شدد رئيس جهة بني ملال- خنيفرة إبراهيم مجاهد، يوم أمس الخميس (5 مارس 2018) في مدينة بني ملال، على أن “الجهوية المتقدمة تشكل نموذجا جديدا للحكامة الترابية، وثورة حقيقية في مجال تدبير الشأن العام المحلي، وورشا كبيرا يندرج في سياق رؤية جديدة لتدبير شؤون التنمية، في إطار وحدة الدولة والوطن والتراب”.
وأضاف مجاهد، في افتتاح ندوة حول “الجهوية المتقدمة” المنظمة من طرف ولاية ومجلس جهة بني ملال-خنيفرة تحت شعار “الجهوية المتقدمة رافعة للتنمية المستدامة”، أن هذه “الرؤية الجديدة لتدبير شؤون التنمية تتحقق من خلال تمكين الجهات من اختصاصات مهمة في مجالات اقتصادية واجتماعية وثقافية وبيئية، وفقا لمبدأي التفريع والتدبير الحر، باعتبارهما مقتضيان دستوريان يكتسيان أهمية بالغة في النظم الدستورية الحديثة”.
وبعد أن أشار إلى أن مسلسل الجهوية المتقدمة يروم بالأساس “دعم وتكريس التنافسية بين الجهات، مع تحقيق تنمية اقتصادية واجتماعية مستدامة ومتوازنة لمختلف المناطق”، أكد مجاهد أن هذا اللقاء يأتي في سياق تنزيل منظومة اللامركزية الجهوية بالمغرب الذي يسعى باستمرار إلى “الانخراط في التوجهات الحديثة للديمقراطية، والعمل بإصرار على تطوير المنظومة الترابية اللامركزية لتستجيب لانشغالات المواطنين وحاجياتهم، وتطلعات المجتمع، ومستلزمات العصر”.
من جانبه، اعتبر والي جهة بني ملال – خنيفرة، عامل إقليم بني ملال، محمد دردوري أن موضوع الجهوية المتقدمة “يكتسي أهمية خاصة في إطار تطوير واستكمال البناء المؤسساتي للمغرب، إذ مَثَّلَ هذا المسلسل منعطفا كبيرا في إصلاح المؤسسات الترابية للمملكة”، الأمر الذي أهل الجهة لتصبح رافعة للتنمية الإقتصادية والبشرية، و”إطارا قادرا على تحقيق الاندماج بين المقاربات القطاعية، ومجالا للديمقراطية التشاركية التي تسمح للسكان بالمشاركة في تدبير الشؤون الجهوية”.
وأضاف دردوري أن المنظور الجديد للجهوية “يرتكز ، بالأساس، على الارتقاء بمؤشرات التنمية البشرية إلى مستوى لائق، والحد من الفوارق المجالية والنهوض بالتنمية في أبعادها الإقتصادية والإجتماعية والثقافية والبيئية من خلال إلتقائية البرامج”، مشيرا إلى المقومات والمؤهلات التي تزخر بها جهة بني ملال-خنيفرة على جميع المستويات.
وشدد دردوري أن تنمية الجهة تحتاج إلى “مواكبة من نوع خاص لتقوية فرص نجاحها”، خاصة من خلال إقرار لا تمركز إداري حقيقي يقوم على نقل السلطات التقريرية والوسائل الملائمة نحو الإدارات الترابية وإحداث إدارات جهوية تتمتع بسلطات تقريرية وموارد بشرية قادرة على مواكبة وتفعيل هذا المسلسل.
في الإطار ذاته، أكد رئيس “جامعة السلطان مولاي سليمان”، الأستاذ بوشعيب مرناري أن المغرب يشهد، من خلال ورش الجهوية المتقدمة، “لحظة مفصلية وحاسمة في تاريخه، من منطلق أن الجهات والجماعات الترابية أضحت دعامات أساسية للتنمية المستدامة والمندمجة”، مؤكدا أن المنطلق المحدد لهذا الاختيار يتمثل في “الوعي بضرورة تنزيل الجهوية المتقدمة”، وتعميق اللامركزية الترابية، وهو ما يشكل مدخلا للحكامة الترابية وتحقيق التنمية البشرية المندمجة والمستدامة وتوطيد الديمقراطية المحلية.
وأشار الأستاذ مرناري إلى أن الجامعة تواكب هذا الورش الإصلاحي الكبير من خلال تنظيم لقاءات وندوات علمية حول الموضوع، مكنت من الوقوف على العديد من التوصيات التي تصب في الأجرأة الحقيقية وتنزيل الجهوية، وكذلك من خلال بلورة “مسارات تكوينية وأبحاث علمية من شأنها تثمين الهوية والخصوصيات الثقافية والثروات الجهوية”.
من جهته، أبرز الإعلامي ومدير نشر “موسوعة دفاتر الجهوية”، الأستاذ محمد عبد الرحمان برادة، أن “الجهوية هي من أحدث أنظمة الحكامة لتدبير الشأن المحلي، باعتبارها وسيلة لتفعيل ديمقراطية القرب” من خلال إشراك السكان في تدبير شؤونهم بواسطة مؤسسات جهوية ومحلية ذات صلاحيات محددة، والإنتقال من علاقات الوصاية والرقابة إلى نموذج متطور مبني على التشاور والتدبير التشاركي والتعاقد والتعاون .
وأضاف الأستاذ برادة أن الرهان على الجهوية يتمثل في رفع تحدي التنمية الشاملة و”تحديث البنية المؤسساتية عبر وضع استراتيجيات وبرامج ملائمة لمعالجة الإكراهات والفوارق المجالية والاجتماعية”، مشيرا إلى أن تحقيق التنمية في مختلف الجهات يبدأ بتشخيص حقيقي ونقدي لما تتوفر عليه كل جهة من إمكانيات وثروات يتوجب معرفة خصوصيتها.
كذلك أكد الأستاذ برادة أنه لمواكبة بلورة عدة جوانب من الحكامة الجديدة “جاءت فكرة إصدار موسوعة تتضمن 12 كتابا تتضمن، بالأساس، معطيات عامة حول الجهوية والتعريف بمميزات كل جهة على المستويات الجغرافية والإقتصادية والإجتماعية والثقافية، كمساهمة لفهم ورش الجهوية الذي يشكل ركنا من الأركان الأساسية لحل المشاكل التنموية”.
وقد ناقشت هذه الندوة المهمة، والتي تميزت بمشاركة فاعلة للمنتخبين ولمسؤولي وأطر المصالح الخارحية في هذه الجهة، وثلة من الجامعيين والباحثين والمهتمين بالموضوع، مواضيع أبرزها “التنمية الجهوية في إطار النمودج الإقتصادي الجديد” و”اللاتمركز والجهوية المتقدمة” و”الجهوية المتقدمة وآليات المواكبة” و”حقوق وواجبات المواطن في إطار الجهوية المتقدمة”.