جاءت فاطنة بنغلا إلى مركز للنصح والتوجيه في حي فقير قرب الرباط حاملة معها صورا للكدمات والندوب التي تخفيها الثياب بعد أن تعرضت هي وأمها للعنف المنزلي على يد أحد الأقارب.
وحالة بنغلا البالغة من العمر 40 عاما ليست شيئا استثنائيا أو غير معتاد في المغرب. فقد أظهر مسح أجرته وزارة التضامن والأسرة مؤخراً أن حوالي 54.4 في المئة من المغربيات تعرضن للعنف وهي نسبة تترجم بالأرقام إلى ملايين في بلد يبلغ عدد سكانه حوالي 35 مليون نسمة.
وأظهر المسح أن أكثر النساء تعرضا للعنف تتراوح أعمارهن بين 25 و29 عاما وأن 28.2٪ فقط من النساء ضحايا العنف هن فقط من جرؤن على التحدث إلى شخص أو مؤسسة حول معاناتهن بينما نقل 6.6٪ فقط قضاياهن إلى أروقة المحاكم بحثا عن العدالة.
وقالت بنغلا إنها توجهت إلى المستشفى سعيا للحصول على العلاج فأحالوها إلى مركز الرأفة للإنصات والتوجيه للنساء والفتيات ضحايا العنف.
وقالت ”الناس الذين عنفوني من عائلتي اعتدوا علي وعلى والدتي. أخدوا منا قطعة أرض ومنعونا من القطعة الأخرى. أعيش أنا وأمي تحت الظلم.. نعيش في العذاب. وبسبب الضرب الذي تلقيت على رأسي، أصبح نظري ضعيفا. إنني أعاني كثيرا. ذهبت إلى المستشفى، لكن ليست لدي إمكانية شراء الدواء أو أي شيء. مديرة المستشفى هي التي نصحتني بالتوجه إلى هذا المركز“.
وقدم المركز المشورة في العام الماضي إلى 146 امرأة تعرضن للعنف بجميع أنواعه ولسوء المعاملة. ويوجد في المغرب عشرات من المراكز المشابهة بمختلف أنحاء البلاد.
وتشتكي رجاء زورو، وهي إحدى ضحايا العنف وعاطلة عن العمل تبلغ من العمر 19 عاما، من عنف زوجها وتعيش الآن مع والديها.
وتقول ”زوجي يعنفني لفظيا وجسديا. كل هذا لم يكن يحصل في البداية عندما تزوجنا. لا أفهم هذا التغيير. هل هي تقاليد أم مرض نفسي أو شيء آخر؟ لا أفهم. بدأ يعنفني ويطردني من بيت الزوجية لدرجة أنني تعرضت لإجهاض بسبب الضرب والضغط النفسي. أجهضت بعد سبعة أشهر من الحمل“.
وقالت شريفة الأشهب (26 عاما) لرويترز إنها تعرضت للضرب على يدي زوجها الذي طردها من المنزل وفرق بينها وبين ابنها البالغ من العمر سبعة أعوام وابنتها البالغة من العمر 6 سنوات.
وأوضحت ”لدي مشكل مع زوجي. يضربني ويعتدي علي وطردني من البيت. حاليا أسكن مع والدي وليست لي أية إمكانية لأكون بجانب أولادي. لم يتم تسجيلهم في دفتر الأسرة ولهذا لم أتمكن من تسجيلهم في المدرسة حتى يدرسوا كباقي الأطفال. إنه لا ينفق علينا“.
ولم تذكر أي منهن اسم زوجها.
وعلى الرغم من الجروح النفسية والجسدية التي تحملها النساء الثلاث تحتاج بنغلا وزورو والأشهب إلى تقديم المزيد من الأدلة والشهود لكي يتم القصاص من الجناة في ساحات القضاء.
وقالت نعيمة صابر، مديرة المركز، إن من الصعب للغاية تقديم شهود في حالات العنف الأسري لأنه يحدث وراء أبواب مغلقة ولأن المحاكم غالباً ما ترفض شهادة من يتصادف وجودهم على مقربة من المنازل بحيث يسمعون الصراخ والبكاء لكنها تقبل من يرون بأعينهم وقائع الضرب والعنف والاعتداء.
وأصافت أن المغرب أقر قانونا في العام الماضي يجرم العنف المنزلي وجميع أنواع المضايقات اللفظية عبر الإنترنت لكنها تضيف أن هناك الكثير الذي يجب عمله من أجل الحد من الأدلة المطلوبة.
وأوضحت ”قانون 13/103 جاء إضافة إلى مجموعة من الأشياء. كان جيدا وأعطى حماية أكبر للمرأة، لكن كل الذي كنا نطالب به ونبحث عنه هو أن يقلص من الإثباتات. إذا اعتدى زوج على زوجته داخل البيت، من سيشهد لصالحها؟ أين هم الشهود؟ إذا تطوع الشهود وقالوا إننا سمعنا الضرب مثلا يسألونهم هل شاهدتم الضرب فعلا؟ ما يعني أن الإثبات ضروري في بعض الحالات وهذه من ضمن النقاط التي يجب أن تراجع“.
وقالت المحامية حورية الهمس إن النساء لا يجدن من يشجعهن على اللجوء إلى القضاء في حالات العنف الأسري وغالباً ما يُطلب منهن تقديم تنازلات من أجل الحفاظ على الأسرة.
وقالت بسيمة الحقاوي وزيرة الأسرة والتضامن والمساواة والتنمية الاجتماعية لقناة 2إم التلفزيونية يوم الأحد إن القانون الذي يجرم العنف ضد المرأة يشجع النساء على الإبلاغ ومقاضاة من اعتدى عليهن.