اجتمعت جميع العناصر لجعل المدينة الحمراء عاصمة للسينما بفضل المهرجان الدولي للفيلم بمراكش. من قصر المؤتمرات إلى ساحة “جامع الفنا” الأسطورية، تبقى السينما العنوان الأبرز، وحاضرة لإرضاء جميع الأذواق. فالخيارات كثيرة أمام عشاق السينما للاختيار بين الأفلام الجديدة وكذا بين قاعات العرض والسينما في الهواء الطلق.
وتتحول ساحة جامع الفنا، خلال أيام هذا العرس السينمائي ، إلى سينما بالهواء الطلق للاحتفاء، كما ينبغي، بالفن السابع وبسحره، من خلال استضافة الأساطير الحية للشاشة الكبيرة ، من بينهم روبرت دي نيرو ومارتن سكورسيزي. وقد كان الحماس في الموعد بالنسبة لجمهور عريض ومتذوق للسينما.
وبمناسبة هذا الحدث السينمائي العالمي، تم تركيب شاشة عملاقة بالجزء الجنوب غربي من الساحة ، حولتها إلى قاعة سينما كبرى، بمناسبة الدورة السابعة عشرة للمهرجان الذي كرس مكانته كموعد فني هام، وأصبح مدرجا على أجندة مختلف المتدخلين في المجال السينمائي، بدءا من النجوم الكبار ومخرجي الأفلام البارزين وصولا إلى عشاق السينما.
وإذا كان قصر المؤتمرات الفخم يوفر إطارا ممتعا للقاءات وحفلات التكريم وعرض الأفلام ، فإن ساحة جامع الفنا تخرج عن هذا الإطار ، حيث يحجها حشد كبير ، كالمعتاد ، يرحب بصيحات الفرح وبالتصفيق، بالنجوم والأسماء الكبرى للسينما العالمية.
وقد توافد مساء أول أمس الأحد الآلاف ، صغارا وكبارا ، على الساحة ليعيشوا لحظات استثنائية ويلتقوا بنجومهم المفضلين على غرار دي نيرو وسكورسيزي ، ولتتبع عرض بعض روائعهم: “المنبوذون” و “كوندون”.
وهكذا، أصبحت ساحة جامع الفنا، وبالتالي مدينة مراكش ، مدرجة في سجل تاريخ السينما، لأن كلا من نجمي هوليوود، دي نيرو وسكورسيزي، ظهرا معا في هذه المناسبة في لحظة نادرة مفعمة بالأحاسيس. وشكل المهرجان أيضا منبرا لأيقونة الفن السابع ، دي نيرو ، للتأكيد على وجود مشروع فيلم سينمائي جديد تحت إشراف سكورسيزي.
وستلي هذه الأمسية السينمائية التي لا ت نسى، طوال فترة المهرجان الذي يستمر لمدة تسعة أيام، عروض لأزيد من 10 أفلام في الهواء الطلق: “كورسا” لعبد الله توكونة و”إسكندرية كمان وكمان” ليوسف شاهين ، و”أنت-مان اند دو ووسب” لبيتن ريد، و” جوسكا مون ديغني سوفل” لياش شوبرا، و” الماء والخضرة والوجه الحسن” ليسري نصر الله، و”فورست غامب ” لروبرت زمكيس، و”هازبند ماتيريال ” لانوراغ كاشياب ، و”الحنش” لادريس المريني و “أستريكس واوبيلكس: ميسيون كليوباترا” لألان شبات. ويحق لجمهور مهرجان مراكش السينمائي الدولي أن يفخر باستضافة أكبر نجوم الفن السابع العالمي بالمدينة الحمراء، مع تسليط الضوء على النجوم المغاربة الذين تشكل هذه التظاهرة مناسبة للالتقاء فيما بينهم.
والجديد الذي تحمله دورة المهرجان هذه السنة، بعد عام من التوقف مخصص للتفكير ، هو مجموعة من التصورات الجديدة ، منها “محادثة مع” ، وهي عبارة عن فقرة للتبادل الحر والمباشر والتجاذب في إطار ودي. ويضم برنامجها لقاءات مع مارتن سكورسيزي، وروبرت دي نيرو، وغييرمو ديل تورو، وأنييس فاردا، ويسري نصر الله، وكريستيان مونغيو، وكذا المندوب العام لمهرجان كان ومدير معهد لوميير في ليون، تييري فريمو.
ويطلق المهرجان ، الذي كان دائما حريصا على تعريف الجمهور الناشئ بسحر السينما ، بمناسبة نسخته السابعة عشر ، برنامجا جديدا مخصصا للطلبة والشباب بشكل عام. ومن المقرر أن يتم عرض خمسة أفلام في سينما كوليزي ، منها “وردي” للنرويجي ماتس غروريد، وكذلك “إقبال” للمصور الإيطالي ميشال فوزيلير والمخرج الإيراني باباك بايامي.
بالإضافة إلى ذلك ، تقترح هذه الدورة برنامجا جديدا لتنمية المواهب في إفريقيا والشرق الأوسط “ورشات الأطلس” ، والذي يستقبل أكثر من 150 مهنيا مغربيا ودوليا، مع هدف رئيسي يتمثل في دعم مشاريع الأفلام والأفلام في مرحلة ما بعد الإنتاج.
ووفاء منه لالتزامه الاجتماعي، يخصص المهرجان الدولي للفيلم عروضا للمكفوفين وضعاف البصر، محافظا بذلك على هذا الموعد السينمائي الهام. وستمكن هذه الأفلام، التي ستعرض بطريقة الوصف الصوتي، الجمهور من ذوي الاحتياجات الخاصة من الاستمتاع بهذه البرمجة الخاصة. وسيتابع المشاركون في المهرجان ومحبو السينما ما لا يقل عن 80 فيلما من 29 بلدا، موزعة على عدة فقرات تشمل “المسابقة الرسمية”، و”السهرات المسائية”، و”العروض الخاصة”، و”القارة 11″، و”بانوراما السينما المغربية”، و”الجمهور الناشئ”، و”عروض جامع الفنا”، و”عروض المكفوفين وضعاف البصر”، وفقرة “التكريمات”.
ووفاء لتقليده الراسخ، قام المهرجان بتكريم روبرت دي نيرو وأنييس فاردا، من خلال تسليمهما النجمة الذهبية للمهرجان الدولي للفيلم بمراكش. ولأن السينما المغربية تحتل مكانة متميزة في برنامج المهرجان، فقد حرصت دورة هذه السنة على تكريم المخرج المغربي الجيلالي فرحاتي، تكريما لأعماله ومسيرته الفنية.