عدنان عبوا
أحصى مشاركون في منتدى الصويرة لحقوق الإنسان في دورته الثامنة اليوم السبت، غايات البنيات التحتية الثقافية وأدوارها المفترضة في تأطير أمثل للشباب واليافعين، وفي تصريف ذي جدوى لطاقاتهم وعنفوانهم.
وسجل المشاركون في اللقاء الذي يتناول موضوع “قوة الثقافة في مواجهة ثقافة العنف”، من خلال تيمة “أي دور للثقافة والفاعل الثقافي”، الحاجة إلى تشييد بنيات تحتية ثقافية تستجيب لحاجيات هذه الفئة التي تشكل عماد المجتمعات وبنيانها، قصد تمنيعها من نزوعات التطرف والانغلاق، وتحصينها عبر التوسل بما جادت به الحقبة الراهنة من مزايا من قبيل التكنولوجيات، قصد تشبيك أنجع بين شباب المعمور، بما يساعد على الحوار والتعارف بين الشعوب والثقافات. وشدد المشاركون على ضرورة إدراج البعد الثقافي في السياسات العمومية، عبر إيلائه المكانة التي يستحق، كما لم يغفلوا أهميته عمرانيا، من خلال تشييد وبناء مراكز ثقافية تنتصب قلاعا لتحصين الشباب واليافعين، وتقدم دروسا في الفن والأدب والمسرح، وتعلي من شأن تعلم اللغات.
وفي كلمة بالمناسبة، قال الصحفي الفرنسي ومدير الموقع الاستقصائي “ميديابارت”، إدوي بلينيل، إن دور الثقافة هام للغاية في الوقت الراهن لأنه يبرز من منظورها، مآسي قد تطال الإنسانية، من قبيل المآسي التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني، مستشهدا بأشعار الراحل محمود درويش في هذا الباب التي ترجم بعضا منها سفير دولة فلسطين باليونسكو، إلياس صنبر، والتي أبدعت بفائقية، في وصف واقع حال الفلسطيني.
وفي هذا الصدد أكد أن هذه “السياسة الشعرية” أماطت اللثام عن حقيقة إنكار حقوق فلسطين وحرمانها عدالتها، مشيرا في المقابل إلى تحلل “الثقافة الديمقراطية وحصرها فقط في الانتخابات”. ومن جهة أخرى، أكد بلينيل أن التحديات الإيكولوجية، وتركز ثروات الإنسانية في أيادي قلة، توجب اضطلاع الصحفي بمهامه كاملة، لافتا إلى أن التظلمات التي أفرزتها حركات “السترات الصفر”، كلها “اجتماعية وسياسية صرفة، وقليل منها يتعلق بالإسلام وقضية الهجرة”.
كما دعا إلى محاربة الإيديولوجيات التي مردها نزوعات متطرفة، خصوصا وأن ” مستهل هذه الإيديولويجيات القاتلة كلمات تنكر أساسا إنسانية الآخر أيا كان”. وفي كلمة مماثلة، أكد الفنان التشكيلي والكاتب المغربي، ماحي بينبين، أهمية التربية في تلقين الأطفال قيم العيش المشترك، داعيا إلى إحداث مزيد من المراكز الثقافية لفائدة الشباب، قصد توفير باقة من الخدمات التربوية والتثقيفية والترفيهية، بالإضافة إلى تركيزها على اللغات.
واستشهد في هذا الباب بالمركز الذي تم إحداثه بسيدي مومن بالدار البيضاء، والتي انحدر منها منفذو عمليات 16 ماي التي خلفت 45 قتيلا ومئات المصابين، والذي يتوخى أساسا تحصين الفئات التي تقطن بهذا الحي، عبر الثقافة، من براثن التطرف والانكفاء، معلنا عن افتتاح مركزين بكل من طنجة وفاس لنفس الغايات. من جانبه، قال المغني وعضو مجموعة تيناريوين، عبد الله آغ الحسيني، إن الثقافة “أوصلتنا إلى هنا، وساعدتنا على تمرير رسائلنا، ضدا على العناصر الأخرى ذات القصور في ذلك، ومنها السياسية والاقتصادية”، معتبرا أن معيشه في الصحراء “يعزله شيئا ما عن الواقع”. واعتبر المغرب أرض ثقافات تفتح آفاقا للحوار، مستشهدا بأغاني المجموعة التي تثير انتباه العالم، عن طريق الغناء، إلى قضية الطوارق. وينفتح منتدى حقوق الإنسان، الذي ينعقد هذه السنة تحت شعار “قوة الثقافة في مواجهة ثقافة العنف”، على الأفكار والبدائل المتوقعة من أجل عالم أفضل للنساء والرجال القادمين من جميع الآفاق. يذكر أن فعاليات الدورة الثانية والعشرين لمهرجان كناوة وموسيقى العالم افتتحت، مساء أمس الخميس لتتواصل حتى 23 يونيو الجاري، في رحلة استكشاف موسيقي تضم 40 حفلا موسيقيا في مختلف جنبات “مدينة ليزاليزي”.