عندما تكتب نايلة تازي،مؤسسة ومنتجة مهرجان كناوة والموسيقى العالمية الشهير، بكلمات قاسية وقوية، فإن ذلك دليل على أن الأمور استفحلت ووصلت إلى حد لا يطاق.
وعندما تخرج مسؤولة مثلها عن ديلوماسيتها المعتادة وتفقد أعصابها بهذا الشكل لتكتب تدوينة احتجاج قوية اللهجة، فإن حالة من اليأس والتذمر تملكتها بعد أكثر من 20 سنة من المقاومة والتحدي في جعل مهرجان كناوة ذي الإشعاع العالمي حدثا متميزا بين أكير المهرجانات على الإطلاق.
وكتبت تازي في تدوينة على صفحتها الرسمية في فيسبوك : ” 20 عاما مضت ، على مهرجان كناوة و موسيقى العالم، قمنا فيها بالعمل المتكامل والمجهود الجبار، لترسيخ فن وثقافة كناوة ذات الرسالة النبيلة، قصد إعادة مفهوم الكرامة لهدا اللون الموسيقي الثقافي. منذ الدورة الأولى سنة 1998، واجهنا العديد من الصعوبات والعراقيل، غير أن تشبثنا بهذا الموروث الثقافي وإيماننا بهذه الموسيقى، دفعنا للصمود والمقاومة. ولا ننسى الدور الفعال و اعتراف أكبر موسيقيي العالم بالثراث الكناوي، وكذلك اعتزاز وشغف الجمهور وكافة وسائل الإعلام لهذا الحدث العالمي البارز، الذي كان له دور كبير في صمود المهرجان خلال عشرون سنة من العطاء”.
وتضيف تازي : “في عام 2009 أنشأنا جمعية “يرمى” كناوة لنشر وتعزيز الفن الكناوي. حيث ناضلنا من أجل حصول جميع الفنانين الكناويين على البطاقة المهنية من طرف وزارة الثقافة، والاعتراف بهم لاسترداد كرامتهم، بالإضافة إلى منحهم جميع الحقوق الاجتماعية. من تم قمنا بالعمل على جمع أروع مختارات الموسيقى الكناوية ووضعها ضمن تسجيلات ووضعها كمرجع موسيقي أساسي، بالإضافة إلى نسخ النصوص الغنائية (وترجمتها من اللغة العربية إلى الفرنسية)، وإنجاز كتاب يحمل في طياته منظورا تاريخيا وأنثروبولوجيا للفن الكناوي”.
وتسترسل منتجة مهرجان كناوة في القول : “قبل 5 سنوات، قمنا بإعداد ملف شامل مع طلب لوزارة الثقافة بتقديمه إلى هيأة اليونسكو، للحصول على الموافقة بتسجيل هذا الفن على لائحة التراث الشفهي و اللامادي للإنسانية. فإلحاحنا لم يأت من فراغ، نظرا لأن العديد من المعلمين الكناويين رحلوا وأخدوا معهم جزءا كبيرا من هذا الفن التقليدي الشفهي. وهكذا أصبح من الضروري الحفاظ على هذا الموروث الثقافي، باعتباره مسؤولية الجميع.
لا يمكنكم أن تتخيلوا إحساسنا بعدم اهتمام كبار المسؤولين والمؤسسات العليا بهذا الموضوع ذي الأهمية الوطنية. وكل سنة يبقى ملفنا مهملا لأسباب مجهولة. وكل سنة يقدمون حججا غير مقنعة. بعد 5 سنوات وبعد تقديم التماس مجددا ومراسلات عديدة و لقاءات مكثفة مع المسؤولين، أدرك اليوم أن ملف كناوة لن يتم النظر فيه الا بعد سنتين على الأقل.
والسؤال هو: لماذا؟
ألا يستحق كناوة تعبئة الجميع نضرا للإشعاع الذي قدموه لبلادنا منذ 20 سنة؟ والرابط الروحي والإجتماعي اللذان صنعوه. في حين يوظف أغلب المسؤولين كلمة إفريقيا في جميع خطاباتهم بكيفية أو بأخرى، حسب رؤية صاحب الجلالة.
وحيثما يسارع كل مسؤول سام إلى إدراج كلمة “إفريقيا” ضمن مبادراته، لإثبات انخراطه في إطار رؤيا جلالة الملك، ما زال البعض لم يفهم بعد أن أحسن تعبير عن تجدرنا في إفريقيا هو بالضبط هذا التراث الموسيقي الوارد من جنوب صحراء إفريقيا ؟
أو ليست تجربة 20 سنة وهذا المسار كافيان لإقناعهم بفعالية هذا العمل؟ هل نحتاج دائما، ونحن في عام 2017، انتظار تدخلات على أعلى مستوى لكي يحظى هذا المشروع المتناسق بالاهتمام اللازم من طرف المسؤولين المعنيين؟”.