أكد وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي، ناصر بوريطة، اليوم الاثنين بالداخلة، أن المشروع المغربي للحكم الذاتي لمنطقة الصحراء يندرج في إطار جهود المغرب المتواصلة لبناء مجتمع ديمقراطي وحديث يرتكز على دولة القانون، والحريات الفردية والجماعية وكذا على التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
وأبرز بوريطة، في مداخلة تلاها نيابة عنه السفير الممثل الدائم للمملكة المغربية لدى الأمم المتحدة، عمر هلال، بمناسبة افتتاح الندوة الأكاديمية الدولية “نماذج الحكم الذاتي الترابي: النقاط المشتركة والاختلافات”، التي تنعقد يومي 2 و3 يوليوز بالداخلة، أن هذه المبادرة المغربية تم وضعها في إطار الشرعية الدولية “من أجل ضمان كافة الحقوق الجماعية والفردية كما أقرتها الصكوك الدولية، وخاصة تلك المتعلقة بحقوق الإنسان، والموارد الطبيعية، ومبدأ تقرير المصير”.
وأضاف الوزير أنه “مشروع الحكم الذاتي الذي قدمه المغرب وضع ليضمن لكافة الصحراويين، في الخارج كما في الداخل، وفي مكونهم التعددي والقبلي والجيلي، مكانتهم ودورهم، دون تمييز أو إقصاء، في هيئات ومؤسسات الجهة والأمة”.
وأوضح أن مشروع الحكم الذاتي الذي قدمه المغرب يتضمن إرساء منظومة مبادئ دستورية وسياسية سامية ذات نطاق شامل، والتي ستتيح لساكنة الصحراء تدبير شؤونها بشكل ديمقراطي عبر هيئات تشريعية، وتنفيذية وقضائية، مشيرا إلى أن المناطق الصحراوية ستتوفر على الموارد المالية اللازمة لتنميتها في كافة المجالات مع المشاركة بشكل فاعل، في الحياة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية للمملكة.
وفي هذا السياق، أشار بوريطة إلى أن مدينة الداخلة، التي تحتضن هذه الندوة، “تجسد بشكل نموذجي الجهود المبذولة من قبل المملكة المغربية ورؤيتها لتنمية الأقاليم الجنوبية”.
وذكر أنه “على غرار كافة المدن الصحراوية الأخرى، عرفت الداخلة في السنوات الأخيرة تحولا عميقا وتقدما جوهريا على كافة المستويات، مما جعلها اليوم مدينة رائدة ونموذجية، سواء داخل المغرب أو على الصعيد الدولي”، مشيرا إلى أن الداخلة أضحت في الوقت الراهن تستضيف أكبر المؤتمرات الدولية، من قبيل منتدى كرانس مونتانا، وأصبحت عاصمة سياحية ورياضية حقيقية تستضيف منافسات بحرية دولية كبرى.
وفي الصدد ذكر بوريطة بأنه بتعليمات ملكية سامية، تم وضع مخطط جديد لتنمية الأقاليم الجنوبية، موضحا أنه تم في هذا الاتجاه تخصيص غلاف مالي يفوق 77 مليار درهم لمختلف المشاريع التي تهم المجالات الاقتصادية والصناعية والفلاحية والصيد البحري والسياحة والنهوض بالثقافة الحسانية والخدمات الصحية والتربية والتكنولوجيات العالية والبنيات التحتية.
وأبرز بوريطة أن المجهودات التنموية بالأقاليم الجنوبية تأسست منذ البداية على ضرورة وضع مخطط للحكامة المسؤولة مع العمل على تحسين مؤشرات التربية والتكوين والمعرفة وكذا سياسات محاربة الفقر.
وأشار إلى أن الهدف الذي رسمته المملكة المغربية يتمثل في تمكين الصحراء من القيام دائما بدورها التاريخي كحلقة وصل وأرضية للمبادلات بين المغرب وإفريقيا وكذا مع دول الشمال، مبرزا أن الصحراء سترقى لمستوى فضاء جيوستراتيجي مرجعي من أجل السلم والاستقرار وتقاسم الرفاهية بالنسبة للمنطقة الاورو إفريقية، فضلا عن باقي دول الساحل والصحراء.
وابرز الوزير أيضا أن “الفرص التي توفرها الجهوية المتقدمة وكذا المجهودات التنموية التي يقوم بها المغرب ستجعل من منطقة الصحراء قطبا اقتصاديا مندمجا وستمكن أيضا من إنجاح مخطط الحكم الذاتي للأقاليم الذي اقترحته المملكة المغربية لتسوية هذا النزاع المصطنع”.
وتتميز هذه الندوة الأكاديمية الدولية، التي تتواصل على مدى يومين حول “نماذج الحكم الذاتي الترابي : نقط الالتقاء والاختلاف ” بمشاركة العديد من الباحثين والمحللين السياسيين ومجموعات التفكير الدولية، بتنظيم العديد من الجلسات الموضوعاتية التي تتدارس بالخصوص “الجوانب المؤسساتية”، و”حقوق الانسان والديمقراطية”، و”الجوانب الاقتصادية والضريبية”، و”والجوانب الدولية”، إلى جانب الإطلاق الرسمي “للشبكة الاكاديمية الدولية للحكم الذاتي” ولقاء مع المسؤولين المحليين.