لماذا يجب منع رشيد شو

قبل أن تصدروا حكما متسرعا دعوني أحكي لكم قصة قصيرة.
قبل سنة تقريبا، أعلن زميلنا رضوان الرمضاني، عن استضافة نجم الويب حينها، علال القادوس، البطل الخرافي الذي سيحل معضلة البنية التحتية، في برنامجه المعروف “قفص الاتهام” على محطة ميد راديو.
وبالفعل استقبل الرمضاني صديقنا علال، لكن الحلقة المسجلة صوتا وصورة لم تصل قط للمستمعين، ولم يشاهدها سوى من حضروا التسجيل. وخرج صاحب البرنامج بعدها في موقف إنساني ومهني ليعلن أنه لن يديع الحلقة احتراما ل”حالة الضيف”.
والحقيقة أن حالة علال القادوس الانسانية ليست سوى مثالا يمكن أن تقاس عليه حالات إنسانية مماثلة كان عليها ولوج باب الطبيب بدل ولوج اليوتوب والشبكات الاجتماعية.
وإذا كانت الانترنيت غابة متوحشة بلا رحمة، فإني أعتقد أن التلفزة العمومية فضاء تحكمه القوانين ودفاتر التحملات وقواعد المهنة، وقبل هذا وذاك الحس الإنساني الذي نفترض أنه مزروع داخل كل فرد بيننا.
فكيف يعقل إذن أن يستضيف برنامج ترفيهي اسمه “رشيد شو” على القناة العمومية الثانية نخبة من هذه الظواهر التي نضع صحتها النفسية بين قوسين، من أجل “التمسخر” والتعامل معها كأنها Des bêtes de foire؟
الجواب يكمن في أن رشيد شو الذي تضعه دوزيم في قلب شبكتها البرامجية، رمز للتخبط الهوياتي للقناة بكاملها. تخبط تعيشه قناة عمومية تتدبر مواردها المالية بمنطق القناة الخاصة، وبالتالي يسكنها هاجس الربح والاشهار ونسب المشاهدة بدل أن يسكنها هاجس القيام بوظيفة المرفق العمومي.
حتى من الناحية القانونية، تنص ديباجة القانون المتعلق بالسمعي البصري في مواد عدة على ضرورة “احترام كرامة الانسان”. كما يشير دفتر تحملات دوزيم إلى أن القناة تمارس حريتها في إطار احترام الكرامة الانسانية (المادة 28).
ولا أظن بأن الاستغلال البشع لهذه النماذج الانسانية الضعيفة من طرف برنامج لا علاقة له بالخدمة العمومية هدفه الترويج للسفسطة التلفونية، كفيل بالحفاظ على كرامة هؤلاء وكرامتنا جميعا.
إن حلقة يوم الجمعة التي سيستضيف فيها رشيد العلالي هذه النماذج الانسانية الضعيفة استغلال بشع، وعمل حاط بالكرامة لا يليق بالتلفزيون العمومي، الهدف منه ليس استضافة نماذج اجتماعية صنعت الحدث يتماهى معها المشاهد، بل أشخاصا سيصنع بهم الحدث، في منتوج تلفزيوني لقيط أنجبته بطاقات التعبئة وساعات المكالمات المجانية وعاود دردك زيد دردك…
أليس من واجبنا اليوم منع رشيدشو؟

Total
0
Shares
المنشورات ذات الصلة