واشنطن : محمد السعدوني
فتحت السفارة المغربية بواشنطن أبوابها للزوار من الأمريكيين والمغاربة والأجانب الزائرين في إطار اليوم الوطني “جواز واشنطن” الذي تنظمه كل سنة العاصمة الأمريكية واشنطن في إطار الأنشطة الثقافية التي تسهر على تنظيمها مع سفارات الدول الأجنبية.
ونظمت العاصمة الأمريكية واشنطن لقاءها السنوي “جواز سفر العاصمة : جولة حول سفارات العالم” في دورته العاشرة وهو لقاء سنوي تفتح فيه العديد من سفارات العالم أبوابها للزوار إما عبر المقر الرسمي للسفارة أو تنظيم لقاء تحت رعاية السفارة بأحد فنادق المدينة.
واستقبلت السفارة المغربية بواشنطن أكثر من ثلاثة آلاف زائر في يوم جولة سفارات العالم، وهو الرقم الأكبر لعدد الزائرين بين العديد من السفارات التي شاركت في هذا الاحتفال السنوي والذي وصل هذه السنة إلى أكثر من 50 سفارة، واصطف العديد من الزوار في صف طويل طال الشارع المحادي للسفارة للتمكن من دخول الخيمة المغربية الصحراوية واكتشاف كنهها وسرها، وارتشاف الشاي المغربي وتذوق الحلويات المغربية.
ونصبت السفارة المغربية بواشنطن خيمة صحراوية بساحة بمحاداة السفارة، تم تزيين مدخلها بمجسم عبارة عن باب مقوس كبير بطراز أبواب تاريخية معروفة في المملكة، كما تم تزيين الخيمة الصحراوية بالسجاد والزرابي الأمازيغية التي تبرز التعدد الإثني والثقافي والحضاري للمملكة المغربية، ووضعت داخل الخيمة ديكورات مغربية وأدوات تقليدية يستعملها الصحراويون في حياتهم اليومية.
وأبرزت الخيمة المغربية الصحراوية جانبا من الصناعة التقليدية المحلية وتحفا وأشكالا فنية تبرز عظمة الصانع التقليدي الصحراوي وقدرته على الإبداع، وكشفت الخيمة عن جزء مما يزخر به المروث الثقافي والإرث الحضاري المغربي من عادات وتقاليد سواء في نقش الحناء أو طقوس الأعراس والعادات والتقاليد الصحراوية التي تزيد من غنى وتنوع المملكة وقوتها.
وقام مسؤولو القسم الثقافي بالسفارة بتقديم شروحات للزوار، وإبراز المغزى العميق من الاحتفال بهذا اليوم وفتح أبواب السفارة للزوار بلمسة صحراوية ساهمت في إنجاحها جهة كلميم واد نون، و”لعل الخيار لم يكن اعتباطيا لما تزخر به صحراء المغرب من إمكانيات وثروات خدمة لتنمية الساكنة الصحراوية، ولعل الهدف الرئيسي من جعل لمسة صحراء المغرب في واجهة الاستقبال هو تسليط الضوء على العمل الكبير الذي يقوم به المغرب لتنمية أقاليمه الجنوبية كما ينمي باقي أقاليمه الشمالية والشرقية والغربية وكل مدنه وجهاته الإثنتى عشرة بدون استثناء ولا تمييز”، يقول أحد المسؤولين الحاضرين.
ومن جهتها قالت “عائشة بنسعيد” منسقة مؤسسة “مروركو إفنت بروميير” التي ساهمت في نجاح اليوم المغربي في جواز واشنطن السنوي لــ “إحاطة” : “أعتقد أننا كنا في الموعد، والخيمة التي اخترنا أن تكون بلمسة صحراوية وتفاصيل أمازيغية حاولنا من خلالها إبراز قوة المغرب وتعدد روافده اللغوية والثقافية والتاريخية والحضارية، الأمر كان بالنسبة لنا تحديا استطعنا أن نكسبه بهذا الكم الهائل من الزوار الذي تعدى سقف ثلاثة آلاف زائر وهو رقم كبير إن كان يدل على شيئ فإنما يدل على أننا نجحنا في مهمتنا والترويج لبلدنا”، وأضافت بنسعيد وهي فاعلة نسائية معروفة في واشنطن، وإحدى ناشطات الظل اللواتي يعملن في الخفاء دفاعا عن مصالح المملكة : “لقد بلدنا جهدا كبيرا، وكانت كل الطقوس المغربية حاضرة وخاصة ثقافة تخضيب اليد بالحناء وهي ثقافة أصبحت تجذب الأمريكيين، وطقوس شرب الشاي المغربي بالنعناع، كما أن زخرفة الزرابي والسجاد المغربي أثارت فضول الكثيرين الذين رغبوا في معرفة الكثير عن بلدنا وهذا دورنا والهدف من هذا اليوم المفتوح للعموم”.
ووافقت إحدى الزائرات المغربيات كلام بنسعيد بالقول : “جئت إلى هذا اليوم المفتوح لأدعم بلدي المغرب، إنني أعيش هنا لأكثر من عشرين سنة لكن دم المغرب مازال يجري في عروقي، عندما دخلت الخيمة اغرورقت عيناي بالدموع لأنني تذكرت بلدي، الخيمة في كل تفاصيلها تذكري بالأيام التي قضيت في المغرب، هذه فرصة بالنسبة إلينا لاستنشاق نسمات بلدنا والانفتاح عن الآخر الذي لايعرف شيئا عنا سوى ما تقدمه القنوات من سلبيات، المغرب جميل لأنه بلد التعدد والتنوع وهذا مصدر قوته في نظري”.
ووحده “مايك” أمريكي من أصول إفريقية عامل في إحدى شركات النظافة بدا مذهولا شارد الذهن وقد أخدته الخيمة بتفاصيلها الجميلة إلى عالم آخر وهو يرتشف كأس شاي صحراوي أعدته امرأة صحراوية وقد ارتدت لحافا صحراويا، وقال “مايك” لــ “إحاطة” : “لقد أتيت للتو من سفارة أجنبية أخرى، كان المكان فسيحا لكن لم يكن له طعم، هنا المكان يبدو أنيقا رائعا وجميلا، أحسست وكأنني رجعت إلى جذوري الإفريقية وإن كنت قد كبرت وتربيت هنا”، واسترسل بحماس : “المكان صغير لكن تحس بأنه دافئ، لقد تذقت طعم الكسكس وأكلته بنهم إنه لذيذ ورائع، وقد سمعت الكثير عن طعامكم وقد كانت هذه فرصة لاكتشاف حقيقة بلدكم المغرب، لقد أذهلني المكان رغم صغره لكن بحميمية كبيرة، وطبعا كما يقولون : الصغير جميل”.
وانتهت فعاليات يوم جولة السفارات عبر جواز العاصمة واشنطن بتحقيق أهداف السفارة التي كانت تراهن على جذب أكبر عدد من الزائرين وتحقق ذلك عبر الرهان على الصحراء والثقافة الصحراوية للترويج لإسم المغرب كبلد للتسامح والحضارة والتاريخ وربطه بصحرائه كجزء من الموروث الثقافي والحضاري والتاريخي للهوية المغربية.