مؤتمر رابطة مجالس الشيوخ والشورى في إفريقيا والعالم العربي .. نشماش يدعو إلى بلورة شراكة استراتيجية عربية إفريقية شاملة

دعا رئيس مجلس المستشارين، السيد حكيم بنشماش، اليوم الأربعاء بالرباط، إلى بلورة شراكة استراتيجية عربية إفريقية شاملة ومندمجة على قاعدة تعاون جنوب-جنوب، قوامها النفع المشترك والمضي قدما في إطلاق ديناميات مشاريع تكاملية لضمان الرفاه الاجتماعي وبناء مستقبل يسوده السلم والأمن والحرية وسيادة القانون واحترام الوحدة الوطنية للدول.

وأوضح السيد بنشماش، في كلمة خلال الجلسة الافتتاحية للمؤتمر العاشر والاجتماع الحادي عشر لمجلس رابطة مجالس الشيوخ والشورى والمجالس المماثلة في إفريقيا والعالم العربي، المنظم على مدى يومين، تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، أن “السياقات والمتغيرات الجيو-سياسية على الصعيد العالمي وبحكم ما ترتب عن العولمة الجارفة من استهداف لاقتصاديات دول الجنوب واستقلالية قراراتها والتشكيك في القدرة على بناء مجتمع عالمي قوامه العيش المشترك، تستدعي منا، على مستوى المنطقة، أن نستنهض هممنا لمعالجة الأوضاع القائمة ومستلزمات تأمين أجيالنا القادمة من المخاطر المحدقة بها”.

وأبرز أن إفريقيا والعالم العربي يشهدان تحولات عميقة ومتسارعة وتحديات متنامية إن على المستويات السياسية والأمنية أو في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية، لاسيما الأوضاع السياسية المضطربة والحروب الأهلية وانتشار التنظيمات الإرهابية، إضافة إلى تنامي النزاعات العرقية والدينية وتمزق العديد من أجزاء خريطة العالم العربي واتساع رقعة الشبكات الإجرامية المتخصصة في تجارة الأسلحة والمخدرات وتهريب السلع والاتجار في البشر وتنامي تدفقات الهجرة واللجوء .

وأشار إلى أن أبلغ تشخيص لوضع العالم العربي، يمكن تلخيصه في ما جاء في الخطاب الملكي السامي أمام القمة المغربية الخليجية يوم 20 أبريل 2016 بالرياض، والذي أكد فيه جلالته على أن “المنطقة العربية تعيش على وقع محاولات تغيير الأنظمة وتقسيم الدول، كما هو الشأن في سوريا والعراق وليبيا. مع ما يواكب ذلك من قتل وتشريد وتهجير لأبناء الوطن العربي”.

وبنفس الدرجة من الوضوح، أكد أن صاحب الجلالة شدد أيضا في خطابه السامي إلى قمة قادة دول وحكومات الاتحاد الإفريقي، في 03 يوليوز 2017 بأديس أبابا، على أن ” إفريقيا اليوم توجد في مفترق الطرق، ويجب علينا أن نختار أنجع السبل الكفيلة بالدفع بها إلى الأمام. ففي هذه الآونة، تتزايد الرهانات التي تواجهها قارتنا، كتعدد الفاعلين غير الحكوميين، مما يتسبب في خلق عدم وضوح الرؤية، وتهديدات الإرهاب العابر للحدود، والتطرف العنيف، إضافة إلى الآثار الناجمة عن الاحتباس الحراري. فأمام هذه التهديدات الجديدة المحدقة بقارتنا، لا بد للاتحاد الإفريقي من مباشرة تطوره، حتى يتمكن من إيجاد أجوبة مناسبة ومجدية”.

وفي هذا الإطار، أكد على أن البلدان العربية والإفريقية أصبحت مدعوة إلى الاستثمار في بناء الثقة في النفس وفي القدرة الجماعية على صياغة المستقبل الذي يليق بشعوبها، مضيفا أن إفريقيا والعالم العربي في أمس الحاجة إلى بناء شراكات مدرة للنفع المتبادل وإلى إطلاق ديناميات مشاريع التنمية البشرية والاجتماعية، وذلك في تساوق مع تعزيز حقوق الإنسان وتوطيد مسارات دمقرطة الأنظمنة السياسية وتعزيز ديناميات مشاركة المواطنات والمواطنين في صناعة القرارات المرتبطة بحاضر ومستقبل هذه البلدان. وبخصوص التنمية المستدامة، سجل السيد بنشماش أن الانخراط الفعلي للبرلمانات في تنفيذ خطة التنمية المستدامة يتأتى، لا محالة، من خلال العمل على تأمين آليات التحمل الأفقي لأدوار التشريع والرقابة، والإشراف على تعبئة الموارد وتخصيصها من خلال الميزانيات الوطنية، بالإضافة إلى مهام التمثيل عبر السهر على إشراك مختلف شرائح المجتمع في عملية صنع القرار.

وذكر في هذا السياق بالموقع الخاص للغرف الثانية بتعدد مكوناتها وكفاءاتها، وهو الموقع الذي يمكنها من تحمل خاص، في حدود أدوارها الدستورية، لقضايا أساسية لمسار أجرأة خطة التنمية المستدامة على المستويات الوطنية كالتقائية السياسات الاجتماعية الموجهة للفئات الهشة أو ضمان الطابع الأفقي لقضايا النوع والمساواة سواء على مستوى السياسات العمومية الوطنية أو على مستوى السياسات العمومية الترابية..

ودعا الرابطة إلى تقوية روابط التعاون بين بلدان المنطقة، وأداء دور أكثر فاعلية وتأثير في مضمار الجهود الدولية الرامية إلى القضاء على أسباب التوتر والعنف، والإسهام في استتباب الأمن والسلام، مشيرا إلى أن موقع الغرف البرلمانية الثانية من صناعة القرار التشريعي، وعلاقاتها مع السلطة التنفيذية وباقي المؤسسات وهيئات الحكامة، وانفتاحها على منظمات المجتمع المدني، يلقي على عاتقها مسؤولية تاريخية في رعاية المجهود الجماعي لتحقيق العدالة الاجتماعية والارتقاء بالممارسة الديمقراطية وتعزيز حقوق الإنسان وحمايتها.

وشدد، في سياق متصل، على الحاجة إلى إدماج اقتصاديات البلدان بإفريقيا والعالم العربي عن طريق تجميع الموارد وعوامل الإنتاج المادية والبشرية، وحرية تبادل السلع والمنتجات بين دول المنطقتين وحرية تنقل الأشخاص للإقامة والعمل بما ييسر انتقال رؤوس الأموال في ما بينها، وهو ما يستوجب من البرلمانات العمل على توفير إرادة سياسية عربية وإفريقية مشتركة، تعمل على إقامة تكامل بين خطط التنمية في دول الرابطة واستثمار الفرص المشتركة في تنشيط التبادل التجاري، والاستفادة من الإمكانات الواعدة للاستثمارات المتبادلة بين هذه الدول وإشراك القطاع الخاص.

وتتناول هذه الدورة جملة من القضايا والمواضيع ذات الأهمية الكبيرة بالنسبة للمنتظم الإفريقي والعربي، وذلك بمشاركة الدول الأعضاء، وممثلي منظمات إقليمية وقارية ودولية.

وتتوخى الدورة، التي تنعقد في سياق دولي وإقليمي دقيق، المساهمة بشكل نوعي في إغناء النقاش وإثراء الحوار والتشاور البرلماني الإفريقي ـ العربي، وفي التعاطي مع القضايا الاستراتيجية المطروحة على أجندة رابطة مجالس الشيوخ والشورى والمجالس المماثلة في إفريقيا والعالم العربي.

Total
0
Shares
المنشورات ذات الصلة