تواجه الحكومة الاسبانية التي بالكاد تسلمت مهامها بعد زهاء عام من الشلل السياسي الناجم عن نتائج الانتخابات العامة ل20 ديسمبر 2015، أزمة سياسية غير مسبوقة، بسبب رغبة حكومة كاتالونيا في تنظيم استفتاء حول استقلال هذه المنطقة، مما يضع حكومة ماريانو راخوي ومؤسسات الدولة الأخرى أمام امتحان عسير.
وإذا كان التوتر بين مدريد والحكومة الكاتالانية، التي تتولى السلطة منذ أوائل عام 2016، واضحا منذ فترة طويلة، فقد اندلعت أزمة جد خطيرة بين الجانبين مع الدعوة الرسمية في أوائل سبتمبر من قبل الحكومة الانفصالية الى استفتاء لتقرير المصير في هذه المنطقة من شمال شرق إسبانيا بحلول فاتح أكتوبر.
وكان على حكومة ماريانو راخوي المحافظة أن تتفاعل بسرعة من خلال التوجه الى المحكمة الدستورية التي علقت هذه الاستشارة، حيث ينص الدستور الاسباني أن التراب الوطني غير قابل للتجزئة.
ولم تأخذ السلطات الكاتالانية بعين الاعتبار قرار العدالة الإسبانية وواصلت استعداداتها لهذا الاستفتاء “غير القانوني”، على الرغم من عمليات الحجز المتعددة التي قام بها الحرس المدني لاوراق التصويت والمعدات المخصصة للاستفتاء.
لكن التصميم والحزم اللذين أبدتهما الدولة المركزية لمنع هذه الاستشارة لم يثنيا الحكومة الانفصالية التي قدمت أمس الجمعة في برشلونة آليات اجراء الاستفتاء.
وقال جوردى تورول المتحدث باسم الحكومة الكاتالانية فى مؤتمر صحفى ان الاستفتاء الذى سيشارك فيه 5.3 مليون شخص “سيجرى يوم الاحد”، مضيفا انه سيتم فتح 2315 مكتب لهذا الغرض، بالتعاون مع 7235 متطوعا.
و اكد ان الحكومة الكاتالانية اختارت “اشخاصا ذوي مصداقية من الناحيتين المهنية والشخصية” سيتكلفون بالاشراف على التصويت وضمان حصوله على كافة الضمانات وان يتم فرز الاصوات بشكل شفاف.
ومن مظاهر تعبئة عناصر الشرطة للحيلولة دون اجراء الاستفتاء، الامر الذي وجهه رئيس الشرطة الكاتالاتية جوزيب لويس ترابيرو امس الجمعة إلى جميع وحداته بإغلاق مراكز الاقتراع وحجز الصناديق والمعدات الانتخابية المخصصة لتنظيم الاستفتاء المقرر في فاتح أكتوبر، تنفيذا لقرارات القضاء الاسباني.
وستزور دوريات موسوس دى اسكوادرا المؤسسات والاماكن العامة حيث من المتوقع ان تقام مكاتب التصويت وسيمنع اجراء الاقتراع عن طريق حجز مكاتب واوراق التصويت قبل السادسة من صباح يوم غد الاحد .
وعلى الرغم من ذلك، بدأ الانفصاليون الكاتالانيون أمس الجمعة بالتجمع في المدارس فى كاتالونيا التي من المنتظر ان تحتضن مكاتب التصويت. ومن خلال استغلال “الحق” في تنظيم أنشطة مدرسية موازية، قام أولياء أمور التلاميذ بشغل هذه المواقع لإبقاء المدارس مفتوحة ومنع الشرطة من إغلاقها.
وردا على هذا التطور الجديد في شد الحبل بين مدريد والانفصاليين الكاتالانيين، اعتبر المتحدث باسم الحكومة الاسبانية اينيغو منديز دي فيجو امس الجمعة انه ليس من المناسب استخدام هذا النوع من المخططات لانتهاك القانون.
واكد مجددا ان الاستفتاء حول استقلال كاتالونيا “لن يجرى”، مشددا مرة اخرى على الطابع “غير القانوني” لهذه الاستشارة .
وقد حجزت الحكومة الإسبانية ملايين من اوراق التصويت وعززت الاجراءات الامنية لمنع الاستفتاء، ولكن الحكومة الكاتالانية لن تتخلى عن الاستشارة، بدعم من المناضلين المصممين، حتى لو كان المؤيدون للاستقلال لا يمثلون الغالبية من سبعة ملايين ونصف مليون نسمة من الكاتالانيين.
“هل سيجرى الاستفتاء على استقلال كاتالونيا أخيرا يوم الأحد؟”. هذا هو السؤال الكبير الذي يطرحه المراقبون داخل وخارج إسبانيا عشية فاتح أكتوبر 2017. وفي جميع الاحوال فإن هذا اليوم سيطبع الى الأبد تاريخ الدولة الأيبيرية.