حصد كوفيد-19 حياة أكثر من 63 ألف شخص حول العالم منذ ظهوره للمرة الأولى في دجنبر الماضي في الصين، في وقت حذّر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مواطنيه من أنّ الولايات المتحدة تدخل في “مرحلة مروّعة” جرّاء الفيروس المستجدّ.
وبلغ عدد الوفيات بفيروس كورونا المستجد في المغرب 66 وفاة إلى حدود الساعة الثامنة من صباح يوم الأحد 05 أبريل 2020، من بين 960 حالة إصابة مؤكدة تم تسجيلها إلى نفس التوقيت، فيما بلغ عدد المتعافين منه في المملكة 69 شخصا.
وكشف محمد اليوبي مدير الأوبئة ومكافحة الأمراض في وزارة الصحة في آخر تصريح له ليوم السبت 04 أبريل 2020، ظهور بؤر وبائية وسط العائلات بالمغرب، مؤكدا على أن إجراءات الوقاية من الفيروس يجب أن تكون أكثر تشددا.
وآتخذ المغرب منذ أكثر من أسبوعين تدابير من أجل الحد من انتشار فيروس كورونا المستجد، أبرزها إغلاق المدارس وتحويل الدراسة منها إلى الدراسة عن بعد من المنازل، وإغلاق الأماكن العامة بما فيها المساجد، وإصدار مساعدات مالية للأشخاص والعائلات في وضعية صعبة والمتضررة من حالة الطوارئ الصحية التي أعلنت في البلاد بسبب جائحة كورونا، كما أصدر الملك محمد السادس عفوه عن 5654 معتقلا لتفادي إنتقال العدوى في المؤسسات السجنية بالمملكة، فيما عملت الحكومة على الرفع من عدد أسرة الإنعاش بالمستشفيات خلال الأيام الماضية حيث توقع سعد الدين العثماني رئيس الحكومة أن يفوق عدد أسرة الإنعاش إلى 3000 سرير الأسابيع المقبلة.
ووفق حصيلة جمعتها وكالة الأنباء الفرنسية السبت الساعة 19,00 ت غ استنادًا إلى مصادر رسميّة، أسفر انتشار الفيروس عن وفاة ما لا يقلّ عن 63,437 شخصًا في العالم، فيما تم تشخيص أكثر من 1,169,210 إصابات في 190 دولة ومنطقة.
والدّول التي سَجّلت أكبر عدد من الوفيّات الجديدة في 24 ساعة، هي الولايات المتحدة مع 1,399 حالة وفاة جديدة، وفرنسا (1,053 حالة وفاة، وهو رقم يشمل الوفيات في دور رعاية المسنّين)، وإسبانيا (809 وفيّات).
في بريطانيا، شملت حصيلة الوفيات طفلاً في الخامسة من عمره يُعتقد أنّه أصغر ضحايا كوفيد-19 في البلاد، في مؤشّر إلى أنّ الفيروس لا يؤثّر فقط على المتقدّمين في السنّ أو الأشخاص الأكثر ضعفًا.
وبالتزامن مع ذلك يعيش مليارات الأفراد في ظلّ إجراءات حجر صحّي، حيث صار نحو نصف سكّان الأرض معزولين في منازلهم، بينما أغلقت المدارس والمؤسّسات أبوابها في مسعى للحدّ من الوباء.
في الولايات المتّحدة حيث ينتشر الوباء سريعًا، تجاوز عدد الإصابات المؤكّدة الـ300 ألف حالة. وحذّر ترامب من أنّ بلاده تدخل حاليًا “فترة ستكون مروّعة حقًا” مع “أرقام سيّئة جدًا” لناحية الخسائر البشريّة. وقال ترامب خلال مؤتمر صحفي في البيت الأبيض “يُحتَمل أن يكون هذا هو الأسبوع الأصعب. سيكون هناك كثير من الموتى”.
“الأرقام تتحسّن”
ورغم أن أوروبا لا تزال تتحمّل العبء الأكبر من تبعات الفيروس، لكنّ الأرقام الرسميّة تُشير إلى أنّ الإجراءات غير المسبوقة للحَدّ من حركة الناس بدأت تؤتي ثمارها.
وسجلت إيطاليا أول إصابة في أواخر فبراير، أحصت في المجمل 15,362 حالة وفاة من أصل 124,632 إصابة. وتمّ الإعلان عن 681 حالة وفاة و4,805 إصابات جديدة يوم السبت. وشفي 20,996 شخصا وفق السلطات الإيطاليّة.
ورغم قتامة المشهد في بريطانيا حيث ارتفعت حصيلة الوفيات إلى 4,313 حالة من أصل 41,903 إصابات، تميل دول أخرى إلى التفاؤل لكن بحذر.
وعلى سبيل المثال، شهدت إسبانيا حيث فرض عزل تام تقريبا تراجعا في عدد الوفيات المرتبطة بكورونا المستجد لليوم الثاني على التوالي إذ بلغ عدد الوفيات 809 خلال الساعات الـ24 الماضية.
وبات العدد الإجمالي للوفيات في البلاد حاليا 11 ألفا و744، ما يضع إسبانيا في المرتبة الثانية بعد إيطاليا. والآن، تراجعت وتيرة تسجيل إصابات جديدة في إسبانيا.
تبدّل في المواقف
وفي ظل تدهور الوضع سريعا في الولايات المتحدة أشارت إدارة ترامب الجمعة إلى أنّ استخدام الأقنعة الواقية البسيطة أو الوشاحات قد يُساهم في الحَدّ من تفشّي الفيروس.
من جانبها بدّلت دول غربيّة عدّة بينها ألمانيا وفرنسا مواقفها في الأيّام الأخيرة، وباتت تشجّع حتّى على استخدام الأقنعة المصنوعة في المنازل، رغم أنها كانت تشدّد سابقًا على أنّ العاملين في مجال الصحة وحدهم من يحتاجون إلى تغطية وجوههم.
وأثار هذا التحوّل حفيظة السكان وأربَكَهم، بينما ازداد انتشار تسجيلات تعليميّة على الإنترنت توضح كيفية صنع أقنعة في المنزل.
لكنّ ترامب قال إنّه لن يرتدي أيّ قناع. وأوضح “سيكون الأمر طوعيًّا. لن تكونوا مجبرين على القيام به وأنا اخترت عدم القيام به. لكن قد يرغب البعض بذلك فلا بأس”.
وتحدّث مدير معهد الأمراض المعدية أنطوني فاوتشي العضو في خلية الأزمة في البيت الأبيض، عن معطيات تشير إلى أن “الفيروس يمكن في الواقع أن ينتقل عندما يتبادل الناس الحديث، وليس عند السعال أو العطس فحسب”.
لكنّ منظّمة الصحة العالميّة بدت أكثر حذرًا في هذا الصدد، رغم أنّها تعيد مراجعة إرشاداتها.
ويرجّح أن تزيد التوصية الأمريكية من سوء الوضع في ظل النقص الكبير في الأقنعة في الولايات المتحدة وأوروبا اللتين تعتمدان بشكل كبير على الاستيراد من الصين. وبدأ مسؤولون في نيويورك نصح السكان بارتداء الأقنعة منذ أيام.
وقال العامل الحرفي إدي ماريرو (58 عاما) “أحاول وقاية نفسي وعائلتي. إذا حاول الجميع وقاية أنفسهم فسيكون الأمر أفضل بالنسبة إلينا جميعا”.
أما في تركيا، فسيكون على جميع مرتادي الأسواق ارتداء أقنعة اعتبارا من السبت.
تمديد العزل التام
رغم المؤشرات المبدئية بأن إجراءات العزل بدأت تؤتي ثمارها، حذرت الحكومات الأوروبية مواطنيها من توقّع تخفيف القيود عمّا قريب.
وقالت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل إنّ الأرقام التي تُظهر بطء انتشار الفيروس “تعطينا القليل من الأمل” رغم ارتفاع حصيلة الضحايا السبت.
وأضافت “لكن بكل تأكيد من المبكر جدا رؤية اتجاه واضح لذلك، ومن المؤكد أن من المبكر التفكير بأي طريقة بتخفيف القواعد المشددة التي أعطيناها لأنفسنا”.
بدوره، أعلن رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز تمديد العزل التام حتى 25 أبريل للحد من الانتشار ومساعدة المنظومة الصحية على التعافي. وقال “نعلم أن أسابيع العزل الثلاثة تلك تؤتي أكلها”.
في فرنسا، انتشر نحو 160 ألفا من عناصر الشرطة والدرك في أرجاء البلاد لضمان التزام الناس بإرشادات العزل تزامنا مع بدء عطلة عيد الفصح حيث تقصد العائلات عادة الأرياف والشواطئ أو الجبال.
“الآتي أسوأ”
توازيًا، صدر تحذير يخصّ دول العالم الأقل تقدّمًا، خصوصًا مناطق النزاعات أو تلك التي تضمّ عددًا كبيرًا من اللاجئين.
وقال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس إنّ “الآتي أسوأ” بالنسبة إلى بلدان مثل سوريا وليبيا واليمن حيث “تتّجه عاصفة كوفيد-19 الآن إلى مسارح النزاعات تلك”.
وأعلنت ليبيريا، الدولة الفقيرة التي تقع غرب إفريقيا، أنّ مسنًّا يبلغ 73 عامًا بات أوّل مواطن يتوفى جراء الفيروس.
وتأذى الاقتصاد العالمي بسبب الوباء وتبعاته، حيث تقدم الملايين بطلبات إعانة البطالة في الولايات المتحدة.
أما وكالة التصنيف المالي “فيتش” فتوقعت تقلص اقتصادات الولايات المتحدة ومنطقة اليورو في الربع الجاري من العام بنسبة 30 في المئة.
وتوقعت الأمم المتحدة “ركودا عميقا” في أمريكا الجنوبية مع تقلص الناتج الإجمالي المحلي بنسبة ما بين 1,8 إلى 4 في المئة.