رفع عدد من المعتقلين، المحكومين في قضايا تتعلق بالتطرف والإرهاب، ملتمسا بالعفو إلى الملك محمد السادس، معلنين بشكل رسمي تشبثهم بثوابت الأمة ومقدساتها، ومراجعة مواقفهم وتوجهاتهم الفكرية، ونبذهم للتطرف والإرهاب، حسب ما جاء في صحيفة “آخر ساعة” في عددها الصادر اليوم الاثنين.
وأكد هؤلاء المحكومين في ملتمسهم، ومنهم “دواعش” اعتقلوا بالمغرب وآخرون عائدون من ساحتي القتال تحت لواء ما يسمى، بتنظيم الدولة الإسلامية، بكل من سوريا والعراق، “توبتهم، وندمهم ورجوعهم إلى الطريق السوي وتمسكم بأهداب العرش”.
وجاء في نص ملتمس العفو، الذي وقعه نيابة عن هؤلاء المحكومين، الشيخ عبد الكريم الشاذلي، المعتقل السابق في قضايا الإرهاب، مؤازرا بعدد من شيوخ السلفية والمعتقلين الإسلاميين السابقين، أن ملتمسي العفو بعدد من سجون المملكة، على استعداد للانخراط في مشروع الدولة المغربية القوية.
وتوجه الشيخ الشاذلي، حسب وثيقة ملتمس العفو، التي حصلت يومية “آخر ساعة” على نسخة منها، إلى الملك بالقول: “بعد تقبيل أعتابكم الشريفة وتقديم ما يليق بمقامكم السامي، من فروض الطاعة والولاء والإخلاص، يتقدم خديمكم المطيع، عبد الكريم الشاذلي، أصالة عن نفسه، ونيابة عن مجموعة من المعتقلين السلفيين، وأبنائهم وأفراد عائلاتهم المفرج عنه سابقا…، بموجب عفوكم السامي، طالبين مني، أن أبلغ جلالتكم، شكرهم الجزيل وامتنانهم بمكرمة العفو الذي شملتهم به، والذي جعلهم ينعمون بالحرية..”.
وأضاف الشيخ الشاذلي قائلا في نص ملتمس العفو المرفوع إلى الملك: “مرة أخرى، ألح علي عدد من المعتقلين السلفيين بسجون المملكة، أن أرفع شكرهم واستعطافهم، إلى مقامكم السامي، بعدما أكدوا لي، توبتهم، ورجوعهم إلى الطريق السوي وتمسكم بأهداب عرشكم المنيف، راغبين في عفوكم، إسوة بأصدقائهم الذي تمتعوا بعفوكم السامي”.
وكشف الشيخ، في ملتمسه إلى الملك باسم عدد من المعتقلين السلفيين”استعدادهم، مثل أصدقائهمالسابقين للانخراط في مشروع الدولة المغربية القوية، بمؤسساتها الدستورية، ومقدساتها العليا، ووحدتها الترابية، التي تذوذون عنها وتكابدون الجهد، تلو الجهد، للدفاع عن مغربيتها وطي ملفها النهائي”.
وشدد الشاذلي، على أن أصحاب هذا الملتمس “عبروا عن كونهم، لا يألون جهدا في التجند وراءكم (في إشارة إلى الملك)، ووراء سياستكم الحكمية، واستعدادهم للمشاركة في مسيرات البناء الديمقراطي، والتنمية المنشودة، التي ترعونها صباح مساء”.
وخلص هذا الملتمس إلى القول للملك: “أبلغكم رجاء هؤلاء المعتقلين بأبنائهم وعائلاتهم، أن كل ذنب وإن عظم صغير في جناب عفوكم، وكل إساءة وإن كبرت، يسيرة لدى حلمكم”، فأنتم يا مولاي، يقول الشاذلي بلسان عدد من المعتقلين السلفيين: “سلسل أسرة تركت في سجل التاريخ، صفحات مجد، وافتخار، لهذه الأمة، تحنو على رعاياها، وتعفو على المسيئين، وتشد أزر المعوزين”.
وفي اتصال هاتفي ليومية “آخر ساعة”، مع الشيخ عبد الكريم الشاذلي، أكد صحة وثيقة ملتمس العفو الموقعة باسمه نيابة عن عدد من المعتقلين السلفيين بسجون المملكة، موضحا أن الملتمس رفع قبل نحو شهر ونصف إلى الديوان الملكي.
وكشف الشاذلي، في تصريح للجريدة، أنه بادر مؤزرا بعدد من شيوخ السلفية والمعتقلين الإسلاميين السابقين، إلى توقيع هذا الملتمس، بعدما تأكد يقينا، من ندم ملتمسي العفو، ومراجعتهم الجذرية لمواقفهم وتوجهاتهم الفكرية، ونبذهم للتطرف والإرهاب، وتشبثهم بثوابت الأمة ومقدساتها وبالمؤسسات الوطنية ومنها النظام الملكي، والوحدة الترابية، واستعدادهم للانخراط في خدمة المشروع الديمقراطي للوطن وراء أمير المؤمنين الملك محمد السادس.
وقلل الشاذلي من مخاوف عودة هؤلاء المعتقلين السلفيين، المقدر تعدادهم بنحو 130 سجينا، إلى معانقة الحرية بعفو ملكي، على الرغم من أن من بينهم معتقلون، حُكموا في إطار الحرب المشروعة على تنظيم “داعش”، وعائدون من سوريا والعراق، محيلا على نجاح تجربة الاندماج في المجتمع، لمعتقلين إسلاميين سبق أن تمتعوا بعفو ملكي، رغم إدانتهم في قضايا الإرهاب والتطرف.
وعلى خلاف الشاذلي، صرح إدريس الكنبوري، الباحث في الحركات الإسلامية، أن العفو على هؤلاء يجب أن يكون مسبوقا بجلسات حوار رسمية معهم داخل السجون، حتى التأكد من مراجعة قناعتهم، داعيا إلى تبني التجربة الفرنسية التي تقوم على إجراء هيئات رسمية حوارات مراجعات فكرية مع معتقلين إسلاميين.
وفي السياق نفسه، قال محمد الهيني، منسق الجبهة الوطنية لمناهضة التطرف والإرهاب، ليومية “آخر ساعة”، إنه “لا عفو على الدواعش، وأن العائدين من سوريا والعراق تدربوا على الحرب والقتال، وأن تطبيق القانون في حقهم حماية للوطن والمجتمع”.
وشدد الهيني، على أن الدولة من واجبها التعامل بحذر مع ملتمسات العفو، التي تتوجه إليها من طرف المعتقلين المحكومين في قضايا التطرف والإرهاب، عندما يكون ضمنهمدواعش، حتى تتأكد عن طريق خبرائها، بشكل رسمي، من تشبثهم بثوابت الأمة ومقدساتها وبالمؤسسات الدستورية، ومراجعة مواقفهم وتوجهاتهم الفكرية، ونبذهم للتطرف والإرهاب، ونيلهم شهادة حسن السيرة والسلوك طيلة مدة اعتقالهم.
يذكر أن الملك سبق أن أصدر عام 2015 بمناسبة المسيرة الخضراء، عفوا ملكيا خص به 37 من المعتقلين، المحكومين في قضايا تتعلق بالتطرف والإرهاب، استجابة لملتمسات العفو، التي دأب المعنيون بالأمر، على رفعها إليه، بصفة متواصلة، منذ سنة 2005، والتي لم تحظ بالموافقة الملكية إلا في تلك المناسبة الاستثنائية، وبعدما أعلنوا بشكل رسمي مراجعة مواقفهم وتوجهاتهم الفكرية ونبذهم للتطرف والإرهاب…