قال محمد عبد النباوي، الوكيل العام للملك، رئيس النيابة العامة، خلال كلمته الافتتاحية بمناسبة الدورة الـ61 للمؤتمر الدولي للقضاة بمراكش، إن استقلال قضاء النيابة العامة بالمغرب، الذي يصادف ذكراه السنوية، عرف تدرجا تاريخيا منذ أول دستور لسنة 1961، إلى دستور 2011، انتهاء بتنصيب المجلس الأعلى سنة 2017.
وأفاد المتحدث في كلمته، أمام المؤتمرين، أن القضاء المغربي، في الدساتير من 1961 إلى 1996 “خمسة دساتير”، والتي ظل العمل بها جاريا إلى منتصف سنة 2011، نصت جميعها على استقلال القضاء عن السلطتين التشريعية والتنفيذية، لكنها اكتفت بمنع تدخلها في أحكام القضاة دون أن يحول وقيام وزير العدل، الذي كان يترأس المجلس الأعلى للقضاء، بتوجيه مهام القضاة وإعطائهم أوامر وتعليمات.
وأضاف عبد النباوي، أن خطاب الملك في ذكرى ثورة الملك والشعب لسنة 2009، الذي أعلن خلاله عن وضع برنامج شامل لإصلاح القضاء، ودعم ضمانات الاستقلالية، وذلك بتخويل المجلس الأعلى للقضاء (آنذاك) حصريا، الصلاحياتِ اللازمة لتدبير المسار المهني للقضاة. فتح الباب على مصراعيه لانطلاق مشاريع إصلاح العدالة واستقلالها، ليتأتى ذلك من خلال دستور 2011، الذي نص على إحداث سلطة قضائية موحدة بالبلاد تضم قضاء الحكم وقضاءَ النيابة العامة، باعتبار القضاء جسماً واحداً.
وأشار الوكيل العام للملك، إلى أن 2017 شهدت تأسيس المجلس الأعلى للسلطة القضائية الذي خوله القانون تدبير الوضعيات المهنية لجميع القضاة، سواء قضاة الحكم أو قضاة النيابة العامة، وكذلك حماية استقلال القاضي، ووضع تقارير بشأن الأمور ذات الصلة بالقضاء وشؤون العدالة والحريات، ليتحقق الاستقلال المؤسساتي للسلطة القضائية، والاستقلال الذاتي للقضاة.
وفي هذا الصدد، شدد عبد النباوي، على ضرورة استحضار القضاة للبعد الحقوقي لمبدأ الاستقلال لإصدار أحكام عادلة ومنصفة، تستند للقانون والاجتهاد القضائي الراسخ، وليس للأهواء والنزوات. وأن نستعمل السلطات القانونية المخولة لنا لتحقيق الأمن القضائي وتوفير مناخ الثقة في المؤسسات، وهو ما سيوفر، حسب المتحدث، الأجواء المناسبة للاستثمار والظروف المساعدة على زيادة الإنتاج ويوفر ظروف الشغل والاستقرار للساكنة.
ونوه المصدر ذاته، بقضاة النيابة العامة بالمغرب، الذين يؤمنون ، حسب تعبيره، بأهمية دورهم في حماية الحقوق والحريات، وفي مكافحة الجريمة، وفي توفير الأمن واستتباب النظام، حتى ينعم المواطنون بحقوقهم وحرياتهم، عاقدين العزم على مواصلة نضالهم من أجل فرض سيادة القانون، مسلحين بدعم الملك، وبما وفره الدستور والقانون من إمكانيات وآليات، متشبثين بوحدة السلطة القضائية واستقلالها.