جمال الخنوسي
لابد أن الكثيرين ممن كانوا يتساءلون عن سبب الكلاش الحاد بين الدون بيغ ومجموعة من “الروابة”، كما يحلو لهم القول، قد عثروا على جزء من الإجابة.
فالرجل لم يكن مندفعا أو حانقا، أو فنانا حقودا أغضبه نجاح شلة من “المبتدئين”، بل درس خطته الترويجية جيدا، وفتح لنفسه أبواب العودة عن آخرها.
وقبل أن تهدأ عاصفة الكلاشات والكلاشات المضادة، ردا على 170 كيلو، ترك الجميع في مشاحنات دونكيشوتية، وأطلق أغنية / قنبلة جديدة تنحو منحى آخر، لكنه معتاد في مسار توفيق حازب : صادم وهادف في الآن ذاته.
PSYCHO WRECKING أو دمار نفسي، صاحبها فيديو كليب أثار جدلا كبيرا حول المشاهد الجنسية المثيرة، قبل أن يثير الجدل حول مغزاه. حيث أن الدون بيغ أراد فضح السيكوزيفرينيا المنتشرة في مجتمعنا المغربي والعربي عموما. سكيزوفرينيا تبدأ بتشجع الميزوجينية أو اضطهاد النساء، وتنتهي بقطع الرؤوس والتنكيل بها. ويصوغ حازب في نهاية الفيديو كليب أمثلة بالجريمة الارهابية في إمليل، والسيدة التي فصل معتوه رأسها في إفران…
ولم يقف الفيديو كليب عند هذا الحد فحسب، بل كشف عن سكيزوفرينيا دفينة داخلنا جميعا، إذ حاكم الكثيرون منا الفيديو كليب واعتبروه حزمة مشاهد جنسية خليعة لا أقل ولا أكثر، قبل أن يتبين أن المعنى الحقيقي أكبر وأعمق. وأن الشعور الحيواني الغريرزي الأول مضلل، ولا يكشف حقائق الأمور.
ولم تسلم خوارزميات يوتيوب الذكية/ الغبية من هذه السكيزوفرينيا، حيث حجب الفيديو احترازيا 3 مرات منذ نشره. فيما فيديو كليبات “بورنوغرافية” لبيونسيه وليل واين ونيكي ميناج تعرض دون حسيب أو رقيب.
فتصنيف الدون بيغ للفيديو ك “ممنوع عن أقل من 18 سنة” اختيار شخصي يبرهن على أنه فنان مسؤول لأن “بسيكو ورايكينغ” يمكن أن يمنع عن أقل من 13 سنة حسب المعايير الدولية في تصنيف الفيديوهات على أكثر تقدير.
إن ما يتعرض له الدون بيغ وفيديو كليب “بسيكو ورايكينغ” له اسم واحد ووحيد : الفاشية. فما معنى أن تسخر جهة معروفة جيوشا الكترونية، تحركها من أجل التبليغ عن أغنية؟ ما معنى أن تقرر جماعة ما نيابة عن الملايين حول العالم بمنع أغنية أو فيديو كليب؟
وعلى ما يبدو فإن الجيوش الالكترونية تستغل آلية التبليغات التي وضعها يوتوب لمنع الفيديو “احترازيا” مدة معينة، قبل أن يفطن الى أن الأمر حرب مفتعلة ومقصودة الهدف منها التشويش، ثم يطلق سراح الفيديو من جديد في عملية متتالية ومتكررة.
اليوم لسنا أمام نقاش قديم، ومعركة مشاهد خليعة أو كلام خاسر، بل أمام فاشية رقابية يمكن ان تصفي أي صوت مختلف. لذلك فإن معركة الدون بيغ ومن معه، معركتنا جميعا: هنا والآن وكل يوم.
في النهاية دعوني أختم بملاحظة بسيطة : لم تصدم مشاهد العنف أحدا، ولم يحرك مشاعر الشرذمة إياها جسد امرأة منكل بها شرحه معتوه سادي في الفيديو كليب، في حين تحركت الجيوش من أجل خصر امرأة .. صدر امرأة .. ساق امرأة .. أليست هذه قمة السكيزوفرينيا؟