تعالت أصوات الصافرات، وحلقت المروحيات فوق رؤوس الحجاج، فيما كانت عشرات عربات الإسعاف تنقل الضحايا، واحدا تلو الآخر، بعد حادث التدافع المأساوي، الذي أودى بحياة ما يزيد عن 700 شخص، اليوم الخميس، في مشعر منى في مكة المكرمة.
وأصيب أكثر من 800 شخص في الكارثة، التي تعد الأسوأ، التي يشهدها موسم الحج خلال 25 عاما.
ووقع الحادث بينما كان الحجاج يرمون الجمرات الثلاث.
وفي مستشفى طوارىء منى، إحدى المنشآت الطبية الأربع التي تعالج الضحايا، هبطت مروحية فيما كانت تصل عربات الإسعاف إلى المستشفى واحدة تلو الأخرى.
وشوهد الحجاج الجرحى ينقلون على نقالات، وقد وضعت على صدورهم شارات تحمل معلوماتهم الشخصية، فيما أبعد ضباط الأمن المارة، الذين كانوا يحاولون استراق النظر.
وشاهد مراسلو وكالة فرانس برس امرأة يحملها أربعة رجال. كما شوهدت امرأة إفريقية غائبة عن الوعي، يتم نقلها على كرسي متحرك، إلى داخل المستشفى، فيما سارعت فرق الإسعافات الأولية إلى فحص نبضها.
وانتقلت فرق طبية أخرى إلى موقع التدافع عند جسر الجمرات، الذي يضم الجمرات الثلاث، وتجاوزت كلفة بناؤه مليار دولار.
ويمتد الجسر، المؤلف من خمسة طوابق، لمسافة كيلومتر، ويسمح لنحو 300 ألف حاج في الساعة برجم الجمرات.
وذكرت وكالة الأنباء السعودية الرسمية أن أكثر من 220 عربة، شاركت في عمليات الإنقاذ.
ووسط الفوضى، وفي ما كان يجري علاج الضحايا، استمر وصول المرضى الذين يعانون من مشاكل صحية معتادة.
وجاء إلى المستشفى حاج مسن، مع ابنتيه، يعاني من الدوار، بسبب ارتفاع درجات الحرارة، والشمس الحارقة. وصاح ضابط أمن “الجميع يشعرون بالدوار يا حجي. خذوهم إلى مركز صحي آخر”، في ما كانت عربتا إسعاف أخريان تصلان في نفس الوقت تحملان مزيدا من ضحايا التدافع.
وفيما وقف عدد من الحجاج يتحدثون عن المأساة، بدا أن آخرين لم يسمعوا مطلقا بما حدث.
وحلق العديد من الرجال شعورهم لإنهاء الإحرام.
وأظهر شريط فيديو على الانترنت جثث الحجاج، وهم يرتدون ملابس الإحرام تتناثر في مكان التدافع، تحيط بهم الأحذية، وزجاجات المياه، والمظلات، التي كان يستخدمها الضحايا للوقاية من الشمس.
وأدى فريضة الحج هذا العام نحو مليوني شخص من السعودية، وجميع أنحاء العالم.
وفي وقت سابق من الخميس شاهد مراسلو وكالة فرانس برس أثناء عودتهم من موقع مختلف من جسر الجمرات، حاجة كاد أن يغمى عليها عند السلم المؤدي إلى الجزء الأعلى من منى.
وقامت امرأتان ترافقانها برش الماء على وجهها وطلبا المساعدة.
وعلى بعد خطوت قليلة، دعا رجال الشرطة الحجاج المتعبون الذين جلسوا على جانبي السلالم للراحة، إلى النهوض وإكمال الرحلة رغم الحرارة.
وعلى طول الطرقات كان رجال الأمن يرشون الحجاج بالماء لتبرديهم.
وقال حاج سوداني قبل حادث التدافع “الناس يعانون من الجفاف، ويغيبون عن الوعي”.
وأضاف “أنهم يتعثرون ببعضهم البعض” مضيفا أن رفيقه السعودي حذره من ان “شيئا ما سيحدث”.