ما قدمه جييرمو ديل تورو، المخرج المكسيكي لفيلم “شكل الماء” و”متاهات بان”، يفوق المناقشة أو الدرس الأكاديمي أو تبادل الرأي حول السينما، لقد قدم درسا للحياة. كما أنه أثر، بسخائه وعمق خطابه، في المشاهدين الذين حجوا بأعداد غفيرة للقاعة وتملك قلوبهم.
“أشعر في صميم كياني برابط خاص يربطني بالمغرب. أحس أنني في بيتي من خلال الأشخاص الذين يحيطون بي والطاقة التي أشعر بها وما أراه من صناعة تقليدية”. وجوابا على السؤال التالي : ما عسى أن تنصح به الشباب المغاربة الذين يرغبون في ممارسة السينما ؟ يجيب جييرمو ديل تورو “ليكن لكم جواز سفر وجذور. ولا يهم الخطاب الذي توجهونه للعالم أو المكان الذي تتحدثون منه، المهم هو أن تحملوا المغرب معكم”.
ويواصل المخرج : لا تخشوا الفشل. إن الفشل كالوقود، عنصر أساسي في المسار الفني، في حين يمثل النجاح مرحلة للاستراحة. ينبغي أن تعطوا للفشل قيمته، لأنه جزء من سيرتنا الذاتية، فحياتي مليئة بتجارب الفشل والألم”.
المشاهدة، فن قائم بذاته !
من بين كل الحواس، يضع ديل تورو البصر في أعلى المراتب. “إن العيون هي الجزء الأكثر حميمية وانكشافا من جسم الإنسان. فنحن ننظر لبعضنا البعض، وننظر للأشياء، وننظر للعالم. والنظر هو ما يسعنا أن نمنح للجمهور، إذ يمكننا أن نتحدث عن نفس الشيء لكن كل نظرة ستكون مختلفة وخاصة”.
لا شيء فيما يقدمه المخرج للمشاهدة “يأتي محض الصدفة، سواء كان قرارا أو اختيارا للألوان أو الألبسة أو الأشياء أو الحركات. فاختيار اللباس، على سبيل المثال، يعرفنا بالشخصية. يمكننا أن نقول الكثير عن شخصية ما من خلال الحذاء أو السترة أو السروال الذي ترتديه. فكل عنصر بصري يمدنا بمعلومات. والإخراج أمر يتطور مع الزمن. كما أن هناك رقصة تجمع بين الكاميرا والممثلين، ألحان من الحركات والإيقاعات.
حكايات خرافية
“الإنسان هو الحيوان الوحيد الذي يسرد الحكايات وحكايات عن ذاته. وإذا ما عدنا إلى أول تعابير للفن الإنساني، نجد رسوما داحل الكهوف تبين طريقة الصيد، ورسوما أخرى للتنين. فالحكايات الخرافية تقدم أشكالا أكثر قوة للواقع وأكثر إنسانية. قرأت منها الكثير حينما كنت شابا وواصلت تلك القراءة والدرس، على غرار ما يضرب من أمثلة في كتب الديانات. إنها تسهل علينا قبول العالم”.
ويستنتج المخرج قائلا : “هناك أمران في عالم الفن لا يثق الكثيرون بهما : المشاعر والخيال. في حين أنهما يمثلان مصدر إنسانيتنا”. “أكبر برهان على الحب هو الظر إلى الآخر. وأجمل هدية يمكن أن تقدم لك هي أن ينظر إليك كما أنت