جيوش افتراضية.. أسلحة الجيش “التسكاتي” و”البطماوي” جاهزة للرد على منتقدي فناناتهم

هستيريا، وصراخ وبكاء، وفي بعض الحالات إغماءات، هكذا أضحى مغاربة يستقبلون فنانين عادوا إلى بلادهم بعد مشاركتهم في أحد البرامج لاكتشاف المواهب. الفوضى تسود المطار، قبل وصول طائرة تقل فنانا “مفضلا”، وتستمر حتى بعد مغادرته المكان، والأكثر من ذلك، ينتقل الوضع إلى مواقع التواصل الاجتماعي، وتدخل جيوش الفنانين في صراعات، ومشاكل، تصل إلى حد تهديد وسب وقذف كل شخص انتقد “فنانها”. إنها حرب تدور بين جيوش فنانين، اندلعت في العالم الافتراضي، وفي أحيانا كثيرة تخرج إلى أرض الواقع، دون أن ترفع خلالها راية الاستسلام.
جيوش في العالم الافتراضي، أسلحتها لا تتجاوز السب والقذف، وأحيانا أخرى، التهديد ومحاولة اختراق حساب “العدو” “الفيسبوكي”. جيوش مهمتها الدفاع عن فنان معين، وقصف كل شخص انتقده أو عبر عن رأيه في الأعمال التي يقدمها. تشهر أسلحتها لأتفه الأسباب، فقط لأن فنانة أخرى قلدت فنانتهم المفضلة، ونشرت على صفحتها “الفيسبوكية”، صورة التقطتها مع أفعى، سبق لفنانتهم أن نشرت واحدة في الوضع ذاته !
فدائيون منظمون
“الجيش البطماوي يرد على الجيش التسكاتي” ، “موقف تسكت من سلمى رشيد يجر عليها انتقادات من الجيش السلماوي”، “معجبو ابتسام تسكت يهاجمون دنيا بطمة”…. هذه بعض المواضيع التي تناولتها مواقع إخبارية إلكترونية، وهي المواضيع التي تكشف تفاصيل حرب تدور أحداثها في العالم الافتراضي. جيوش تقصف بالأسلحة التي في حوزتها، دون أن تستعد لذلك، أو تتدرب على الأمر، المهم أن تنجح في المهمة، دون تسجيل خسائر كبيرة.
حرب مندلعة منذ مدة، سيما بين معجبي المغنية دنيا بطمة، خريجة برنامج “آراب أيدول”، والمغنية الشابة ابتسام تسكت، خريجة برنامج ستار أكاديمي، في إحدى دوراته السابقة. فالمشاكل بين جمهورهما أثرت على علاقة الفنانتين، هذا إذا لم نقل أن تصريحات الفنانتين سبب تلك المشاكل، وذلك أن كل مرة، تخرج واحدة تنتقد الأخرى، ويتجاوز الأمر ذلك، لتطالب جمهورها بتجاهل جمهور منافستها، لكن دون أن تضع الحرب أوزارها.
ومن بين النقط التي تؤجج المنافسة بين جمهور الطرفين، تدوينات تنشرها إحدى الفنانتين على مواقع التواصل الاجتماعي، وتوجيه رسائل مشفرة إلى خصومهما، كالتي نشرت دنيا بطمة للرد، بشكل غير مباشر على ابتسام تسكت “تحية لكل جمهوري الحبيب، فانزاتي الجيش البطماوي نموت عليكم…الجيش البطماوي شعارنا الصمت الكتمان القوة… من الصعب مقارنتي بأحد….فأنا دنيا بطمة إلى الأبد”، قبل أن تنشر تدوينة أخرى، قالت فيها “متجاوبو تاحد ولي كيهضر علينا غير فاقسينو وباغي يشهر راسو مسكين على ظهرنا وكل يرى الناس بعين طبعه، خليكم فوق وخليو القاع للقاع، وسكوتنا ليس ضعفا وإنما احتراما لفننا ولأنفسنا قبل كل شي أما را كاين ما يتقال القفة عامرا”.
من الإعجاب إلى الهوس
في الوقت الذي صارت في مطاردة الفنانين بعد نهاية كل حفل والتفاف المعجبين حولهم، من المشاهد المعتادة، اختلف الوضع خلال السنوات القليلة الماضية، وأضحى التعبير عن الإعجاب يأخذ أشكالا أخرى جديدة، بسبب مواقع التواصل الاجتماعي. فالهوس بالفنانين، فرض على المعجبين، خوض معركة ضد منافسي فنانهم المفضل، والدخول في ملاسنات على “الفيسبوك” و”التويتر”، وهذا هو واقع منال (17 سنة)، التي أخذت على عاتقها الرد على كل شخص حاول التهكم على مغنيتها المفضلة، مستعملة جل الوسائل المتاحة لها. منال هي عضو نشيط في الجيش “التسكاتي”، ترسم وتخطط وتنفذ، إحدى أعضاء الجيش الناشطين، الذين يتبعون خطوات فنانتهم ويسهرون على إنجاح أعمالها، ويحملون بلقائها. أنشأت صفحة على “الفيسبوك”، خصصتها لنشر صور ابتسام تسكت، ولقاءاتها وحواراتها الصحافية التي تختارها بعناية فائقة، وفضاء تتمكن فيه من التخطيط، مع باقي أعضاء الجيش “التسكاتي”، من أجل الإعداد لمفاجأة تسر فنانتهم. هي شابة تجاوزت مرحلة الإعجاب بتسكت لتصل إلى الهوس بها، ومهاجمة الذين يحاولون مقارنتها بدنيا بطمة، في ما يتعلق بصوتها، وبالمغنية اللبنانية، هيفاء وهبي، بالنسبة إلى التشابه الذي بينهما.
حب مبالغ فيه
هجوم كاسح تخوضه جماهير ومعجوي بعض الفنانين المغاربة، على مواقع التواصل الاجتماعي، لتشجيع فنانين لمعت أسماؤهم خلال السنوات القليلة الماضية، وهي الطريقة التي صارت تأخذ أبعادا جديدة، بعيدة عن المعتاد.
فالمبالغة في التعبير عن الإعجاب بمغن أو فنان بشكل خاص، أمر يهم فئة الشباب بشكل أكبر.
فحسب تأكيد حسن الوزاني، باحث في علم اجتماع، فإن ثقافة الشباب يمكن اعتبارها إحدى الثقافات الفرعية في المجتمع، باعتبار أنهم يمثلون فئة عريقة داخل المجتمع ويمثلون كذلك مرحلة مهمة من مراحل النمو الإنساني لها ثقافتها الخاصة تعكس مجموعة من القيم والاتجاهات والآراء وأنماط السلوك التي قد تتقاطع مع ثقافة المجتمع أو قد تشكل نشازا مثلها مثل باقي الثقافات الفرعية.
وأوضح أن هناك ازدواجية في الخطابات المرتبطة بالشباب، إذ نجد التفاؤل والخوف في الوقت نفسه، تفاؤل إزاء المستقبل وتخوف من هؤلاء الشباب الذين كثيرا ما يتم النظر إليهم بوصفهم مشكلة اجتماعية أو فئة ملفوفة بالمخاطر لأن مطالبها وإمكانيات التعبئة الكامنة لديها قادرة زعزعة النظام الاجتماعي.
والمبالغة في التعبير عن إعجابهم بفنان، جزء من ثقافتهم، وهو نتيجة توجيه هذه الفئة من المجتمع لهدر طاقتها وإبداعاتها وتفريغها، في نقط متجاوزة، لن تؤثر على حسابات معينة، وهو الأمر الذي أكده عالم الباحث، مشيرا إلى أن الهوس بفنانين، قد يكون من صنع أجهزة، تشعل فتيل هذا الهوس والجنون، لأهداف محددة.

إنجاز: إيمان رضيف

عن جريدة الصباح

Total
0
Shares
المنشورات ذات الصلة