اعترف الملك الإسباني، خوان كارلوس، أنه كان مستعدا للتنازل عن مدينة مليلية المحتلة وإرجاعها إلى المغرب سنة 1979، مع وضع مدينة سبتة تحت حكم دولي على غرار مدينة طنجة، التي خضعت له سنة 1923 إلى أن حصلت على الاستقلال سنة 1956، وذلك وفقا لمضمون وثيقة ديبلوماسية سرية كشفتها السفارة الأمريكية أخيرا، حسب ما جاء في صحيفة “آخر ساعة” عدد نهاية الاسبوع.
وأوردت وكالة “أوروبا بريس”، أول أمس الخميس، في تقرير حول الوثيقة المذكورة، أن اعتراف الملك خوان كارلوس جاء خلال اجتماع عقده في قصر “دي لازارزويلا”، مع السيناتور الأمريكي “إد موسكي” الذي أُرسل آنذاك من قبل الرئيس الأمريكي جيمي كارتر، في إطار جولة كان يقوم بها في أوروبا لإجراء مناقشات سرية مع قادة المنطقة بخصوص التحديات الرئيسية التي تعيشها، والتي تثير الاهتمام المشترك لأوروبا والولايات المتحدة.
وأضافت الوكالة أن خوان كارلوس أشار إلى إمكانية التنازل عن مدينة سبتة، التي كان يعيش فيها في ذلك الوقت أكثر من 60 ألف إسباني، وهو عدد كبير مقارنة بسكان مليلية، مما يصعب إمكانية إلحاقها بالسيادة المغربية، وبالتالي كان أفضل حل له هو إلحاقها بالحكم الدولي في وضع مشابه لحالة مدينة طنجة بين سنوات 1923 و1956.
وأبدى العاهل الإسباني، خلال هذه المحادثات السرية، تخوفه، في ظل غياب الحل، من إمكانية تنظيم “مسيرة خضراء” قد تنتج مشاكل خطيرة، علما أن هذا الاجتماع كان انعقد في 30 أبريل 1979، أي ثلاث سنوات ونصف فقط بعد المسيرة الخضراء التي سببت أزمة بين البلدين وفتورا في العلاقة بين الملك الراحل الحسن الثاني وخوان كارلوس.
هذه التفاصيل تضمنها تقرير عن المحادثة التي استمرت لأكثر من ساعة ونصف بين الملك والمبعوث الأمريكي، والتي بعثها السفير الأمريكي بإسبانيا، تيرينس تودمان، في برقية سرية إلى البعثة الدبلوماسية الأمريكية في مدريد، قبل أن ترفع عنها وزارة الخارجية الأمريكية السرية سنة 2014. وقد أشار إليها المؤرخ تشارلز باول في كتاب بعنوان الملك والديمقراطية، والذي عرض يوم أول أمس الخميس.
وتضمنت البرقية الديبلوماسية، أن الملك خوان كارلوس اعترف لموسكي وتودمان أن “القضية الكبرى بين المغرب وإسبانيا هي المدينتين المحتلتين سبتة ومليلية”، وأضافوا أن “مليلية يمكن أن تعطى للمغرب لفترة مؤقتة لأن عدد الإسبان فيها لا يتجاوز 10 آلاف نسمة”.
وأقر الملك لمحاوريه بأن تفويت مليلية إلى المغرب “سيثير استياء الجيش الإسباني، وسيحتج على هذا القرار، لكن احتجاجه لن يستمر أكثر من شهرين، وبعدها يمكن السيطرة على الوضع”.