سنة بعد تنصيب الحكومة .. عجز في التدبير يطول مختلف المستويات

بعد قرابة سنة من تنصيبها في ابريل الماضي، أثبتت الحكومة عجزها في تنفيذ  المخططات الإصلاحية الرامية إلى تعزيز التنمية الاقتصادية والنهوض بالمجال الاجتماعي، إذ ما تزال البطالة مستفحلة وأثبتت الحكومة عدم قدرتها على سن برامج قادرة على امتصاص بطالة الشباب والخريجين، إضافة إلى فشل برامج التشغيل وتدني الخدمات الصحية. وواجهت حكومة العثماني، خلال السنة الأولى من عمرها، العديد من المطبات والإكراهات حدت من تنفيذ الإجراءات والتدابير المسطرة في البرنامج الحكومي الذي حظي بمصادقة مجلس النواب بأغلبية 208 صوتا. وشكل تشرذم الحكومة المكونة من ستة أحزاب، والخلافات التي كادت تعصف بوحدتها خاصة بين وزراء حزب التجمع الوطني للأحرار والعدالة والتنمية بعد التصريحات المثيرة لعبد الإله ابن كيران التي انتقد فيها عزيز أخنوش، والتأخر في التوقيع على ميثاق الأغلبية، (شكلت) كلها مؤشرات على الصعوبات التي واجهتها الحكومة في الشهور الأولى من عمرها.

وساهم “حراك الريف”، و” ثورة العطش”، والمسيرات الاحتجاجية  التي عرفتها بعض المناطق مثل تنغير وزاكورة وغيرها، في فرملة عمل الحكومة التي تحولت إلى جهاز لإطفاء الحرائق، بدل التفرغ لتنفيذ المشاريع الإصلاحية والتنموية. وشكلت أحداث جرادة تحديا جديدا للحكومة، جعلتها تبادر إلى بلورة خطة لإخراج المنطقة من الركود الذي تعانيه على كافة الأصعدة.

أجبرت احتجاجات الريف الحكومة على تسريع وتيرة إنجاز المشاريع المسطرة في مشروع ” منارة المتوسطّ” بعد سقوط أربعة مسؤولين حكوميين بسبب تعثر الذي عرفه المشروع، كما دفعت ثورة العطش إلى سن إجراءات لضمان تموين العديد من المناطق المتضررة من الجفاف بالماء،وشكلت الحكومة لهذا الغرض لجنة تقنية تضم مختلف القطاعات الحكومية ، بالإضافة للمكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب، قصد الانكباب على بلورة مخطط استعجالي لإنقاذ المناطق المهددة بندرة المياه، والتي تشكو أساسا خصاصا في الماء الصالح للشرب.وجاءت أحداث جرادة لتفرض أجندة جديدة على الحكومة من خلال  اقتراح تدابير لمعالجة الأزمة الاجتماعية بالإقليم.

باشرت الحكومة في تنفيذ برنامجها بشكل متعثر، فالمجالات الاجتماعية ما تزال تعرف مشاكل حقيقية سواء تعلق الأمر بالتعليم أو الصحة أو التشغيل، وهي الأولويات الثلاثة التي تبنتها الحكومة، كما أن  خطة استهداف دعم الفئات الفقيرة والهشة ومواصلة عملية تفكيك المقاصة توقفت في منتصف الطريق،  كما عجزت الحكومة عن مباشرة إجراءات وتدابير لتقليص المديونية التي ضربت أرقاما قياسية خلال الولاية الحكومية السابقة والحالية.

على مستوى الشعار الكبير الذي رفعته الحكومة والمتعلق بمحاربة الفساد، فقد ظهر العجز الحكومي في تنزيله، بعدما اعترف العثماني بنفسه في العديد من المناسبات بفشل الحكومة السابقة والحالية  في التصدي للفساد، إذ أكد في إحدى المناسبات “أن البرامج الحكومية لم تُنتج الأهداف المتوخاة، بالرغم من اهتمام المغرب بهذا الموضوع كثيرا”. وبرر استمرار ظاهرة الفساد بعاملين، الأول يتجلى في أن محاربة الفساد وتخليق العامة هي قصية مركبة يشارك فيها الجميع، وإذا حصل خلل في طرف فإنه يمتد إلى الجميع، والثاني هو غياب استراتيجية متكاملة لمحاربة الفساد.

وأكد رئيس الحكومة أن محاربة هو مسار طويل ومعقد، يستدعي جهود كافة الإدارات والهيئات، وانخراط المجتمع المدني والإعلام والمواطنين من أجل القضاء على مسببات الفساد ودعم البعد التربوي والتوعوي. وتعول الحكومة على  تفعيل الإستراتجية الوطنية لمحاربة الفساد للحد من هذه الظاهرة.

Total
0
Shares
المنشورات ذات الصلة