هل يحق لمنشط برنامج سياسي تقديم وصلة إشهارية؟

خلق ظهور محمد التيجيني، مقدم برنامج “ضيف الأولى” الذي يعرض كل اسبوعين على القناة الأولى، في وصلة إشهارية على يوتوب، تخص تجزئة سكنية، نقاشا واسعا ولغطا كثيرا.

وكان من الممكن أن تمر الوصلة الإشهارية بشكل طبيعي لو لم يكن صاحبها يقدم أشهر وأبرز برنامج حواري سياسي على القناة العمومية الأولى في البلاد. الأمر الذي يطرح مجموعة من الاسئلة الخاصة بمدى أحقية التيجيني في تقديم الوصلة الاشهارية، ومدى قانونيتها، وموقف دفاتر التحملات في النازلة، وأخيرا موقع القناة من هذا الاشكال القانوني والاخلاقي المتشعب؟

https://youtu.be/AIYV7ubdBo4

تضمنت دفاتر التحملات القديمة منعا قاطعا لكل الصحافيين والمنشطين في القناة الاولى، وأخواتها من الظهور في وصلة اشهارية رفعا لأي لبس بالنسبة للمشاهدين أو خلط بين المضمون الاعلاني والخط التحريري للقناة. ورغم ذلك عرف المشاهدون العديد من التجاوزات خصوصا في القناة الثانية التي قدم منشطوها وصلات اشهارية لصالح شركات مختلفة.

وشهدت النسخة الأخيرة من دفاتر التحملات تغييرا في هذا البند بالذات حيث أصبح المنع مقتصرا فقط على الصحافيين منشطي البرامج السياسية أو الاخبارية فقط. بينما تحرر الآخرون من هذه القيود وفتح لهم المجال للقيام بذلك.

هل يدخل التيجيني إذن تحت طائلة هذا البند مادام بقدم برنامجا سياسيا ؟ بالطبع لا لأن دفاتر التحملات الجديدة تقول إن المنع مرتبط أساسا ببث الاعلان على القناة نفسها، وليس على جميع المنصات، وهو الأمر الذي لا ينطبق على مقدم برنامج ضيف الأولى الذي يقوم بالوصلة الاعلانية على منصة مختلفة (يوتوب).

__________________

دفتر تحملات الشركة الوطنية للاذاعة والتلفزة نسخة 2012

المادة 182 التزامات خاصة متعلقة بالاشهار والرعاية

تمتنع الشركة على بث اي اشهار تجاري يشارك فيه مقدمو النشرات والبرامج الاخبارية التي تبثها

____________________________________

وإذا كان موقف التيجيني سليما من الناحية القانونية، فإن موقع القناة في هذا النقاش القانوني والأخلاقي مختلف تماما، ويسائلها بشكل مباشر. لأن الأولى لها “صورة” يجب أن تحافظ عليها، وتدافع عنها، باعتبارها قناة عمومية تتموقع على نفس المسافة بالنسبة لجميع الفاعلين السياسيين والاقتصاديين.

وبما أن للتيجيني سابقة في هذا الموضوع فإن الامر لن يلعب لصالحه بالمرة. فقد ساءت علاقته مع المسؤولين في القناة مرات عديدة بعدما لاحظوا نوعا من تصريف المواقف الذاتية أو الشخصية خلال تعامله مع الضيوف، ووصل الخلاف حد توقيف البرنامج لمدة معينة.

أكثر من هذا، وجهت الهيأة العليا للسمعي البصري، المعروفة اختصارا ب»الهاكا»، السنة الماضية إنذارا لمقدم «ضيف الأولى»، بعدما رأت أنه لم يلتزم الحياد، خلال استضافته لإلياس العماري، أمين عام حزب الأصالة والمعاصرة.

وقالت «الهاكا»، إنها لاحظت تجاوزات تتعارض مع شروط النزاهة والموضوعية التي قام بها مقدم برنامج «ضيف الأولى»، مشيرة إلى أنه في الحلقة 26 ذهب مقدم البرنامج إلى إطلاق مجموعة من التعليقات التي هاجم من خلالها رئيس الحكومة (السابق) عبد الإله بنكيران.

وأكدت الهيأة العليا أن المادة الثالثة من دفتر تحملات الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة، تنص على أن الخدمة العمومية تعمل في إطار «الالتزام بالدقة والإنصاف والموضوعية والصدق والنزاهة وعدم التحيز والاستقلالية التحريرية عن المصالح التجارية والفئوية والسياسية والإيديولوجية وخاصة في الأداء الإخباري».

من حق الصحافي إذن القيام بالاشهار في المنصة التي يختار بعيدا عن القناة الأم، ما لم يتعارض ذلك مع قناعاته الديونطولوجية، لأن الصحافة كمهنة لا تسقط عنه حقوقه المادية او المعنوية. غير أن حسابات القناة العمومية اكبر من كل هذا، لأن لها خطا تحريريا تحميه، وصورة تحافظ عليها، ومهمة تأديها بعيدا عن الشبهة والشوائب.

Total
0
Shares
المنشورات ذات الصلة