قالت السلطات الجزائرية، الأربعاء، إن الظروف مواتية لإجراء الانتخابات الرئاسية في 18 أبريل، وذلك في ظل الاحتجاجات التي أثارها ترشح الرئيس عبد العزيز بوتفليقة لولاية خامسة في وقت بدأت تظهر تصدعات في معسكره.
من جانبها، أكدت باريس أنها لا تتجاهل ما يجري في الجزائر، إلا أنها “لا تتدخل” في شؤون مستعمرتها السابقة.
وعلى هامش اجتماع وزاري لجامعة الدول العربية في القاهرة، قال وزير الشؤون الخارجية الجزائري، عبد القادر مساهل، إن “الاستقرار” الذي تعيشه الجزائر “سمح بإجراء الانتخابات طبقا للدستور الجزائري في ظل الشفافية والهدوء والاطمئنان”.
وأوردت وكالة الأنباء الجزائرية أن الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط، قال إن الجامعة “وافقت على طلب الجزائر بخصوص مراقبة الانتخابات الرئاسية، مبدية اهتمامها بنجاح هذا الموعد الهام”.
أما رئيس أركان الجيش الجزائري، الفريق أحمد قايد صالح، الذي يشغل كذلك منصب نائب وزير الدفاع، فأكد أن الجيش وقوات الأمن تلتزم توفير “كل الظروف الآمنة، بما يكفل تمكين شعبنا من ممارسة حقه وأداء واجبه الانتخابي في كنف الأمن والسكينة والاستقرار”، مشيرا إلى “التضامن والأخوة” بين الجيش والشعب.
وندد قايد صالح، في كلمة ألقاها خلال زيارة إلى الأكاديمية العسكرية، بأطراف، لم يذكرهم، قال إنه “يزعجهم أن يروا الجزائر آمنة ومستقرة، بل يريدون أن يعودوا بها إلى سنوات الألم، وسنوات الجمر، التي عايش خلالها الشعب الجزائري كل أشكال المعاناة، وقدم خلالها ثمنا غاليا”، في إشارة الى سنوات الحرب الأهلية الجزائرية (1992-2002).
“تهدئة”
والأربعاء أشارت الصحف الجزائرية إلى خلو هذا الخطاب من أي إشارة واضحة للتظاهرات أو تهديد واضح بحق المتظاهرين، وكذلك إلى ترشح الرئيس بوتفليقة لولاية جديدة.
وكتبت صحيفة “الوطن”، الصادرة بالفرنسية، أنه يبدو أن رئيس الأركان “تخلى عن اللهجة العدائية التي كان يستخدمها حتى الآن للتحدث عن الوضع السياسي في الجزائر”.
وفي خطابه “لم يتفوه الفريق أحمد قايد صالح بكلمة” عن التظاهرات الحالية، “بل عمد إلى التهدئة ولم يلوح في أي وقت من الأوقات بتهديد ضد المتظاهرين”، كما قالت صحيفة “ليبيراسيون”.
وفي حين لم تعلن بعد عودة بوتفليقة إلى الجزائر، إذ يعالج في مستشفى في سويسرا، منذ أكثر من 10 أيام رسميا “لفحوصات طبية دورية” مارست نقابة الأطباء الأربعاء ضغوطا على المجلس الدستوري الذي يتولى دراسة ملفات الترشح للانتخابات.
وأفادت الجمعية أن الشهادات الطبية للمرشحين للرئاسة ينبغي أن تعد من قبل أطباء من أعضاء الجمعية، وفق القانون الانتخابي.
تصدعات في معسكر بوتفليقة
من جهته، قال رئيس الوزراء الفرنسي، إدوار فيليب، مساء الأربعاء، إن فرنسا ليست “غير مبالية” إزاء الوضع في الجزائر، لكنها لا تريد “ممارسة أي تدخل”.
وتابع فيليب، في مقابلة مع قناة “بي إف إم” الإخبارية، أن باريس مرتبطة بمستعمرتها السابقة “برابط تاريخي قوي ومعقد وعاطفي لا يمكن إنكاره”، لكن “الجزائر بلد سيد وبالتالي فإنه يعود للجزائريين وللجزائريين وحدهم أمر اتخاذ القرارات بشأن مستقبلهم”.
وبالتزامن مع ذلك، بدأت تظهر كما يبدو تصدعات في معسكر الرئيس الجزائري إذ أعلنت “المنظمة الوطنية للمجاهدين”، التي لطالما كانت مؤيدة لبوتفليقة، في بيان، عن دعمها للحركة الاحتجاجية. ونددت المنظمة بالمؤسسات التي قامت بممارسات “تتنافى تماما مع آمال شعبنا” متحدثة عن “المال الفاسد”.
وقالت إن المنظمة الوطنية للمجاهدين ترى أن الظروف التي “ألمت بالمشروع (…الوطني) هي التي (فرضت…) على المجتمع الجزائري بشرائحه المختلفة واجب الخروج للشارع والمطالبة بتجسيد الشعارات التي رددها باعتبارها الترجمة الحقيقية لإرادته”.
فيما أعلنت عدة نقابات على ارتباط بالاتحاد العام للعمال الجزائريين عن دعمها للاحتجاجات، وهو موقف مخالف لذاك الذي تبناه أمين عام الاتحاد، عبد المجيد سيدي السعيد، المؤيد للرئيس.
والاثنين، أعلن الوزير السابق، والنائب عن جبهة التحرير الوطني، سيد أحمد فروخي استقالته من البرلمان، والحزب الذي يتزعمه الرئيس.
من جهة أخرى، أعلن مدير حملة المترشح للانتخابات الرئاسية علي غديري، المحامي مقران آيت العربي، الأربعاء، استقالته، معتبرا أن الجزائر “تعيش ثورة سلمية” وإن مكانه مع الجزائريين “لخدمة بلدنا”.
وقدم اللواء المتقاعد علي غديري ملف ترشحه، بالرغم من التظاهرات الرافضة لترشيح بوتفليقة، على خلاف قادة المعارضة الآخرين.
ورغم عدم وجود تظاهرات مقررة ليوم الأربعاء، إلا أن الشرطة انتشرت بأعداد كبيرة وسط العاصمة الجزائرية، صباح الأربعاء، غداة تظاهرات حاشدة للطلاب الذي يواصلون الضغط على بوتفليقة كي ينسحب من الترشح في الانتخابات.