امتدت موجة الاحتجاجات في الجنوب الجزائري لتضرب ولاية ورقلة، التي خرج متظاهروها في مسيرة اليوم السبت، لمطالبة حكومة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة بتحقيق العدالة الاجتماعية وتحسين ظروفهم المعيشية السيئة.
ورفع المحتجون عدة شعارات تدعو للدفع بوتيرة التنمية في الجنوب الجزائري الكبير، الذي ينام سكانه على ثروات باطنية هامة، كالبترول والغاز، اللذين يعتبران المورد الطبيعي الأول في إنعاش الاقتصاد الجزائري.
وتفجر الوضع بولاية ورقلة الجزائرية، عقب تسجيل تراكمات وسلسة من الأحداث، التي أثقلت كاهل المواطن، وأهمها تضاؤل فرص التشغيل، وصعوبة الأوضاع المعيشية في محيط مناخي قاسٍ؛ بسبب ارتفاع درجات الحرارة.
وندد الآلاف من سكان الولاية، الذين خرجوا في مظاهرة احتجاجية حاشدة بسوء التسيير، وما أسموه بـ”التهميش الممنهج والمقصود الملاحظ في تصريحات مسؤولين كبار في الدولة”.
https://www.youtube.com/watch?v=gB1Dobq7Wc8
مطالب المحتجين
وأفاد بيان صادر عن منظمي الحركة الاحتجاجية، أنّهم يرفضون رفضًا تامًا كل الأوصاف التي وجهت إليهم على أنهم “شرذمة” أو “مشاغبين” أو “جرذان” أو “غير مكونين”.
ويعتقد المتظاهرون بأنّ “الهدف من تلك التصريحات هو إبقاء الولاية في ذيل الترتيب بالنسبة للتنمية”.
وتشمل قائمة المطالب التي رفعها المحتجون، تنحية الوالي، ورد الاعتبار لولاية ورقلة “بجعل يوم 27 فبراير 1962 عيدًا وطنيًا للوحدة الوطنية”، بالإضافة إلى تسمية المنشآت الكبرى بأسماء مقاومي المنطقة ممن ثاروا ضد فرنسا خلال حربها على الجزائر.
وطالب المتظاهرون كذلك، برفع التجميد عن المستشفى الجامعي، وإنشاء مستشفى الحروق، وإخراج قسم السرطان من مستشفى محمد بوضياف، كمركز مستقل ماليا، وقسم التوليد، وطالبوا أيضًا بتفعيل مركز الخدمات الطبية لصندوق الضمان الاجتماعي.
وعرج بيان المحتجين على الملفات الكبرى التي تعاني نقصًا في المنطقة مثل السكن، وضرورة استرجاع الأراضي الفلاحية الممنوحة للمستثمرين من خارج ولايتهم.
غياب حكومي
وتتحفظ السلطات الجزائرية حتى الساعة عن إصدار أي موقف رسمي بشأن الاحتجاجات التي شهدتها مدينة ورقلة جنوب البلاد، في حين وجه ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي، انتقادات واسعة للحكومة التي تحاول تقزيم مطالب المواطنين.
وتتعامل السلطات الجزائرية بحساسية مع الحركات الاحتجاجية، وعادة ما تؤكد أن الأشخاص الذين يقفون وراءها لهم أغراض سياسية، ويمثلون أيادي خارجية تسعى لضرب الاستقرار والأمن.
وبالمقابل تعتقد أحزاب محسوبة على تيار المعارضة في الجزائر، أنّ الحكومة تبالغ كثيرًا في تخوفاتها على اعتبار أن التظاهر السلمي حق من الحقوق المضمونة دستوريًا، وتلجأ إلى حيلة التشكيك في خطوة منها لتقويض الحركات الاحتجاجية وضرب مصداقيتها.
تصريحات مستفزة
وبتاريخ 29 يوليوز المنصرم، هاجم رئيس الوزراء الجزائري، أحمد أويحيى، متظاهري مدنٍ جنوبية، تعاني الفقر والحرمان من برامج التنمية المحلية.
وعبر الغاضبون عن رفضهم الوضع الاجتماعي الذي تعيشه مناطقهم، لكن أويحيى ردَّ عليهم بقوله: “إن الفوضى ليست مفتاحًا لعلاج أي مشكلة سواء أكانت اقتصادية أم اجتماعية”.
وحذّر رئيس الوزراء من استمرار احتجاجات جنوب البلاد، عقب تهديد السكان بتصعيد الاحتجاج في الشارع؛ بسبب بطء التنمية وتفشي البطالة.
وخلفت تصريحات أويحيى جدلًا واسعًا على منصات التواصل الاجتماعي، بحكم مخالفتها للدستور الجزائري، الذي يكرّس مبدأ الحق في التظاهر، واعتبر ناشطون أن تصريحات أويحيى “استفزازية لسكان الجنوب الذين يواجهون ظروفًا قاسية”.
وفي السياق، دعا البرلماني السابق، محمد الداوي، الحكومة الجزائرية إلى “الالتفاف حول مطالب المحتجين بدل تجاهلها، تجنبًا للتصعيد وانحراف الوضع عن مساره السلمي”، مؤكدًا أن “أحداث الجنوب تعبر عن استفاقة السكان الذين عانوا التهميش لسنوات في ظل غياب مشاريع تنموية حقيقة”.
ويضيف الداوي، وهو أحد أبناء محافظة ورقلة، في تصريحات لـ”إرم نيوز”، أن أهم مطلب للمحتجين يكمن في “القضاء على الفوارق الاجتماعية، وتحقيق العدالة بين الجميع في إطار العيش الكريم”.