“ديان” يرصد معاناة من ينتظر مرور الزمن والتأمل العميق فيه

يعالج الفيلم الأمريكي “ديان”، للمخرج كنت جونز، الذي يشارك هذه السنة في المسابقة الرسمية للمهرجان الدولي للفيلم بمراكش في دورته السابعة عشر، مسألة تجرع ألم انتظار مرور الزمن والتأمل العميق فيه في قالب فني متميز.

ويحكي هذا العمل السينمائي، قصة ديان، التي تقضي وقتها في قيادة سيارتها من مكان إلى آخر، بين معارفها بولاية ماساشوستس، مالئة أيامها بأعمال خيرية وإن كانت تبدو صغيرة، مثل خدمة محتاجين في عشاء كنسي، وزيارة قريب مريض في المستشفى، وتوزيع بعض الأطعمة على الجيران، ودردشة مع بعض الأصدقاء القدامى.

وتتوالى أحداث الفيلم ليكتشف المشاهد أن ما تقوم به ديان، وهي أرملة في السبعينات من عمرها، ليس إلا للتخفيف من مرارة التفاعل مع أبنها المدمن على المخدرات الذي يرفض العودة إلى مركز التأهيل، لأنه سبق أن ارتكب جرما منذ عدة سنوات. وبينما يتوارى جيلها وتزداد وحدتها، وتتراجع حياتها المألوفة أمام عينيها، تدرك ديان أنها تواجه عزلتها، وفكرة الغفران.

وحاول المخرج أيضا التركيز على الحالة التي تصل إليها علاقة الابن بالأم والمعاناة التي تتجرعها في محاولتها الحفاظ على التوازن العقلي والصحي والروحي لها ولابنها، فالعديد من المشاهد تجسد حالة الخوف واليأس والحزن الذي يخيم على محيا الأم لا سيما حين تدون حوارها الروحي مع ذاتها وتفاصيل حديثها مع ابنها، وحالة الخوف من الفقدان، التي تصيبها كلما اكتشفت أن ابنها قد ابتعد عنها.

لقد نجح مخرج هذا العمل السينمائي في استغلال كافة التفاصيل لخدمة فكرته الرئيسية في الفيلم، مستندا على أداء مميز لبطلة الفيلم ماري كاي بلايس، وأيضا من خلال الإيقاع الهادئ للفيلم الذي أدخل المشاهد لعالم “ديان”.

ورغم تركيز المخرج على الشخصية المحورية للفيلم، إلا أنه اهتم ووظف بشكل جيد الشخصيات الثانوية وجعلها ببساطة بنائها وتقديمها تظهر وتؤثر بكل واقعية وسلاسة في صنع بانوراما لحياة مفرطة في واقعيتها.

ويعتبر كنت جونز صانع أفلام وكاتب ومنظم مهرجانات معترف به على الصعيد الدولي. ومنذ سنة 2013، شغل منصب مدير مهرجان نيويورك السينمائي، كما أنه مؤلف لعديد من الكتب، من بينها كتاب الدليل المادي سنة 2009. وأحدث فيلم وثائقي له هو هيتشكوك/تروفو، ويعتبر فيلم ديان أول فيلم روائي له.

وقام بتشخيص الأدوار في هذا الفيلم كل ماري كاي بلايس، جيك لايسي، ديدرا اكونل، غيليس اوكنر، جويس فان باتن، فليس سمرفيل، انديا مارتن، استيل بارسونز.

ولا يزال جمهور القلعة الحمراء على موعد مع عرض 12 شريطا في إطار المسابقة الرسمية لانتزاع النجمة الذهبية للدورة ال17 من المهرجان التي تستمر حتى الثامن من الشهر الجاري، بالإضافة إلى أفلام طويلة أولى أو ثانية لمخرجيها، ما يؤكد الأولوية التي يوليها المهرجان لاكتشاف وتكريس المواهب الجديدة في السينما العالمية.

Total
0
Shares
المنشورات ذات الصلة