المغرب يعد من الدول الرائدة عالميا في نهج خطط استباقية لمواجهة فيروس كورونا المستجد (كوفيد 19)، وذلك عبر اتخاذ إجراءات احترازية عديدة، حالت دون انتشار الوباء بشكل كبير وواسع، كما وقع في دول عدة، تهاونت، في البداية، بالتعاطي الجدي مع الإرهاصات الأولى لانتشاره.
وفي الوقت الذي تجتهد فيه وزارة الداخلية، خاصة على مستوى أعلى الهرم، في مواجه كوفيد 19، نجد الهفوات تتوالى من مسؤولين، من الفروض أن يكونوا الأكثر حرصا على التطبيق الصارم لـ”تعليماتهم”، و”توجيهاتهم”، و”نصائحهم”.
وعلى رأس هؤلاء المنتمون لوزارة من المفروض أنها القطاع الأكثر سهرا على تطبيق هذه التوجيهات، وهي وزارة الصحة، التي تعتبر الساهر على صحة المغاربة، ليس فقط في هذه اللحظة الاستثنائية، وإنما في أي وقت من الأوقات.
إن ما وقع ظهر يوم أمس (الأربعاء) بمصحة خاصة وسط الدار البيضاء، والذي كان بطله طبيب، يعي تماما الوعي، وأكثر من أي شخص آخر ما معنى الحجر الصحي وحالة الطوارئ الصحية، وقواعد السلامة والوقاية المفروضتين في مثل هذه الظروف الاستثنائية، حيث تجمع العشرات من الأشخاص، والمصورين، الذين التصقوا ببعضهم البعض، غير مكترثين بما يمكن أن يحدث نتيجة ذلك من نقل وتناقل للفيروس، وانتشاره…
وإذا كان الطبيب يبحث عن شهرة لمصحته، ويريد تحقيق أهداف “تجارية” على حساب صحة المواطنين، ضاربا عرض الحائط استراتيجية الدولة في حماية الوطن برمته، من وباء يتفشى بسرعة وينتقل بين الأفراد، ولا يميز بين الفقير والغني، فإن ما بدر من مستشار قريب من وزير الصحة، مكلف بالإعلام، والمفروض أنه الأكثر اطلاعا على الخطة الوطنية وكل الإجراءات المتخذة لمواجهة هذه الجائحة، تثير أكثر من علامة استفهام.
وأولى علامات الاستفهام هي تحمس مستشار الوزير في الإعلام (حفيظ الزهري) “سكر زيادة”، والإعلان عن موعد مغادرة أربع حالات شفيت من فيروس كورونا المستجد (كوفيد -19) ضمنها اثنين من أسرة واحدة، يوم الأربعاء، بمصحة خاصة في الدار البيضاء، بعد تأكيد شفائهم التام، في مجموعة “خاصة” على تطبيق التواصل الفوري “وات ساب”.
هذه الزلة من “بو الزبايل” مستشار وزير الصحة في الإعلام، حمست الزملاء الصحافيين والزميلات الصحافيات، ولبوا نداء المستشار الإعلامي، وحلوا جماعات لنقل “الحدث” الكتف على الكتف (انظر الصور)، لنقل “الحدث” شفاء أربع حالات، غير مبالين باحتمال إصابة أضعاف أضعاف المتعافين، جراء تهور طبيب ومستشار في الإعلام، لم يستفيدا من الدرس.
أما ثاني علامة استفهام فهي : كيف ينشر مستشار إعلامي لوزير إعلانا خاصا بمصحة خاصة، علما أن حالات شفاء من الفيروس عديدة شهدتها مستشفيات حكومية (عمومية) لم تحظى باهتمام “بو الزبايل”..
إن نشر مستشار وزير الصحة المكلف بالتواصل هذا الخبر بإحدى المجموعات على تطبيق “وات ساب” تسمى ” فضاء إعلاميي وزارة الصحة”، هو بمثابة تهور، وبالمناسبة إن اسم “إعلاميي وزارة الصحة”، اسم غريب على قطاع الصحافة، لأنه لم يسبق أن كان يوما ما صحافيون ينتسبون لوزارة أو قطاع بعينه، وهي بدعة، قد تليها بدع أخرى.