الأعمال الشعرية الكاملة لعبد اللطيف اللعبي.. ترنيمة للإنسان في كل حالاته

في أعماله الشعرية الكاملة، التي قدمت مساء أمس بالدار البيضاء، ينشد عبد اللطيف اللعبي ترنيمة تعيد رسم مسار هذا الكاتب والشاعر والمثقف، وتفتح أمام عشاق هذا اللون الأدبي نافذة لاقتحام عوالم اللعبي، من خلال قصائده المغرقة في الإنسانية.

ففي قصائده التي قدمها في إصدار جمع في جزأين 21 مجموعة شعرية، يعرض اللعبي لجمهوره ما عايشه من أحاسيس عبر فترات من حياته المليئة بالأحداث وبالوقائع، وتجميعا شعريا يتداخل فيه الواقع والأحزان والآمال وخيبات الأمل والتمزق والحب والحياة، فهي نظم شعري عن الإنسان في كل حالاته.

وهو يهدئ من “جذوة” الكلمات الملتهبة في شعره، يعيد هذا الكاتب والشاعر ،الذي يعد من أبرز الأدباء المغاربة، رسم العالم من حوله، وتبيان حاجته الدائمة إلى تقاسم ما يعايشه ويحسه وما يحلم به وما يأمل فيه مع قرائه، في غنائية شعرية يهبها للحياة.

وهو ينشر قصائده، التي تروي سيرة شاعر طيلة نصف قرن من الإبداع، ببلده الأم عن منشورات (سيروكو)، يكون هذا الأديب المثقف قد خلق حدثا ثقافيا مميزا، طالما انتظره، أتاح للقارئ المغربي فرصة قراءة شعر اللعبي داخل وطنه، بعدما كان القليل فقط من إصداراته بفرنسا يصل إلى جمهوره بالمغرب، وبأسعار لم تكن في المتناول.

شيء جميل أن يحصل القراء المغاربة على إصدار جامع لقصائد عبد اللطيف اللعبي، الذي تفنن في نحت كلماته ليمتع محبي شعره، وهو ما يؤكده هذا الشاعر بقوله ” نشر أعمالي الشعرية الكاملة، في المغرب، يبعث على شعور بارتياح حقيقي”.

بالنسبة إليه، فالأمر كان تحديا حقيقيا، حسبما أقر به خلال حفل التقديم، فكيف يمكن أن يتم إصدار أعماله بمعايير نشر تضاهي صناعة الأدب في الدول المتقدمة، وأن تقدم للجمهور بأسعار مناسبة.

هي إذن حصاد معيشه عبر عقود، وخلاصة تجارب ومواقف وأحلام شاعر، ومحطة بوح استرجع من خلالها المواقف الأكثر صعوبة في حياته، بلمسة من سخرية غير مسرفة، حتى لا ينهك القارئ بمعاناته وآلامه.

لم تكن حكايته وحده، ففي هذه الأعمال الشعرية يقدم اللعبي سردية الإنسان في كل أحواله، من زاوية مفتوحة، وبرؤية مبدع تحكمه الرغبة في الانطلاق إلى خارج الذات، ليتعداها نحو اختراق حدود الآخر دائما، حتى لكأنه يصير جزء من هذا الآخر.

ويقول اللعبي إنها”قصيدة تشهد على كائن حي حاضر في مواجهة أشباهه ومهووس بالغرباء”، مبرزا أنها “تقدم خطابا مغايرا عن الخطابات السائدة”، فهي، برأيه، “قصيدة تعالج الكلمات الجريحة وتمنحها معنى”.

في هذه الأعمال استطاع الشاعر أن يكرس الطابع الكوني والإنساني للقصيدة، وأن يجعل منها سجلا يوثق ويؤرخ لمحطات عاصرها اللعبي، كشاهد عليها، ليصف الوقائع الإنسانية، بشكل ناغم بين أحاسيس تتداخل فيها الانتكاسات ومشاعر الإحباط بتيمات الفرح والحب والالتزام والقيم الإنسانية.

وتضمنت الأعمال الكاملة مجموعات شعرية نشرها الكاتب ما بين 1965 و2017، ومنها “مملكة البربرية”، و”تمزقات”، و”خطاب على التلة العربية”، و”الشمس تحتضر”، و”فواكه الجسد”، و”وعد الخريف”، و”مبدأ اللايقين”، و”أكتب الحياة”.

ويذكر أن اللعبي من مواليد 1942 بفاس، أسس مجلة “أنفاس” سنة 1966، وأصدر دواوين وروايات ودراسات عديدة من بينها “العين والليل” (رواية)، و”عهد البربرية” (شعر)، و”قصة مغربية” (شعر)، و”أزهرت شجرة الحديد” (شعر)، و”قصائد تحت الكمامة” (شعر)، و”مجنون الأمل” (رواية)، و”الرهان الثقافي” (دراسات نظرية ومقابلات)، و”تجاعيد الأسد” و”قاع الخابية”.

Total
0
Shares
المنشورات ذات الصلة