الأزمة الخليجية – كيف تؤثر على موازين القوى في الشرق الأوسط؟

تلقي الأزمة الخليجية بظلالها على كل المنطقة، فدخول قوى إقليمية على الخط ينذر بأن موازين القوى والتحالفات قد تنقلب كليا إذا استمرت الأزمة. فكيف ستؤثر هذه الأزمة على مستقبل العلاقات بين تركيا والسعودية وماذا تستفيد إيران؟
مازالت الأزمة الخليجية تتصاعد في أسبوعها الثالث رغم كل جهود الوساطة من قوى إقليمية ودولية، وبدأت الأزمة غير المسبوقة تتخذ أبعادا أكبر بحيث يرى خبراء أن استمرارها ومواصلة التصعيد فيها قد يؤثر بشكل كبير على موازين القوى في منطقة الخليج وعموم الشرق الأوسط

فبمجرد إعلان ثلاث دول خليجية هي السعودية والإمارات والبحرين بالإضافة إلى مصر قطع علاقاتها مع قطر سارعت إيران إلى تقديم المساعدة للتخفيف من تداعيات إغلاق الحدود الجوية والبرية والبحرية، ومن جهتها عبرت تركيا عن مساندتها لقطر بل وأرسلت قوات عسكرية إلى قطر في خطوة أثارت استياء كبيرا لدى السعوديين، حلفاء الأمس القريب.

فماذا يمثل وجود قوات تركية في منطقة اقتصر فيها التواجد العسكري على واشنطن والرياض وطهران؟ وماذا غيرت الأزمة القطرية في موازين القوى في المنطقة وما الدور الذي تلعبه واشنطن في ذلك؟

حضور تركي في قطر

تركيا التي تضاعف نفوذها بشكل كبير في ملفات المنطقة خلال السنوات الأخيرة نزلت بثقلها في الأزمة القطرية، إذ لم تكتف بتصريحات مساندة أو مساعدات غذائية كما فعلت دول أخرى بل أرسلت جنودا إلى قطر التي تضم أكبر قاعدة عسكرية أمريكية في المنطقة، فهل تم ذلك بعد أخذ إذن واشنطن، وإن صح ذلك فماذا يريد الأمريكان بذلك؟ الكاتب والصحفي المتخصص في شؤون الشرق الأوسط أحمد المصري يستبعد أن تكون أنقرة قد حصلت على ضوء أخضر أمريكي لإرسال قوات إلى قطر.

ويقول في تصريحات لـDW عربية  “في اعتقادي تركيا تلعب بهذه الورقة لاستفزاز الأمريكان الذين يتزايد دعمهم للأكراد في سوريا والعراق ولاستغلالها كورقة للضغط، ومن جهة أخرى الولايات المتحدة غضت الطرف عن هذا التدخل التركي لتوريط الأتراك في ملف جديد ما سيضعف تأثيرهم في ملفات أخرى يوجد فيها تباعد في المواقف بينهم وبين أنقرة”.
ورغم متانة العلاقات مع السعودية حتى قبيل الأزمة مع قطر، عجل البرلمان التركي مع بدء الأزمة بإقرار قانون في السابع من يونيو/ حزيران يسمح بإرسال المزيد من القوات إلى قاعدة عسكرية في قطر يرابط بها جنود أتراك بموجب اتفاق موقع في 2014. وأفادت صحيفة “حرييت” التركية وقتها بأن نحو 88 عسكري تركي يتواجدون فعلا في قطر.

يشار إلى أن تركيا دولة عضو في حلف الناتو وتضم أكبر قاعدة للحلف في المنطقة. ويرى المصري أن هذا المعطى لا يؤثر على موقع تركيا في المنطقة: “رأينا كيف أن ولا دبابة واحدة من الحلف في القاعدة المتواجدة في تركيا تحركت عندما حدثت محاولة الانقلاب، ولو حتى لحفظ الأمن داخل البلاد”.

إيران، المستفيد الأكبر؟

من جهته يرى سمير صالحة أستاذ العلاقات الدولية والخبير في الشؤون التركية أن قرار تركيا الوقوف إلى جانب قطر بهذا الشكل دون مراعاة تقارب المواقف بين أنقرة والرياض بخصوص موضوع الأكراد وخطاب التفاهم التركي السعودي في سوريا والعراق إضافة إلى العلاقات التجارية الكبيرة بين الطرفين، عدم مراعاة كل هذا يعني بناء معادلات سياسية جديدة بالنسبة للبلدين.

ويضيف صالحة أن إيران هي المستفيد الأكبر من كل هذا، فهي ستستفيد من جهة من الخلاف الخليجي القطري ومن جهة أخرى من الخلاف التركي السعودي وهي تدفع بتركيا أكثر إلى صفها. وهذا ما يشاطره أيضا أحمد المصري الذي لا يعتبر أن الأزمة الأخيرة حققت نوعا من التقارب بين طهران وأنقرة “على اعتبار أنهما في نفس الخندق الآن مع الدوحة”.

Total
0
Shares
المنشورات ذات الصلة