العمراني: القضاء المغربي يتعامل عادة مع مضامين الاتفاقيات الحقوقية الدولية بحسب درجة انسجام مقتضياتها مع القوانين الوطنية

أكد ياسين العمراني، الكاتب العام لنادي قضاة المغرب، في ندوة وطنية نظمها نادي قضاة المغرب بشراكة مع الجمعية الأمريكية للمحامين و القضاة حول موضوع : ” تطبيق المواثيق الحقوقية الدولية في العمل القضائي المغربي: رهانات وعوائق”، أن هذا النشاط يندرج في إطار برنامج الشراكة الذي يجمع بين نادي قضاة المغرب و الجمعية الأمريكية للمحامين و القضاة، و الذي يتوخى توفير الظروف الملائمة لتفعيل المواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان على مستوى العمل القضائي، بالنظر للقيمة المضافة التي يوفرها هذا التفعيل على مستوى تجويد العمل القضائي، و المساهمة في تدعيم ركائز دولة الحق و القانون، موضحا أن هذه الندوة تشكل افتتاحا لبرنامج الشراكة الذي يربط نادي قضاة المغرب والجمعية الأمريكية للقضاة والمحامين، و الذي سيشمل على مدى سنتين تنظيم سلسلة من الدورات التكوينية لفائدة القضاة في مجال تفعيل الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان في العمل القضائي المغربي.

من جانبها أكدت رئيسة الجمعية الأمريكية للقضاة والمحامين على الأهمية التي يكتسيها تطبيق الاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان في المجال القضائي، معبرة بالمناسبة على اهتمام جمعيتها بواشنطن بعمل نادي قضاة المغرب في هذا الصدد.
وعرفت الندوة إلقاء عدد من العروض المرتبطة بمجال تفعيل الاتفاقيات الدولية في العمل القضائي، حيث تحدثت وداد العيدوني، عضوة المجلس الأعلى لمؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة، عن دور القضاء العادي في مجال تطبيق المواثيق الدولية الحقوقية، مشيرة إلى إشكالية ملائمة القانون الداخلي مع المواثيق الدولية، باعتبار أن هذه الأخيرة من المصادر الهامة التي يمكن للقاضي المغربي إعمالها والاسترشاد بها، مستعرضة مجمل الاتجاهات الفقهية التي تطرقت لهذه الإشكالية، خاصة في ظل أخذ المشرع المغربي بالاتفاقيات الدولية المؤطرة لحقوق الإنسان في عدد من قوانينه، كقانون الجنسية، وقانون حقوق المؤلف، وقانوني المسطرة المدنية والمسطرة الجنائية، مع تأكيدها على أن تفعيل هذه الاتفاقيات يبقى مرهونا بشرط احترام المبادئ الدستورية العليا، مستدلة في ذلك ببعض الاجتهادات القضائية التي طبقت الاتفاقيات الدولية، خصوصا بأقسام قضاء الأسرة.

من جانبه تطرق ياسين العمراني، الكاتب العام لنادي قضاة المغرب في مداخلته، إلى مستويات تفاعل القضاء المغربي مع الاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان، موضحا على أن القضاء المغربي يتعامل عادة مع مضامين الاتفاقيات الحقوقية الدولية بحسب درجة انسجام مقتضياتها مع القوانين الوطنية، إذ في مستوى أول يتم تفعيل المضامين التي لا تتعارض مع القوانين المغربية، و يتم تفعيل الاتفاقيات الدولية في هذا المستوى إما من خلال الإشارة إلى مضمون القاعدة الكونية دون ذكرها إسما و بشكل صريح، كما هو الشأن بالنسبة لعدد من القرارات الصادرة عن المجلس الأعلى التي استدل بها في معرض مداخلته، أو من خلال الإشارة الصريحة في حيثيات الأحكام القضائية لبنود الاتفاقية، مستشهدا في ذلك بعدد من الأحكام الصادرة عن القضاء المغربي، كما هو الشأن بالنسبة للقرار الصادر عن الغرفة الاجتماعية بمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء الذي اعتمد على أحكام اتفاقية مناهضة التمييز ضد المرأة بشكل صريح، وقرر اعتبار طرد الأجيرة بسبب الجنس طرد تعسفيا استنادا إلى بنود اتفاقية، أما المستوى الثاني من مستويات التفعيل، فيكون في حال التعارض بين القانون المغربي و الاتفاقيات الدولية، حيث يلجأ القضاء المغربي غالبا إلى استبعاد تفعيل الاتفاقيات الدولية المتعارضة مع القوانين الوطنية رغم المصادقة عليها من قبل المغرب، موضحا أنه رغم ذلك توجد بعض الاستثناءات التي طبق فيها القضاء المغربي الاتفاقيات الدولية رغم تعارضها مع القانون المغربي، مستشهدا بهذا الخصوص بعدد من القرارات الصادرة عن القضاء المغربي كالقرار الصادر عن محكمة النقض الذي طبقت فيه أحكام اتفاقية هامبورغ لنقل البضائع بشأن مسؤولية الناقل البحري التي تتعارض مع القانون التجاري البحري.

Total
0
Shares
المنشورات ذات الصلة