يبدو أن فضائح البيجيدي لا تكاد تنتهي حتى تطفو أخرى على السطح، فرغم الفضائح السابقة التي تورط فيها دعاة وقياديون ووزراء في الحزب الإسلامي، وما خلّفه ذلك من تأثير على صورة هذا التنظيم الذي يقدم نفسه كبديل سياسي ينهل من المرجعية الإسلامية، إلا أن الفضائح ما زالت تلاحقه وأبطالها أعضاء بارزون فيه.
فخلال الأيام الأخيرة تفجرت فضيحة من العيار الثقيل، بطلها وزير وقيادي في حزب العدالة والتنمية الإسلامي الحاكم وعضو حركة التوحيد والإصلاح الدعوية.
علاقة غير شرعية
تفاصيل الفضيحة التي أثارث ضجة وسط الرأي العام المغربي، الأسبوع الماضي، تعود إلى شهر رمضان الماضي، بحسب ما كشفه بطلها الذي لم يكن سوى محمد يتيم، القيادي في حزب العدالة والتنمية الإسلامي، ووزير التشغيل والإدماج المهني، الذي ظهر في شريط فيديو ممسكًا بيد سيدة شابة تصغره سنًا، وهما يتجولان ليلًا في العاصمة الفرنسية باريس.
الشابة العشرينية هي مُدَلّكة سابقة للوزير، حيث كانت تتردد على بيته خلال الأشهر الأخيرة لتدليك قدمه التي أصيبت بكسر، ليسقط صريعًا في عشق ممنوع عاشاه في باريس.
وأمام ضغط العائلة والمجتمع، لم يجد “الوزير العاشق” مكانًا ليختلي بعشيقته سوى السفر إلى فرنسا والتجول في شوارعها في عز شهر رمضان، دون أن تجمعهما علاقة شرعية.
ولم يجد الوزير الإسلامي بُدًّا من الخروج لتوضيح فعلته التي عابها الكثيرون، حيث قال في تصريحات صحفية لموقع مقرب من الإسلاميين، إن العلاقة التي تربطه بالمعنية بالأمر هي علاقة “خطبة رسمية” تنتظر التوثيق، ويعني ذلك أنه لم يطلق زوجته الأولى التي قال إنه يعيش مشاكل معها.
لم يُقنع توضيح “الوزير العاشق” المغاربة الذين عابوا عليه التناقض في الخطاب، والتنكر الواضح لزوجته، وللمرجعية الإسلامية وايديولوجية حزبه التي تحرّم ما أحله في باريس.
“يتيم” هو عضو مجلس شورى حركة التوحيد والإصلاح، الذراع الدعوي لحزب العدالة والتنمية، وجد نفسه أمام موجة من الانتقادات والاتهامات بازدواجية الخطاب، لكن هناك من اتهمه بتشجيع “زواج الفاتحة” (زواج غير موثق) وهي ظاهرة يسعى المغرب جاهدًا إلى الحد منها؛ لما تخلف من مآسٍ ومشاكل اجتماعية.
فكيف لوزير في حكومة تحارب ظاهرة زواج الفاتحة أن يخرج للعلن ويوضح أن ما يجمعه بالفتاة هي علاقة شرعية تحتاج إلى توثيق؟ يتساءل مراقبون.
لكن الوزير أفتى بما لم يفتِ به الفقهاء، وصرح بأن ما يجمعه بالفتاة علاقة شرعية.
يقول الوزير في توضيحه: “خلال كل المراحل والخطوات حرصت على أن آتي البيوت من أبوابها، ولذلك كانت علاقة مسؤولة مرت من خلال أسرتها، رغم أنه كان من الممكن الاستغناء عن ذلك فقهيًا، حيث أنها راشدة يجوز لها أن تقرر وحدها في شأن زواجها”.
فضائح الإسلاميين.. ما خفي أعظم
ولم يكن الوزير “يتيم” أول وزير يطيح به “العشق” في صفوف الإسلاميين، بل سبقه كثيرون، وزراء ودعاة إسلاميون في حركة التوحيد والإصلاح التي ينتمي إليها جل أعضاء حزب العدالة والتنمية الإخواني، الذي يقود الحكومة المغربية.
في غشت 2016، هزت فضيحة أخلاقية بيت حركة التوحيد والإصلاح الدعوية، حيث ضبطت أجهزة الأمن المغربية قيادييْن في الحركة، هما الداعية عمر بنحماد، والداعية فاطمة النجار، في وضعية مخلة بالآداب داخل سيارة بضواحي العاصمة الرباط.
لم يجد “العاشقان” ما يبرران به فعلهما سوى أنهما دخلا في علاقة زواج عرفي، رغم أن الرجل متزوج وأب لعدة أطفال، والداعية النسائية أرملة لم يمضِ على وفاة زوجها وقت طويل.
سارعت الحركة إلى التبرؤ من فعلتهما وجمّدت عضويتهما؛ درءًا للفضيحة التي عرت حقيقة المنتسبين لهذه الجماعة الدعوية.
الحب داخل الحكومة
قصة أخرى أظهرت الوجه الآخر الخفي للإسلاميين في المغرب، والعلاقات التي يتسترون عليها، لكن الإعلام يفضحها، يتعلق الأمر بالوزيرين الإسلاميين في الحكومة المغربية السابقة، وهما الحبيب الشوباني الذي كان يشغل منصب وزير مكلف بالعلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني، والوزيرة سمية بنخلدون التي شغلت منصب وزيرة منتدبة لدى وزير التعليم العالي والبحث العلمي وتكوين الأطر.
وحاول “الكوبل الإسلامي” آنذاك أن يغطيا على العلاقة الغرامية التي تجمعهما، منذ أن كانت الوزيرة موظفة عادية في ديوانه، لكنها سرعان ما تسللت خارج أسوار مبنى الوزارة التي كان يديرها الحبيب الشوباني، لتنكشف خيوطها فيما بعد.
بدأت القصة حينما استقدم الوزير الشوباني سمية بنخلدون، عضو حزب العدالة والتنمية؛ لتشتغل في وزارته كموظفة، لكنها سرعان ما تدرجت في المنصب لتصبح بين عشية وضحاها مديرة ديوانه، قبل أن تتولى حقيبة وزارية بتزكية من حزبها.
لم يستمر الوزيران في الحكومة كثيرًا بعد انكشاف علاقتهما، لتتم إقالتهما في أول تعديل حكومي أشّر عليه ملك البلاد، ليتفرغ الوزيران لعقد قرانهما بعد ذلك.
ويعيب المغاربة على إسلاميي المغرب، سواء السياسيون أو الدعاة، نهجهم سياسة “حرام عليكم وحلال علينا” أو ما يعني سياسة الكيل بمكيالين، فهؤلاء ظلوا يفتون في الأخلاق الحميدة، والتشبث بتعاليم الدين، لكنهم كانوا أول من سقط في اختبار الالتزام بما يفتون به، وتبرير ما لا يبرر.