ضمن فعاليات الدورة 25 للمعرض الدولي للنشر والكتاب بالدار البيضاء، وقع الكاتب والباحث الأكاديمي حسن طارق إصداره الجديد “حقوق الإنسان أفقا للتفكير، من تأصيل الحرية إلى مأزق الهوية “.
في هذا الكاتب، الصادر عن دار توبقال للنشر في ثلاثة فصول ، قدم المؤلف توصيفا للمرجعيات التي حكمت التطور الحقوقي بالمغرب، والسياقات المعرفية لتبلور فكرة حقوق الإنسان، وتقعيدها على المستوى المحلي، إلى جانب عرضه للتطور التاريخي لمفهوم “الحق”، لا سيما في علاقته بالتأطير الاخلاقي للمسألة الحقوقية بمختلف تشعباتها المدنية والقانونية.
وفي تقديمه للمؤلف، اعتبر المفكر محمد سبيلا أن الكتاب يعكس اتجاها جديدا في مجال البحث في العلوم الإنسانية، معتبرا أن كتابات حسن طارق تشهد في مجملها على التطور البين للفكر المغربي في هذا المجال، علاوة على ما تتميز به من انفتاح معرفي على باقي التخصصات.
وبرأيه، فهذا الإصدار الجديد ” يؤرخ لتحول معرفي ضمني” يتراوح بين التلقائية والوعي بأن العلوم السياسية في المغرب تعيش نوعا من المخاض المعرفي، الذي يبقى، بالنسبة إليه “مخاضا إيجابيا لأنه يعبر عن طموح ثقافي نحو الانتقال أو المزاوجة بين البعد الوصفي والنقد الإشكالي” .
فيما عرض الكاتب للمناخ التنويري الذي ميز تطور فكرة حقوق الإنسان عبر العالم، معتبرا أنها ” ارتبطت بالاتجاه الفرداني، الممجد لحرية الفرد ولإرادته وعقله، وفكرة العقد الاجتماعي، كأساس ضابط للأصل البشري التعاقدي حول السلطة، وكذا بفكرة الحق الطبيعي القائمة على وجود حقوق طبيعية راسخة وقبلية لدى الإنسان، أهمها الحرية” .
وشدد، في هذا السياق، على أن “الجميع أمام مفهوم حديث لم يكن من الممكن تاريخيا أن يتبلور خارج السياق الفكري والسياسي للحداثة، وخارج الموقع الذي صار يحتله «الإنسان» داخل النظرة الجديدة إلى العالم، وخارج اكتشاف الحرية كجوهر للوجود البشري”.
وذهب الكاتب إلى أن عمق الإشكالية الحقوقية يكمن في أن “حقوق الإنسان ليست مجرد لائحة للحقوق، وإنما هي تصور أخلاقي يحمل معه نظرة محددة للعالم والإنسان والعلاقات الاجتماعية تتطلب مراجعة صارمة للعديد من المقولات والمفاهيم التي اعتدنا أن نصف بها أنفسنا ونحاكم بها غيرنا”.
وأكد أن هذه الرؤية النقدية تفرض “إعادة قراءة تاريخنا الخاص وتجديد فكرنا الديني”، مشيرا في الوفت ذاته إلى أن “حركة حقوق الإنسان في بلادنا تشكل اختبارا يوميا للحداثة، وامتحانا مستمرا للقدرة الجماعية على الانخراط في المغامرة الإنسانية، لذلك فطلائعية المطلب الحقوقي داخل مجتمع في قلب تحولاته المعقدة نحو الحداثة والديمقراطية والحرية، لا تغني عن المعركة الثقافية والفكرية الكبرى والجديرة بالأفق التاريخي للدولة وللمواطنة”.
ويشار إلى أن الدورة الحالية تشهد تنظيم فقرات تلقي الضوء على التجارب الإبداعية والنقدية التي رأت النور خلال موسم 2018-2019، على الصعيدين المغربي والعربي، بالإصافة إلى فقرات مع كاتبات وكتاب يقدمون من خلالها جديد مشاريعهم الفكرية.
وتعرف هذه الدورة، التي تحتضنها الدار البيضاء ما بين 7 و17 فبراير الجاري، مشاركة أكثر من 700 عارض مباشر وغير مباشر، يمثلون أكثر من 40 بلدا.
وإلى جانب الفقرات الخاصة بضيف الشرف الذي تمثله هذه السنة الجارة الشمالية للمملكة (إسبانيا)، فإن البرنامج الثقافي لهذه الدورة يشمل تنظيم العديد من الندوات التي تقارب شتى جوانب الشأن الثقافي المغربي، بتعبيراته اللغوية المتعددة، وبحقوله المعرفية والإبداعية المتنوعة.