قطعت السعودية ومصر والإمارات والبحرين واليمن العلاقات الدبلوماسية مع قطر يوم الاثنين واتهمتها بدعم “الإرهاب” في أسوأ صدع تشهده المنطقة منذ سنوات وبعض أطرافه من أقوى الدول في العالم العربي.
كما قال محمد الدايري وزير الخارجية في حكومة شرق ليبيا يوم الاثنين إن الحكومة حذت حذو حلفاء إقليميين وقررت قطع العلاقات الدبلوماسية مع قطر.
وألقت إيران، خصم السعودية منذ وقت طويل وهدف مستتر من وراء الخطوة، باللوم على الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في التمهيد للقرار خلال زيارته للرياض مؤخرا.
وتشجب مصر ودول خليجية عربية بالفعل دعم قطر للإسلاميين خاصة جماعة الإخوان المسلمين التي تناصبها هذه الدول العداء.
وتصعد الخطوة المنسقة بشكل كبير الخلاف بين الدول العربية ومنها دول أعضاء في أوبك.
وأعلنت الدول الخليجية الثلاث إغلاق أجوائها مع قطر وأمهلت الزائرين والمقيمين القطريين 14 يوما للمغادرة. كما أنهى التحالف بقيادة السعودية في اليمن مشاركة قطر فيه.
واتهمت السعودية قطر بدعم الجماعات المتشددة ونشر أفكار العنف في إشارة فيما يبدو إلى قناة الجزيرة الإخبارية المملوكة لقطر.
واتهم بيان نقلته وكالة الأنباء السعودية قطر “باحتضان جماعات إرهابية وطائفية متعددة تستهدف ضرب الاستقرار في المنطقة ومنها جماعة (الإخوان المسلمين) و(داعش) و(القاعدة) والترويج لأدبيات ومخططات هذه الجماعات عبر وسائل إعلامها بشكل دائم”.
كما اتهم البيان قطر بدعم “الجماعات الإرهابية المدعومة من إيران” في القطيف بالمنطقة الشرقية بالمملكة وفي مملكة البحرين.
وقالت قطر إنها تتعرض لحملة بهدف الإضرار بها ونفت تدخلها في شؤون الدول الأخرى.
وقال بيان لوزارة الخارجية القطرية “لقد تعرضت دولة قطر لحملة تحريض تقوم على افتراءات وصلت حد الفبركة الكاملة ما يدل على نوايا مبيتة للإضرار بالدولة”.
وذكر تلفزيون الجزيرة أن الخارجية القطرية أعربت عن أسفها لقرار السعودية ومصر والإمارات والبحرين قطع العلاقات الدبلوماسية مع قطر لاتهامها الدوحة بمساندة الإرهاب.
ونقل التلفزيون عن الوزارة قولها “الإجراءات غير مبررة وتقوم على مزاعم وادعاءات لا أساس لها من الصحة”.
وأضاف “هذه الإجراءات لن تؤثر على سير الحياة الطبيعي للمواطنين والمقيمين”.
وقالت إيران إن الولايات المتحدة تمسك بخيوط اللعبة.
وكتب حميد أبو طالبي مساعد الشؤون السياسية بمكتب الرئيس الإيراني حسن روحاني على تويتر يقول “ما حدث هو النتيجة الأولية لرقصة السيوف” في إشارة واضحة لزيارة ترامب للسعودية مؤخرا.
كان ترامب ومسؤولون أمريكيون شاركوا في رقصة بالسيوف أثناء الزيارة الشهر الماضي. وتحدث ترامب عن إيران بوصفها مصدرا رئيسيا لتمويل ودعم الجماعات المتشددة.
وقال وزير الخارجية الأمريكي ريكس تيلرسون للصحفيين في سيدني اليوم الاثنين إن القرار لن يؤثر على محاربة الإسلاميين المتشددين وإن واشنطن حثت حلفاءها الخليجيين على حل خلافاتهم.
وقد يكون للخلاف بين الدوحة وحلفائها المقربين تداعيات في مختلف أنحاء الشرق الأوسط.
* تداعيات
وظهرت التداعيات الاقتصادية للقرارات على الفور إذ أعلنت شركات الاتحاد للطيران وطيران الإمارات وفلاي دبي الإماراتية تعليق جميع رحلاتها الجوية من وإلى الدوحة اعتبارا من صباح الثلاثاء وحتى إشعار آخر.
وذكرت الخطوط الجوية القطرية عبر موقعها الإلكتروني الرسمي أنها علقت كل الرحلات إلى السعودية.
ونزل مؤشر البورصة القطرية 7.5 بالمئة. وكانت بعض الأسهم القيادية في السوق هي الأكثر تضررا.
وهذه الإجراءات أكثر صرامة من إجراءات أخرى اتخذت خلال شقاق دام ثمانية أشهر في 2014 عندما سحبت السعودية والبحرين والإمارات سفراءها من الدوحة. لكن الأجواء لم تغلق آنذاك ولم يتم طرد القطريين.
وتهدد الإجراءات الدبلوماسية مكانة قطر التي تستضيف قاعدة عسكرية أمريكية كبيرة كما ستنظم بطولة كأس العالم لكرة القدم عام 2022. وتقدم قطر نفسها منذ سنوات في صورة الوسيط وأحد اللاعبين في الصراعات الكثيرة بالمنطقة.
وقال كريستيان أولريخسن وهو خبير في الشؤون الخليجية بمعهد بيكر ومقره واشنطن إن إغلاق الحدود البرية والمجال الجوي لقطر لأي فترة من الوقت “سيثير الفوضى في الجدول الزمني” لكأس العالم.
وأضاف “يبدو أن السعوديين والإماراتيين يشعرون بالقوة لتوافق مصالحهم الإقليمية، تجاه إيران والتطرف الإسلامي، مع إدارة ترامب.
“قرروا التعامل بالأسلوب البديل مع قطر مفترضين أنهم سيحظون بدعم إدارة (ترامب)”.
واستخدمت قطر نفوذها الإعلامي والسياسي لدعم الإسلاميين خلال انتفاضات الربيع العربي في 2011.
لكن أحزاب جماعة الإخوان المسلمين المتحالفة مع الدوحة تراجعت في المنطقة خاصة بعد إطاحة الجيش بالرئيس المصري المنتمي للإخوان محمد مرسي عام 2013 عقب احتجاجات حاشدة على حكمه.
وتدرج مصر والسعودية والإمارات جماعة الإخوان المسلمين على قائمة للتنظيمات الإرهابية.
وقالت وزارة الخارجية المصرية في بيان إن سياسة قطر “تهدد الأمن القومي العربي وتعزز من بذور الفتنة والانقسام داخل المجتمعات العربية وفق مخطط مدروس يستهدف وحدة الأمة العربية ومصالحها”.
وقال بيان من وزارة الخارجية المصرية إن مصر قررت أيضا “غلق أجوائها وموانيها البحرية أمام كافة وسائل النقل القطرية حرصا على الأمن القومي المصري”.
وقالت وكالة الأنباء اليمنية الرسمية (سبأ) إن الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا قطعت العلاقات مع قطر يوم الاثنين واتهمتها بالتعامل مع جماعة الحوثي المعادية لها والمتحالفة مع إيران.
وأضافت الحكومة في بيان أن القرار صدر “بعد اتضاح ممارسات قطر وتعاملها مع الميليشيات الانقلابية ودعمها للجماعات المتطرفة في اليمن”.
وأشارت إلى أن اليمن يدعم قرارا اتخذه التحالف بقيادة السعودية اليوم الاثنين بإنهاء مشاركة قطر فيه.
وارتفعت أسعار النفط بعد القرارات ضد قطر أكبر مصدر للغاز الطبيعي المسال وأحد أكبر مصدري المكثفات.