جمال الخنوسي
أخيرا بدأت مجموعة MBC تلعب “على المكشوف”، وأخرجت الأسلحة الثقيلة، ولنقل أخرجت السيوف من أغمادها حتى نبقى دائما في جو الجزيرة العربية، من أجل الغزوة الكبرى الحاسمة.
فبمناسبة الشهر الكريم، حيث يزداد الإقبال على التلفزيون، وحيث القنوات الوطنية تحقق رقما مهما في معاملاتها الإشهارية، دخلت المجموعة السعودية المضمار، ليس كمنافس بل غاز، وكشفت عن برمجتها الرمضانية مرفقة بعروضها الإشهارية لنهب “ما تيسر” من عملة صعبة في هذه الظروف الصعبة، أكثر من هذا، بدأت بث الأعمال الدرامية قبل بداية رمضان لحشد المتابعين وإرباك الخصم.
ويجب أن نقولها اليوم وبصراحة: MBC 5 ليست قناة سعودية منافسة لقنواتنا الوطنية، بل هي عدو حقيقي وسلاح دمار شامل لا يريد بنا وببلدنا خيرا.
كيف ذلك؟
للإجابة عن هذا السؤال سنكتفي بالحديث عن ثلاث مستويات:
المستوى المادي: وتسعى من خلاله القناة السعودية للحصول على حصتها من الكعكة الاشهارية في المغرب: حوالي ملياري درهم، وبالتالي ستعرض توازنا هشا للخطر حيث ستتأثر كل من القنوات التلفزيونية العمومية وعلى رأسها قناة دوزيم التي يمثل الاشهار حوالي 95 في المائة من ميزانيتها، ويوفر للشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة ما يمثل 15 في المائة من ميزانيتها العامة. وستتأثر القنوات التلفزيونية الخاصة مثل ميدي 1 تيفي، وتيلي ماروك، وشدى تيفي، والمحطات الإذاعية الخاصة والصحافة الالكترونية والورقية… مع العلم أن حصة الاشهار تعرف تراجعا ب1 في المائة كل سنة منذ 2008. وسيكون بالتالي أي تهديد لهذا التوازن المالي الهش هو تهديد للمشهد السمعي البصري برمته، كما سيقطع احتكار المجموعة السعودية للسوق، الطريق أمام أي مستثمر أو مشروع جديد. أي أن الهلاك سيكون عاما وشاملا.
المستوى الإعلامي: سيجعل هذا التحول إعلامنا هزيلا جدا، وفي موقف ضعيف وهش، وبالتالي سيرتفع صوت العدو أكثر فأكثر، ويزيده تغلغلا خصوصا أنه أبان عن نواياه ونزعاته العدائية اتجاه بلدنا. ويكفي هنا أن نشير إلى أمرين آنيين بسيطين: الأول، الهجمة التي يقودها الذباب الالكتروني الاماراتي ضد المملكة، في شبكات التواصل الاجتماعي وخصوصا تويتر، بترويج الأخبار الزائفة حول المجاعات التي يعرفها المغرب الآن بسبب كورونا. ثم ما تقوم به قناة العربية السعودية التي تتحدث كل يوم عن آلاف المصابين ومئات القتلى في المغرب، وما يرافق ذلك من تهويل الغرض منه نشر الذعر وزعزعة استقرار البلاد والعباد. وإذا ما تغلغلتMBC5 وتغولت في المغرب من خلال ذافويس وماستر شاف وغيرها من انتاجات البيترودولار، فكأننا نشعل فتيل نار وسط كومة قش، أو ندخل الذئب إلى خم الدجاج.
المستوى الجيو سياسي: وهو الجانب الأهم حيث أنه ومهما كانت المداخيل الاشهارية التي ستسبيها المجموعة الخليجية، فإن القصد الرئيسي من الغزوة السعودية هو التموقع في المنطقة باستعمال القوة الناعمة soft power ، والسير على منوال عدوها اللدود قطر الذي حقق بقناة الجزيرة وبين سبورت ما لم تحققه ملايير البترول في السعودية والامارات. ويأتي المد الإعلامي السعودي كجزء من خطة مواكبة للتحولات التي تشهدها السعودية مع بروز اسم ولي العهد محمد بن سلمان. أضف الى ذلك تصدير الوهابية المتزمتة والاسلام المتطرف والنظرة الجيوسياسية المتمثلة في الاخضاع والتبعية والهيمنة…
اننا اليوم وأكثر من أي وقت مضى مطالبون بالتعامل الحذر اتجاه الأعداء، وبالتضامن والتآزر فيما بيننا، خصوصا مع جائحة كورونا التي كان لها وقع مدمر على الاقتصاد الوطني. ما يدفعنا للالتزام أكثر والمساهمة في كل ماهو made in Morocco . ففي الوقت الذي تحاول فيه البلاد أن تجد توازنا اقتصاديا، سيفتح المهرولون الباب لتهريب العملة الصعبة عبر بوابة الاشهار لصالح فاعل جديد لا يقدم سوى الترفيه البليد.
لأجل كل هذا، فقناة MBC 5 ليست قناة تلفزيونية، إنها سلاح دمار شامل، قناة MBC 5 ليست خصما أو منافسا إعلاميا، بل هي عدو حقيقي تسلل إلى عقر دارنا، ولا يريد بنا وببلدنا خيرا، وبالتالي يجب أن يفهم المستشهرون، والمستهترون، من شركات للاتصالات والبناء والتغذية والحفاضات والمشروبات.. الذين سيتعاملون مع هذه المؤسسة الإعلامية الغازية، أن ما سيقومون به هو فعل غير وطني، وارتماء في أحضان عدو خرج علينا بنواياه المكشوفة والجلية، ويسعى الى تدمير إعلامنا ومؤسساتنا واقتصادنا وبلدنا.
فهل سنكون في مستوى الامتحان جديد، ونرفع التحدي لمقاومة الأبناء المدللين لدول الخليج؟