من المؤكد أن الإعفاءات التي تمت داخل الحكومة، على خلفية التقصير في إنجاز المشاريع المبرمجة في إقليم الحسيمة، تستدعي التفكير العميق حول مستقبل الأغلبية، ليس على مستوى تشكيلتها، فحسب، بل أيضا على مستوى تقييم ما حصل، واستخلاص النتائج والدروس بخصوص آليات التتبع والمراقبة وتنفيذ الالتزامات.
وهذا ما يطرح على الأغلبية الحالية، مهمة فتح نقاش جدي، حول ما سيأتي ومراجعة المنهجية التي تحكمت في عملها ومسؤوليتها المشتركة، لأن الأمر يتعلق بائتلاف من المفترض فيه أن يكون منسجماً، فالمحاسبة لا يمكن أن تكون مجزأة، كما لو كانت الحكومة مجرد تجمع عددي لأحزاب، وليس جهازاً تنفيذيا، يشكل أغلبية متضامنة تشتغل على أساس برنامج واتفاقات والتزامات تجاه الشعب والمؤسسات.
وهذا ما يفرض عملياً تقييم الوضع والمستقبل، في ضوء التطورات الجديدة، خاصة وأن الأغلبية الحالية، تشكلت في ظروف كانت محكومة بإكراهات الحسابات التي صَرّفها رئيس الحكومة السابق، عبد الإله بنكيران، والتي زٓجّت بالبلاد في نفق مسدود، لم تخرج منه إلا بعد التدخل الملكي، بتكليف سعد الدين العثماني، كرئيس حكومة جديد.
السؤال المطروح اليوم، هو كيف سيتعامل العثماني مع الواقع الجديد، هل سيعتبر أَن الأمر يتعلق بمجرد إشكالات تقنية، أم أنه قضية جوهرية، تتداخل فيها العديد من العوامل على مختلف المستويات، من مسؤولية سياسية وحكامة وتصور لكيفية اشتغال الأغلبية وانسجامها والتنسيق في ما بين مكوناتها…
وللتذكير، فإن بنكيران، كان يرفض خلال مشاورات تشكيل الأغلبية، بعد الانتخابات التشريعية الأخيرة، أي حديث عن برنامج وانسجام واتفاقات وغيرها من المبادئ التي تتشكل عليها الأغلبيات في الديمقراطيات، لأن الحكومة بالنسبة له كانت مجرد تجمع عددي لأحزاب يقودها رئيسها، كما يحلو له.
هذه التجربة الفاشلة لا يمكن أَن تتكرر، وعلى رئيس الحكومة الحالي أن يتجنبها، لأن من واجبه أن يستخلص الدروس، هو والأغلبية الحالية، بل أكثر من ذلك، أن يستغل الفرصة لفتح نقاش سياسي شامل، حول تداعيات أزمة الإعفاء أو ما سمي ب»الزلزال السياسي»، الذي تكون له دائما هزات ارتدادية أقوى، من أجل إعادة ترتيب المشهد والأولويات.