أكد وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي، ناصر بوريطة، اليوم السبت، أن المبادرة المغربية للحكم الذاتي، التي قدمتها المملكة سنة 2007، تعززت من جديد بعد القرار 2351 الذي صادق عليه مجلس الأمن بإجماع أعضائه.
وأبرز بوريطة، خلال لقاء مع الصحافة في الرباط، أن مجلس الأمن أخذ علما، في هذا القرار، مرة أخرى بالمقترح المغربي، ورحب بالجهود “الجدية وذات المصداقية” التي تبذلها المملكة من أجل المضي قدما نحو تسوية نهائية للنزاع المفتعل حول مغربية الصحراء، معتبرا أن الأمر يتعلق هنا ب”عنصر أساسي”.
وأشار المسؤول المغربي إلى أن “قرار مجلس الأمن واضح جدا بخصوص هذا الموضوع، بالنظر لوجود دينامية أطلقت منذ سنة 2007 وباتت تشكل اليوم مرجعا وأساسا للعمل بالنسبة للأمم المتحدة بشأن هذه القضية”.
وأكد أنه بفضل المبادرات التي يقودها الملك محمد السادس، ساهم المغرب بشكل كبير في خلق جو الهدوء الذي جرت فيه النقاشات داخل مجلس الأمن.
وقال بوريطة إن العديد من المعايير الواردة في تقرير الأمين العام للأمم المتحدة وقرار مجلس الأمن تعزز عناصر الموقف المغربي، موضحا أن القرار الأممي يجدد التأكيد، بشكل واضح، على معايير المسلسل السياسي كما تم تحديدها منذ سنة 2007.
وأوضح أنه بالنسبة لمجلس الأمن ينبغي أن تحكم هذا المسلسل “الواقعية وروح التوافق”، كما تشهد على ذلك دعوته إلى أن يتم أخذ الجهود المبذولة منذ سنة 2006 والتطورات التي حدثت منذئذ بعين الاعتبار، وذلك من خلال التحلي بالواقعية وروح التوافق.
وأبرز الوزير أن التوافق يفترض أن ينأى كل طرف عن مواقفه الأولية، موضحا أن المغرب قد أعطى دليلا من خلال مبادرة الحكم الذاتي، في حين يتعين على الأطراف الأخرى أن تظهر نفس منطق الواقعية وروح التوافق من خلال الابتعاد عن ما هو “غير قابل للتطبيق وغير واقعي”.
وأشار المسؤول المغربي إلى أن القرار الجديد يشدد على البعد الإقليمي للنزاع حول قضية الصحراء المغربية، حيث إنه يطلب من دول الجوار التعاون بشكل واضح مع الأمم المتحدة والانخراط بعزم أكبر من أجل وضع حد للمأزق الحالي والتقدم نحو حل سياسي.
وأضاف أن مجلس الأمن يضم، بذلك، صوته لنداء الأمين العام للأمم المتحدة من خلال التأكيد على أن “الجزائر وموريتانيا بإمكانهما، بل يتعين عليهما، تقديم دعم مهم لهذا المسلسل”، مضيفا أن الأمر يتعلق بـ”معطى جديد” في القرار الأممي.
وأبرز الوزير أن مسؤولية دول الجوار، وخاصة الجزائر، مؤكدة بشكل لا لبس فيه في هذا القرار، كما أشار إلى ذلك بوضوح تقرير الأمين العام للأمم المتحدة، مشددا على أن الأمر لم يعد يتعلق بـ”مساهمة اختيارية أو طوعية”، بل “بواجب الانخراط في البحث” عن حل نهائي لهذا النزاع المفتعل.
واعتبر بوريطة أن البعد الإقليمي تمت الإشارة إليه بشكل واضح من قبل مجلس الأمن، حينما اعتبر أن الحل السياسي لهذا النزاع الذي طال أمده، وتعزيز التعاون بين البلدان الأعضاء في اتحاد المغرب العربي، سيساهمان في تحقيق الاستقرار والأمن في المنطقة.
وأكد ان مجلس الأمن وضع بلدان الجوار أمام مسؤولياتها من خلال التأكيد على إلزامية مساهمتها في هذا المسلسل، مبرزا أن مساهمة الجزائر ينبغي أن ترتقي إلى مستوى الدور الذي لعبته في خلق هذا النزاع.
وأضاف أنه على الرغم من محاولات الأطراف الأخرى لتحويل الانتباه عن المسلسل السياسي، من خلال السعي، عبثا، كما كان الحال في السنوات الأخيرة، لإثارة نقاش حول حقوق الإنسان والموارد الطبيعية وولاية المينورسو، برهن مجلس الأمن مرة أخرى على أنه يدرك أن المسلسل السياسي يبقى هو مفتاح أي حل لهذا النزاع المفتعل.
وشدد الوزير على أنه من المهم اليوم أن يكون هناك مجددا هذا التركيز على المسلسل السياسي وتفادي وضع عراقيل لتحويل الانتباه وإخفاء غياب التزام الأطراف الأخرى، موضحا أن غياب أي إشارة في القرار الأممي إلى “الأداء الوظيفي الكامل” للمينورسو، على عكس السنة الماضية، يثبت أن هذه المسألة لم تعد ذات راهنية بالنسبة لمجلس الأمن، بفضل التفاعل بين المملكة والأمانة العامة للأمم المتحدة.
وسجل الوزير أن مسؤولية الجزائر إزاء إحصاء ساكنة مخيمات تندوف تمت الإشارة إليها مجددا من قبل مجلس الأمن، مع التشديد على ضرورة اتخاذ إجراءات ملموسة لتنفيذ هذه العملية، مشيرا إلى أن هذا أمر مستجد بالمقارنة مع السنوات السابقة.
ومن جهة أخرى، رحب بوريطة بموقف واشنطن، الذي جددت التأكيد عليه الإدارة الأمريكية الجديدة بشأن المبادرة المغربية للحكم الذاتي، التي وصفت بأنها “جدية وذات مصداقية وواقعية”، مؤكدة أن المقترح يمثل “مقاربة محتملة لتلبية تطلعات ساكنة الصحراء وتدبير شؤونهم في سلام وكرامة”.
وأضاف الوزير أن فرنسا والسنغال جددتا التعبير عن الموقف نفسه بشكل واضح للغاية، مشيرا إلى أن “مواقف ثلاث دول من ثلاث قارات تتطابق إزاء مقترح الحكم الذاتي هذا”.