تكريم مؤثر من إيمان المصباحي ومحمد باكريم لروح المخرج عبد الله المصباحي

رحلت أبي….
رحلت بعد أن منحت للسينما كل حياتك
أعطيتها كل ماتملك حتى النفس الأخير
مازلت أراك وأنت على فراش المرض
تحكي لي سيناريو فيلمك القادم و كلك أمل وثقة في الحياة ،
غير أن الموت ليس سينيفيليا.
أبي حين كنت صغيرة أعتقدك خالدا
و كنت تصحح قولي:بل أفلامي هي الخالدة
و كنت على صواب
رحلت ابي و أفلامك باقية بعضها داخل الوطن
والبعض الآخر خارجه
فكانت هذه الاعمال مرآة وطن ومعاناة
وأحلام حياة قطعها الموت.

بهذه الكلمات المؤثرة، اختارت إيمان المصباحي تكريم روح والدها. ودعت المخرجة والمنتجة والموزعة، ليلة أمس الثلاثاء بمراكش، إلى ترميم أفلام المخرجين الراحلين والمحافظة عليها لأنها “تشكل ذاكرة التاريخ السينمائي والموروث الثقافي للمغرب”.
وأشارت المصباحي، خلال حفل تكريم ذكرى والدها المخرج الراحل عبد الله المصباحي، في إطار الدورة السادسة عشر للمهرجان الدولي للفيلم بمراكش (2-10 دجنبر)، إلى أن “أفلام الراحل خالدة داخل الوطن وخارجه، وأن أعماله مرآة وطن ومعاناة وأحلام وضع لها الموت حدا”.

وأضافت المصباحي التي غالبتها الدموع :

و أنا أحضر لفيلم التكريم هذا الذي خصص لمسيرتك
وأعمالك السينمائية آلمتني الحالة التي آلت إليها
نسخ أفلامك ، فأحسست بغصة ،
إحساس مر بفقدانك للمرة الثانية
أود اغتنام فرصة هذا التكريم لأوجه نداءا
من أجل أن يرقد أبي وكل السينمائيين الذي رحلوا في سلام
أن يتم ترميم  أفلامهم و المحافظة عليها.
فتلك الكيلومترات من الأشرطة هي الذاكرة السينمائية لتاريخنا ، هي أيضا إرثنا الثقافي جميعا.

Hommage Abdelah Masbahi 2

وفي كلمة في حق الفقيد، قال الناقد السينمائي محمد باكريم إن عبد الله المصباحي، الذي وافته المنية في شهر شتنبر الماضي، كان “عاشقا كبير للسينما لا يمكن الفصل بين حياته والفن السابع”.
وحسب باكريم، قام المصباحي، ابن مدينة الجديدة، برحلة إلى باريس أواخر الخمسينيات لإجراء تكوين في السينما ثم رجع للمغرب للاشتغال في العديد من المناصب ذات العلاقة بالسينما قبل أن ينتقل نحو المشرق في جولة كبيرة مكنته من الانفتاح على السينما العالمية.
وقال باكريم : إنها لحظة تذكر ووفاء لأحد رواد السينما المغربية، الراحل عبد الله المصباحي. وأن يحتضن مهرجان دولي من قيمة مهرجان مراكش هذه التحية لروح الفقيد المصباحي لتعبير آخر عن كون السينما المغربية توجد في قلب اهتمامات هذا المهرجان، خاصة وأنه تكريم يأتي في سياق تركيب بليغ يجمع في مشهد عميق الدلالة بين ذاكرة سينمائيين، عبد الله المصباحي وعباس كياروستامي- سينمائيين مختلفين في مسارهما واختياراتهما ويجمعهما عشق السينما، كل بطريقته. وهو العشق الذي جعل مهرجان مراكش يحتفي بهما في سياق تموقعه كتظاهرة سينمائية كبيرة لا تنسى أصدقاءها.
وأضاف باكريم أن الراحل كان حاملا لمشروع شامل ومكتمل يمكن تلخيصه في سينما شعبية واجتماعية ذات بعد دولي، حيث كرس مجهوداته، طيلة حياته، للإنتاج من خلال تطرقه لمواضيع حساسة كالمخدرات والعلاقات الإنسانية، ثم عمل على توظيف نجوم محلية ودولية في أعماله التي “تبقى خالدة باعتبارها جزءا من التراث السينمائي المغربي”.

وأضاف باكريم بخصوص أفلام المصباحي: مشروع سينمائي عرف نسبا معينة من النجاح والإخفاق وأثار جدلا وسجالا ولكنه اليوم جزء من التراث السينمائي المغربي. المصباحي المتعدد المواهب لم يكن صاحب مشروع واحد فقد ترك لنا مشروعا إنسانيا آخر ربما هو أحسن أفلامه، والأكيد أنه هذه المرة يتحقق حوله إجماع. مشروع اسمه: إيمان المصباحي، المخرجة والمنتجة والموزعة المتألقة.
وتم أيضا، خلال هذا التكريم، عرض لقطات من أفلام عبد الله المصباحي الكثيرة من قبيل “الصمت في اتجاه الممنوع” و”الضوء الأخضر” و”أفغانستان لماذا” و”سأكتب اسمك على الرمال” و”غدا لن تتبدل الأرض”، التي جمعت بين ممثلين مغاربة وآخرين أجانب.
وكان الراحل عبد الله المصباحي، المزداد سنة 1936 بمدينة الجديدة، حصل على شهادة في الاقتصاد من جامعة فريبورغ بسويسرا قبل أن يتجه لدراسة السينما في المدرسة العليا للدراسات السينمائية بباريس، حيث تخرج من قسم الإخراج السينمائي وكتابة السيناريو.
وشغل الراحل العديد من المناصب الإدارية، التي لم تثنه عن الاشتغال في السينما والمسرح، إذ أخرج العديد من الأفلام والبرامج للتلفزيون الوطني المغربي، كما سبق له أن كان عضوا في لجنة تحكيم الأفلام القصيرة في مهرجان برلين، فضلا عن كتابته لمسرحيات عرضت قي العديد من المدن الألمانية.

Total
0
Shares
المنشورات ذات الصلة