالأرقام، أصبح مهرجان “ماطا” من أكبر المهرجانات العالمية من حيث استقطاب آلاف الزوار. وعلى الرغم من تنظيمه بمنطقة قروية، فقد وصل “عدد الزوار خلال الدورة السابقة إلى حوالي 150 ألفا جاؤوا لاكتشاف تقاليد تراث الفروسية الذي تتميز به المنطقة، وقد جذبت الدورة السابقة مشاركة 220 فارسا من مختلف القبائل، كما سجلت حضور حوالي 50 تعاونية”، وفق الجهة المنظمة.

Total
0
Shares
المنشورات ذات الصلة