افتتح مجلس النواب، خلال جلسة عامة عقدت زوال اليوم الجمعة، دورته التشريعية الثانية من السنة التشريعية 2017-2018، وذلك طبقا لأحكام الدستور ومقتضيات النظام الداخلي للمجلس.
وقال رئيس المجلس، السيد الحبيب المالكي في كلمة خلال الجلسة، إن افتتاح هذه الدورة يأتي في سياق وطني تميزه التعبئة الوطنية حول قضية الوحدة الترابية للمملكة، ما يجعل هذا الموضوع يتصدر الأجندة الوطنية، بما في ذلك برنامج عمل مجلس النواب.
وأضاف، في هذا الصدد، أن القضية الوطنية تعرف تطورات خاصة تتمثل في الاستفزازات التي يمارسها خصوم الوحدة الترابية، الذين يحاولون خلط الأوراق و”خلق حالة جيوسراتيجية جديدة” بالتموقع في المنطقة العازلة.
وشدد رئيس مجلس النواب على أن رد المغرب كان حاسما وقويا إزاء هذه الاستفزازات والمناورات، مشيرا إلى أن الشعب المغربي عبر، بقيادة صاحب الجلالة الملك محمد السادس، عن موقف موحد، وصارم رافض لهذه الاستفزازات ولأي تغيير في الوضع القائم في الأقاليم الجنوبية المغربية.
وأشار إلى أن الرسالة التي بعث بها جلالة الملك إلى الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس، يوم 4 أبريل الجاري، قد كثفت هذا الموقف الوطني الصارم والحاسم، إذ أكد جلالته أن الأعمال التي يقوم بها خصوم الوحدة الترابية للمملكة المغربية “تشكل تهديدا لاتفاق وقف إطلاق النار المعلن في الصحراء منذ 6 شتنبر 1991، وانتهاكا للقانون الدولي وقرارات مجلس الأمن والأمم المتحدة”، كما تقوض هذه الأعمال، وبشكل جدي، المسلسل السياسي الجاري تحت الرعاية الحصرية للأمم المتحدة، عبر المبعوث الشخصي السيد هورست كوهلر.
وأبرز أن الرؤية الملكية المتبصرة والاستباقية في التعاطي مع تجاوزات واستفزازات الخصوم، قد أطرت ووجهت المبادرات السياسية والاتصالات الدبلوماسية للمغرب مع كل من مجلس الأمن وبعثة (المينورسو)، من أجل إطلاع الجميع على هذه التجاوزات والتحذير من مخاطرها وأهدافها، وما تشكله من تهديد للأمن والاستقرار في المنطقة.
وسجل السيد المالكي، أن مجلس النواب يوجد في قلب هذه التعبئة الوطنية المتجددة، من خلال ترؤس اجتماع مشترك طارئ للجنة الخارجية والدفاع الوطني والشؤون الإسلامية والمغاربة القاطنين بالخارج بمجلس النواب، ولجنة الخارجية والحدود والدفاع الوطني والمناطق المغربية المحتلة بمجلس المستشارين بحضور رئيس مجلس المستشارين ووزراء الداخلية، والخارجية والتعان الدولي، والعلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني الناطق الرسمي باسم الحكومة.
وأضاف أن هذا الاجتماع كان مناسبة أطلع من خلالها وزيرا الداخلية والخارجية والتعاون الدولي أعضاء البرلمان على تطورات قضية الوحدة الترابية وخلفيات الاستفزازات والخروقات التي يقوم بها خصوم الوحدة الترابية، وكذا الخطوات المزمع اتخاذها لوقف هذه التجاوزات، مشيرا إلى أن رؤساء وممثلي الفرق والمجموعات البرلمانية عبروا، من جهتهم، عن تنديدهم القوي بهذه الممارسات، كما جددوا التعبير عن التصميم الوطني الأكيد على التصدي لأي استفزاز أو تجاوز يحاول فرض وقائع جديدة.
واستمرارا لتلك التعبئة الشعبية والحزبية والمدنية، يشير رئيس مجلس النواب، انعقد يوم 9 أبريل الجاري بمدينة العيون لقاء وطني تعبوي شارك فيه قادة الأحزاب السياسية الوطنية، ومنتخبو جهة العيون الساقية الحمراء وجهة الداخلة وادي الذهب ومكونات المجتمع المدني المحلي، وتوج ب”إعلان العيون” الذي يعزز الموقف الوطني من التطورات الأخيرة للقضية الوطنية.
وسجل أن الإجماع الوطني ثابت “عندما يتعلق بالأمر بالقضية الوطنية وبمسألة السيادة على الأرض”، مؤكدا أن الاختلافات “تذوب وتختفي من أجل مصلحة الوطن”، ومعتبرا أنه “ينبغي لخصوم وحدة التراب الوطني أن يدركوا جيدا، أن مسألة السيادة على الأرض محسومة بالشرعية التاريخية والقانون الدولي وبالوجود والبناء على الأرض، وبانخراط سكان الأقاليم الجنوبية في مسلسل التنمية والبناء المؤسساتي والديمقراطي، وتجديد التعبير عن انتمائهم للوطن، وبأن محاولات وضعنا أمام الأمر الواقع، ومحاولة توهيم الرأي العام الدولي بأن الأمر يتعلق بمسألة حدود، لن تنطلي على المغرب”.
كما يتعين على المجموعة الدولية والأمم المتحدة تحديدا، يضيف السيد المالكي، “أن تتحمل مسؤولياتها كاملة، في لجم الخصوم وإجبارهم على احترام بنود وقف إطلاق النار كما أعلن في شتنبر 1991، وأن تدرك أن تجاوزاتهم، كما قال جلالة الملك، تقوض بشكل جدي المسلسل السياسي الجاري تحت الرعاية الحصرية للأمم المتحدة (…) وأن المغرب لن يقبل إلى ما لا نهاية بممارسات حفنة شاردة غير مسؤولة، جانحة متحكمة ومدللة ومتمردة على القانون الدولي”.
وأبرز أن مجلس النواب سيواصل تعبئته من أجل القضية الوطنية وتعرية خلفيات انتهاكات الخصوم للقانون الدولي، والتعريف بشرعية الموقف الوطني، بنفس التصميم، مؤكدا أن قضية الوحدة الترابية للمملكة كانت حاضرة بقوة في مجمل المهام والاتصالات التي قام بها المجلس في إطار الدبلوماسية البرلمانية على المستويات الثنائية ومتعددة الأطراف.
وخلص السيد المالكي إلى أن كسب “رهان تثبيث مشروعية حقوقنا الوطنية، بقدر ما يتطلب التعبئة الوطنية وتقوية الجبهة الداخلية، بقدر ما يتطلب مواصلة البناء المؤسساتي وترسيخ الديمقراطية وتعزيز الإصلاحات وتقوية المؤسسات وصيانة الحقوق ومواصلة تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية وتقوية مناعة النسيج الاقتصادي الوطني ليكون أكثر تنافسية وإنتاجا لمناصب الشغل وللقيم المضافة”.