مخطط “بيجيدي” لاختراق الدولة

أصبح التعيين في المناصب العليا نقطة ثابتة في جدول أعمال المجالس الحكومية، التي أدارها عبد الإله بنكيران، رئيس الحكومة، خلال أربع سنوات الماضية. ورغم إلباسها لبوس الشفافية، من خلال الإعلان عن الأسماء والتداول حولها في اجتماع عالي المستوى، إلا أن اللون السياسي للمعينين في هذه المناصب ظل غامضا، فيما أكدت مصادر، أن أغلب المسؤولين الذين تم تعيينهم خلال الفترة المذكورة، والبالغ عددهم 689 مسؤولا، يحملون بطريقة أو بأخرى ألوان حزب العدالة والتنمية، الذي لم يفوت فرصة صعوده لقيادة الحكومة، محمولا على صناديق تشريعيات 2011، من أجل التغلغل في الإدارات العمومية، اقتفاء لخطى من سبقوهم من أحزاب، يتعلق الأمر أساسا بحزبي الاستقلال والاتحاد الاشتراكي.
وكشفت صحيفة “الصباح” في عددها الصادر نهاية الأسبوع الحالي أنه خلال المجلس الحكومي المنعقد في 24 يوليوز الماضي، استكمل بنكيران لائحة التعيينات في المناصب العليا، ليقفز عدد المعينين إلى مستوى مرتفع، ما يؤكد المعلومات التي تفيد نظاما جديدا غير معلن، يستهدف إخلاء الإدارات العمومية من الكفاءات، وذلك بتعيين مسؤولين جدد محل آخرين أكثر خبرة وكفاءة، بما يربك سير تنفيذ المخططات والإستراتيجيات التنموية، خصوصا بالنظر إلى حجم المسؤوليات والمناصب التي يؤطرها القانون التنظيمي 02.12، المتعلق بالتعيين في المناصب العليا، إذ همت التعيينات خلال الولاية الحكومية الحالية، رؤساء مصالح ومديريات، وكذا كتاب عامين ومديرين مركزيين في وزارات، إلى جانب مديرين عامين لمرافق ومؤسسات عمومية.
وتتحدث المصادر، عن مطاردة للساحرات، عندما يتعلق الأمر بمبادئ ومعايير التعيين في المناصب العليا، التي تضمنتها المادة الرابعة من الإطار القانوني المذكور، تنفيذا للمادة 92 من الدستور، بما يضمنه من مفاهيم فضفاضة للاستحقاق والنزاهة والمساواة والاستقامة، في الوقت الذي أظهرت السنوات الأربع الماضية، ازدواجية في خطاب رئيس الحكومة حول التعيين في المناصب العليا، ذلك أنه عمل على تسريع إخراج القانون التنظيمي المذكور في 2012، ووجه خطاباته بعد ذلك، في اتجاه ربط الاغتناء بمغادرة الوظيفة العمومية نحو التجارة.
وبالنظر إلى صعوبة التثبت حول التوجه الإيديولوجي لهذا المسؤول أو ذلك، المعينين في الولاية الحكومية الحالية، فإن بعض هؤلاء المسؤولين، يضع في العلن قبعتين أو أكثر، ذلك أن بسيمة الحقاوي، وزيرة التضامن والمرأة والأسرة والتنمية الاجتماعية، المنتمية إلى “بيجيدي”، لم تجد حرجا في تعيين عبد المنعم مدني، عضو المجلس الوطني للحزب الذي تنتمي إليه، ورئيس مقاطعة يعقوب المنصور في الرباط، مديرا عاما للتعاون الوطني، والأمر نفسه بالنسبة إلى فاطمة بنحساين، مديرة المجتمع المدني في الوزارة المكلفة بالعلاقات مع البرلمان، التي يقودها عبد العزيز عماري، علما أن المسؤولة المذكورة، كانت تشغل مهمة الكاتبة العامة لمنتدى الزهراء، الذراع النسوي للعدالة والتنمية.
واختار تغلغل “بيجيدي” في الحكومة، المرور عبر قنوات تبادل المصالح مع أحزاب الأغلبية، حين تم تعيين محمد الهيلالي، الذي شغل منصب نائب رئيس حركة التوحيد والإصلاح، الذراع الدعوي للعدالة والتنمية، في منصب مدير الشؤون القانونية بوزارة الإسكان وسياسة المدينة، التي يقودها نبيل بنعبد الله، أمين عام حزب التقدم والاشتراكية، والأمر نفسه بالنسبة إلى عبد الرحيم شيخي، المسؤول السابق في ديوان رئيس الحكومة، الذي تحول فجأة إلى رئيس للحركة المذكورة، وكذا محمد عماري، مدير الموارد البشرية بوزارة التعليم العالي، فيما اضطر عزيز رباح، وزير التجهيز والنقل واللوجستيك، خلال مناسبتين، لتغيير الكاتب العام في وزارته، ليوزع مجموعة من المناصب الحيوية على محسوبين على الحزب الذي يمثله في الحكومة، فيما حاول مصطفى الخلفي هو الآخر، تسليم منصب رئيس الديوان لعضو في التوحيد والإصلاح.
ولم تنج من تغلغل العدالة والتنمية في دواليب الدولة، سوى وزارات الداخلية والمالية والشؤون العامة، التي ظلت عصية على الاختراق، في الوقت الذي انتقلت عدوى التغلغل إلى التقدم والاشتراكية، حين عين الحسين الوردي، وزير الصحة، رئيس ديوانه مديرا بالوزارة، فيما عين زميله عبد السلام الصديقي، وزير الشغيل، رفيقه أنس دكالي، على رأس الوكالة الوطنية لإنعاش التشغيل والكفاءات، ورئيس ديوانه أيضا، كاتبا عاما للوزارة.

عن جريدة الصباح

Total
0
Shares
المنشورات ذات الصلة