الفيلم البلغاري “إيرينا”.. كفاح أم في سبيل إعالة عائلتها

بين غريزة أمومة قوية وفقر مدقع، تدور أحداث الفيلم البلغاري “إيرينا” للمخرجة ناديجدا كوسيفا، الذي يعالج تضحيات أم شابة في سبيل إعالة أسرتها.

يحكي الفيلم الطويل قصة الشابة “إيرينا” التي تعمل منظفة للأواني في مطعم في بلدة بلغارية صغيرة، حيث تضطر إلى سرقة بقايا الطعام والخمر كل ليلة لإرضاء زوجها السكير والعاطل عن العمل “ساشو” وشقيقتها، خوفا على ابنها الرضيع من أن يصيبه مكروه.

بعد أن يكتشف رب عملها هذا الأمر، ت طرد إيرينا من العمل فتتضاعف معاناتها بين رحلة البحث عن عمل جديد وبين مشاق الاعتناء بزوجها الذي تعرض لحادث انهيار منجم تسبب في بتر ساقيه، وفي لحظة يأس تكتشف إيرينا أنها عاجزة حتى عن بيع جسدها المنهك. تبدأ إيرينا رحلة البحث عن عمل، تطرق جميع الأبواب، لكنها تعود كل مرة بخيبات أمل متلاحقة، وصوت رضيعها الجائع يكسر قلبها، وخيانة زوجها مع شقيقتها في بيتها تزيد من حسرتها.

في إحدى الليالي، بينما تتأمل وجه طفلها الصغير، قررت إيرينا (الممثلة مارتينا أيوستولوفا) البحث عن عمل على شبكة الإنترنت لتجد إعلانا عن حاجة زوجين لأم بديلة، فتكون هذه نقطة التحول في الفيلم التي اختارتها بذكاء المخرجة ناديجدا كوسيفا.

أثناء بيعها لبعض الجرات من العسل على الطريق العام، تستقبل إيرينا مكالمة هاتفية ستغير مجرى حياتها رأسا على عقب، حيث ستتخذ قرارا لم يكن ليخطر على بالها لتكون الأم البديلة لعائلة ثرية مقابل مبلغ مالي مغر.

بعد حصولها على أول دفعة من المال المتفق عليه، كان أول ما ستقوم به إيرينا شراء كرسي متحرك لزوجها المقعد، في رسالة قوية تحمل معاني التسامح وانتصار مشاعر الحب على كل الصراعات.

تنتقل إيرينا للعيش في العاصمة البلغارية صوفيا، حيث يقطن الزوجان، من أجل الاعتناء بصحتها حتى موعد الولادة، لتدخل في دوامة تقودها إليها غريزة الأمومة من جهة والحاجة إلى المال من جهة أخرى، لتستسلم لواقعها وتسلم الطفل حسب الاتفاق.

اختارت المخرجة البلغارية تصورا عبقريا في اختيار أماكن تصوير مغلقة يكون لها انعكاس على الحياة المغلقة التي تعيشها بطلة الفيلم والتي لا تتوفر فيها إلا على خيارات قليلة، إما التخلي عن جنينها وإنقاذ أسرتها من الفقر أو العودة لحياة البؤس القديمة.

يحمل الفيلم رسائل قوية وعاطفة جامحة اخترقت قلب كل متابع، عن مشاعر التضحية والتسامح من أجل الحب والعائلة، وعن تفاني وإخلاص أم شابة حرمت نفسها من أبسط حاجيات بنات جيلها في سبيل فطرتها.

ويمثل فيلم “إيرينا” أول فيلم طويل للمخرجة كوسيفا، التي ولدت في صوفيا، وتخرجت من الأكاديمية الوطنية للمسرح. أخرجت الفيلم القصير “الطقوس”، ثم الفيلم القصير “أومليت” سنة 2009، والذي نال عدة جوائز، كما حظي فيلمها القصير “اللقطة الثانية” سنة 2011 بتنويه خاص في مهرجان سراييفو السينمائي.

ويتنافس “إيرينا”، الذي عرض زوال اليوم الثلاثاء بقصر المؤتمرات بمراكش، على جائزة النجمة الذهبية للمهرجان الدولي للفيلم بمراكش في دورته ال17.

Total
0
Shares
المنشورات ذات الصلة