هنيئا لنا بلجنة دعم الأعمال السينمائية،و هنيئا لنا بما يرتكب في حق السينما..
قبل أن نتحدث عن التشكيلة الجديدة للجنة دعم الأعمال السينمائية الجديدة برئاسة الأستاذ ادريس العلوي المدغري،علينا أن نجدد طرح سؤال مهم:بالطريقة التي تشتغل بها اللجان،هل يمكن أن نحصد نتيجة إيجابية؟أبداً،و لنعبر و نشرح مرة أخرى هذا الكلام.حتى لو أحضرنا أكبر العارفين بخبايا صناعة الأفلام في العالم و منحناهم عضوية لجنة الدعم، لن يجدي الأمر نفعاً مادامت الطريقة تيسر على محترفي الريع الوقوف في طابور طويل،و انتظار حصتهم من المال العام في كل مرة.هاته الفئة تضم كثيراً من قدماء لم يقدموا شيئا للسينما،و لن يقدموا شيئا للسينما لأن الهدف لم و لن يكون يوما هو السينما.هاته الفئة،ترقب في كل مرة نصيبها من مال الدعم، و تقطع الطريق على مخرجين شباب من المبدعين و على مخرجين آخرين يعدون شريطهم الطويل الثاني أو الثالث.تحرمهم من فرصة الاستفادة،أو تقزمها من خلال اقتسام منحة هي في الأصل موجهة للمبدع الحقيقي.هل لدينا مبدعون حقيقيون؟ بدون ارتياب نعم،و بدون ارتياب أيضاً أن النتيجة ستكون غير مخيبة في حال تغيير قواعد منح الدعم و توجيهه نحو من يستحقه و نحو جيب الفئة التي تريد أن تصنع فيلما حقيقياً.المطلوب أن ندعم من يمنح الجهد الكامل و يسهر على توفير كل سنتٍ للفيلم، بكل الحب الذي يكنه آدمي للسينما.
يغيرون اللجان،و النتيجة لن تتغير و نفس الفئة التي تغير على العيون ستستمر في الاستفادة من الدعم لأن هذه الفئة تتحجج بالقانون. في وضعنا الحالي نحتاج دعم المخرج المبدع،و ليس المخرج الذي يعيل نفسه من مال الدعم و يضمن بقاءه و إنعاش رصيده البنكي في كل مرة.
لا أود هنا الدخول في لعبة الأسماء،و لو أن تحفظات كثيرة تخص بعضها خصوصا و أن من ضمن الذين وقع عليهم الاختيار، أناس لهم علاقات مباشرة بأبرز مسيري القطاع.سنعود لهذا الأمر لاحقاً،لكن المثير الآن هو أن دورة كاملة ذهبت أدراج الرياح بسبب التأخر الحاصل في تشكيل اللجنة.ستجد اللجنة نحو أزيد من ثلاثين من السيناريوهات أو ما يحاكي سيناريوهات الأفلام الطويلة، و أمامها وقت ضيق لتحسم.كيف ستحسم؟عمليا،القراءة المركزة و الممحصة مستحيلة في هذه المساحة الزمنية المتبقية.بالتالي سيتم العبور نحو حسم الأمور بشكل غريب ومرتبك،لنضيف مصيبة جديدة لتلك التي تحدثت عنها في البدء و المتمثّلة في الطريقة المريبة الخاصة بتوزيع الدعم و من له الأحقية في نيل الدعم. تعرفون أين تكمن الكارثة؟ف ي فئة واسعة من مخرجين منتجين قدموا أكثر من ستة أو سبعة أعمال طويلة،و لم يقنعوا يوماً.هم أيضاً لم يكونوا يوماً مقتنعين في قرارة نفسهم بأنهم خلقوا ليبدعوا سينمائيا،و مع ذلك تعثر عليهم بعد الانتهاء من ارتكاب كل جرم جديد في حق السينما و قد عادوا ليضمنوا مكانهم في طابور المنتظرين.حين يتأخر الدعم قليلا،يصرخون و ينددون و يشتكي الظالم من الظلم.هي واحدة من المآسي التي ترتكب باسم الفن و باسم السينما،و هو ما تسارع هيئات مهنية للدفاع عنه، لأن هذه الهيئات تسير من طرف مستفيدين.بعد كل هذا،لماذا علينا أن نتفاجأ بالأشخاص الذين يتم جلبهم لتسيير لجان الدعم؟هناك مشكل أكبر،و هناك عراقيل كثيرة تتناسل.ما دمنا غير قادرين على تغيير القانون المنظم للدعم و غير قادرين على دعم المبدعين الحقيقيين وعلى منح الفرصة لأكبر عدد من مخرجين شباب،سنواصل اجترار نفس الخطايا و سنواصل الاعتداء على السينما. سنواصل غيابنا عن المهرجانات الحقيقية، وسنواصل تحفيز الجمهور على العزوف من القاعات،و سنواصل قتل السينما. بهذه الوتيرة،سنكون مجبرين للأسف على إكرام الميت بدفنه. نضيع كثيراً من فرص، و في يوم ما سيحاسب جيل جديد كل الصامتين و الطامعين في نيل أنصاف الفرص على ما يقترف في حق السينما.بهذه الطريقة المتبعة،هناك من يضمن لنفسه مورد رزق في حال ابتعاده أو إبعاده عن التسيير،و من يتحايل بهذه الطريقة لا يمكنه نهائيا أن يشتغل من أجل غد أفضل لسينمانا.
قلتها قبل أسبوعين و أكررها اليوم..نريد فقط التغيير،و حينئذ بالإمكان الحديث عن الأمل. المعتدون و المستنزفون للسينما،هم المتفوقون حالياً وعلينا أن نعترف لهم بالأمر.بإمكانهم أن يروجوا لأكاذيبهم في أمكنة أخرى،لكن في ركن ال”سي.بي.إم” قسماً لن تمرر و قسما لن نتغير.المشكلة ليست مشكلة أسماء مكونة للجنة،بل الطريقة التي تشتغل بها هذه اللجنة أو تلك التي تدعم المهرجانات و تقترف كبير جرم في حق المواعيد السينمائية الجادة. باختصار شديد،هل ما أريده لسينمانا،يريده المشرفون على القطاع؟لا أعتقد..حقاً،لا أعتقد.. لا أعتقد أيضاً بأنه الركن الأخير الذي سأخصصه للموضوع.
* ركن السي بي إم إذاعة ميدي 1