أثار “نداء المسؤولية” الذي أصدره أمناء عامون سابقون بحزب الأصالة والمعاصرة، ومؤسسون، في محاولة للتدخل من أجل “رأب الصدع”، الذي يشهده “البام”، ردود أفعال في أوساط الحزب والمحيط السياسي، إذ هناك من اعتبرها مبادرة إيجابية، على اعتبار أن حزب الأصالة والمعاصرة حزب فاعل في الساحة السياسية، ويتوفر على ثاني فريق برلماني، ويترأس خمس جهات من أصل 12، ومجموعة من الجماعات المحلية، ومجالس أقاليم، ناهيك على أنه حزب أسس من أجل خلق التوازن السياسي في البلد، حين ظهر أن هناك اتجاه هيمني سينهي ما ظل المغرب يفتخر به، ألا وهو التعددية السياسية الحزبية.
و”نداء المسؤولية”، حسب مصدر ” إحاطة.ما “، مبادرة ولدت، بل فرضها واقع الحزب، من أجل مواكبة العمل الحزبي، ودعمه، لاستعادة عافيته، وللعب دوره الذي خلق من أجله، و”ضمير” للحزب، ولا علاقة لها بما يعرف داخل الأحزاب بـ”الحركة التصحيحية”.
كما أن “نداء المسؤولية” مناسبة أو وقفة لتقويم الحزب، وكل هياكله الموازية، ولم تأت، حسب المصدر ذاته، كرد فعل من إشعاع بعض الأحزاب، في الآونة الأخيرة، إنما فرضتها شروط داخلية محضة، خاصة أن حزب الأصالة والمعاصرة، كمشروع، تأسس من أجل تقوية المشهد الحزبي لا إضعافه، وأن الديمقراطية تتحقق بأحزاب مستقلة وقوية، تتنافس فيما بينها، مشيرا إلى قوة الأحزاب هي السبيل لإعادة الثقة إلى المواطن في السياسة، والأحزاب، ووضع حد نهائي للعزوف في الاستحقاقات الانتخابية، خاصة في ظل انتشار الظاهرة الشعبوية، والفوضوية، التي ازدادت حدة مع اتساع دائرة استخدام وسائط ووسائل التواصل الاجتماعي، إذا، يقول المصدر لا مناص من أحزاب قوية، وتعددية حزبية حقيقية.
و”نداء المسؤولية”، لا علاقة له باستحقاق انتخابي في حد ذاته، يقول المصدر، إنما جاء لإعادة الثقة للأعضاء الحزبيين في حزبهم، خاصة أن العملية الانتخابية ليست مرحلة، إنما هي عمل يومي، إذا لابد من تأمين الحد الأدنى من جو العمل والاطمئنان، لأن المنتخب هو مرآة البام، مضيفا، أن ما وقع تنظيميا، ومن تجاذبات يجب أن لا تؤثر على الناخبين والمنتخبين، مشيرا إلى أن ما حدث كان سبب ولادة هذه المبادرة، للتذكير أن هناك مشروع أكبر من الأشخاص، وللعب، في الآن نفسه، دور “الضمير”.
كما أن مبادرة “نداء المسؤولية”، التي خرجت إلى الوجود بمبادرة من الأمناء العامين، والتي لم يسبق إطلاقها، حسب المصدر، أي مشاورات قبلية مع من يتحملون المسؤولية بالحزب، لا تستهدف هيئة أو شخصا بعينه، إنما جاءت لتفعيل القوانين المنظمة للحزب، ومأسسة الحزب، ليكون مؤسسة، غير مرتبطة بالفرد، خاصة أن هناك من يريد تقزيم البام، وحصره في شخص بعينه، مشيرا إلى أن الأصالة والمعاصرة مشروع كبير، مطروح عليه تحديات، وأن الصراع من أجل المشروع، وليس صراعا ذاتيا.
ومبادرة “نداء المسؤولية”، جاءت، أيضا، حسب المصدر، لتقول إن الأصالة والمعاصرة مازال موجودا، وستكون له الكلمة، والهدف هو إعادة الثقة للمنتخبين، مشيرا إلى أن الحزب سيتعافى، وأن من بين الأولويات التسريع بالإعداد لعقد المؤتمر الوطني، المقرر في يناير كحد أقصى، والذي يجب أن يمر في أحسن الأجواء، للتفرغ للاستحقاقات المقبلة، بل يتساءل المصدر لما لا يعجل يعقد المؤتمر، ولكن يشترط إعداد جيد، وعلى جميع المستويات.
ولم يفت المصدر الإشارة إلى أن مبادرة “نداء المسؤولية” تصر على إعمال القوانين، والالتزام بها، وبالهياكل التي يقرها القانون المنظم، لا أن تفصل على الأهواء، وفي إطار التوافقات، لأن التساهل مع خرق القوانين تشرعن الخروقات، كما أن الأمين العام يجب أن يكون أمينا عاما للجميع، ويجمع لا ينحاز لأي فئة أو طرف.
ومبادرة “نداء المسؤولية” جاءت، أيضا، للتذكير بالمشروع الأم من تأسيس “حركة لكل الديمقراطيين” إلى تأسيس الأصالة والمعاصرة، والتي جاءت لتأسيس مشروع مغربي يستلهم مبادئه وقيمه من الموروث المغربي، عكس ما كان سائد، إذ أن جل التنظيمات لها امتدادات خارجة، سواء اليسارية أو اليمينية أو المحافظة.
وجدير بالإشارة إلى أن الأصالة والمعاصرة الحزب الوحيد الذي تناوب على قيادته، منذ تأسيسه في 2007، وفي عقد من الزمن تقريبا، 5 أمناء عامين، لولاية واحدة، وكلهم مستمرون في الحزب، ولم تنشق عنه أي حركة ولا حزب.
نداء المسؤولية
وكان خمسة من قادة وحكماء حزب الأصالة والمعاصرة خرجوا عن صمتهم، وأصدروا نداء، تحت عنوان “نداء المسؤولية”، لتدارك الوضع بالحزب قبل فوات الأوان، خاصة أنه أصبح يعاني منذ فترة من تصدع، استفحل، أخيرا، مع تولي حكيم بنشماش الأمانة العامة.
وأطلق كل من حسن بنعدي، القيادي السابق بالمركزية النقابية الاتحاد المغربي للشغل، وأول أمين عام لحزب لأصالة والمعاصر، ومحمد الشيخ بيد الله، ثاني أمين عام للحزب، ومصطفى بكوري، الأمين العام السابق لحزب، وعلي بلحاج، ومحمد بن حمو، وجميعهم من مؤسسي البام، أطلقوا “نداء المسؤولية”، وذلك “أمام التفاقم المقلق للأزمة التي يتخبط فيها حزب الأصالة والمعاصرة، والتي قد تعصف بأهليته للمساهمة الجدية في مواجهة التحديات الجسيمة، المطروحة على الفاعلين السياسيين، لمواكبة مسلسل الإصلاحات المتعددة الأبعاد التي انخرطت فيها بلادنا، والتي تحتاج أكثر من أي وقت مضى إلى درجة عالية من الوعي والمسؤولية والالتزام الصادق من لدن كل الفاعلين، وخاصة في الظرفية الدقيقة التي نعيشها، في محيط دولي وجهوي مضطرب”.
وتوقف الموقعون الخمسة على النداء على “تفاهة الممارسات التي أصبحت تحرك بعض الفاعلين داخل دواليب الحزب، النابعة أساسا من الحسابات الانتهازية الضيقة أو حتى من بعض النزعات الفوضوية أو العدمية”.
وجاء “نداء المسؤولية” خلاصة لـ”سلسلة من المشاورات” بين “ثلة من المؤسسين لحزب الأصالة والمعاصرة”، حيث أفضت إلى “ضرورة التأكيد العلني على التزامهم بتحمل المسؤولية المعنوية اتجاه مشروع الحزب الذي انخرطوا فيه وبدلوا الكثير، كل حسب طاقته، من أجل تأسيسه وبناءه”، و”ضرورة التدخل، مجتمعين، بحكمة ونزاهة، ورصانة، للمساعدة على تقويم مسار الحزب، في الظرفية الراهنة، والتجاوب مع كل الطاقات البناءة، والطموحات الإيجابية التي يزخر بها الحزب مركزيا وجهويا”.
كما أفضت المشاورات، أيضا، حسب نداء المسؤولية، إلى “العزم على الحضور الفاعل والمواكبة الدائمة إلى جانب المناضلات والمناضلين الصادقين في مختلف المحطات المقبلة، حتى تستعيد مختلف الهياكل الحزبية، جهويا و مركزيا، عافيتها و يجد داخلها كل واحد مكانه ومكانته واعتباره”، و”توجيه هذا النداء، نداء المسؤولية، إلى كافة أعضاء وأنصار الأصالة والمعاصرة، لاستنهاض همم الجميع ولتجديد الثقة في قدرتنا المشتركة على تحقيق نجاحات قادمة، على درب بناء مغرب الحق والعدل والتقدم والحداثة”.